الدور الروسي في الاتفاق بين النظام وPKK/PYD



الصورة: نقطة تفتيش تابعة لوحدات الحماية الشعبية الكردية. المصدر مجموعة الأزمات الدولية.

في مطلع هذا الأسبوع، حاولت بعض الجماعات المسلحة، والمسماة بـ “قوات الدفاع الوطني” العاملة تحت مظلة نظام الأسد، الدخول إلى عفرين بقافلة تعدادها عشر آليات، حتى إن صورًا بُثّت حول تحرك الرتل نفسه، عبر منطقتي نبل والزهراء الواقعتين تحت سيطرة الميليشيات المدعومة من إيران.

ظهرت أثناء البثّ المباشر، في محطات تلفزيونية لبنانية وسورية، وفي بعض المحطات الإيرانية، صور عن وجهة الرتل المتجه إلى عفرين، واستهدافه بنيران المدفعية والطائرات الموجّهة التابعة للقوات المسلحة التركية، على بعد 10 (كم) من مركز المدينة.

هذا الموقف كان -بلا ريب- تحذيرًا مهمًا وعازمًا، يُظهِر ردة فعل تركيا تجاه المساومة القذرة، بين الأسد وتنظيم PKK/PYD الإرهابي في عفرين، بل تجاه ما يتخطّى ذلك إلى مساومات تشمل عموم أنحاء سورية.

وعلى إثر الواقعة؛ أجرى رئيس الجمهورية أردوغان اتصالًا هاتفيًا بزعماء كل من روسيا وإيران، وبيّن مواقف تركيا الواضحة حول المسألة، وأطلعهم على ما جرى من تقييم للمسألة، خلال اجتماع مجموعة حزبه.

تصريحات رئيس الجمهورية أردوغان في هذا الصدد التي قال فيها: “إن إتاحة الفرصة لهؤلاء أمر غير ممكن، وسيدفعون ثمن ذلك غاليًا”، كانت من أول وهلة إشارة إلى أن تركيا لن تسمح، بأي شكل من الأشكال وتحت أي ظرف كان، بوجود جماعات مسلحة قريبة من نظام الأسد، في عفرين.

إلى جانب ذلك، فقد انتشرت مؤخرًا، في وسائل التواصل الاجتماعي، صور ومشاهد عديدة، حول رؤية بعض الجماعات المسلحة، ومن بينها جماعات مدعومة من إيران، ترفع علم ورايات نظام الأسد، في مركز مدينة عفرين، وفي ناحيتي جنديرس وراجو في ريف المدينة. ويظهر في هذه المشاهد والصور اتخاذ جنود النظام المواقع ذاتها، جنبًا إلى جنب وإرهابيي PKK/PYD، رافعين صورًا لبشار الأسد. في الوقت الذي كان فيه إرهابيو PKK/PYD يحملون خرقًا وصورًا لرأس الإرهاب وزعيمه.

منذ بدء عملية (غصن الزيتون) حتى الآن، يواصل تنظيم PKK/PYD الإرهابي محاولاته لتعزيز وتقوية جبهة عفرين، بجلب أعداد كبيرة من العناصر الإرهابية، من مختلف مناطق سورية، مع أسلحة توصف بالثقيلة، ويسعى لإدخالها إلى عفرين، عن طريق نبل والزهراء عبر المناطق والميادين التي تُحكِم جماعات مسلحة تابعة لإيران ونظام الأسد، السيطرة عليها.

كما تبيّن أثناء عملية الإمداد هذه، قيام تنظيم PKK/PYD الإرهابي، بتسليم أسلحة ثقيلة، وبعض المدرعات التي حصلت عليها من الولايات المتحدة الأميركية، بذريعة القتال ضد داعش، لقوات نظام الأسد، والجماعات المسلحة المدعومة من إيران على وجه الخصوص.

إضافة إلى ذلك، من المعلوم أن مفاوضات تجري -منذ مدة طويلة- بين نظام الأسد وتنظيم PKK/PYD الإرهابي، بإشراف روسيا، تتعلق بكيفية إدارة سورية مستقبلًا، والمناطق التي سيقوم التنظيم بإدارتها طبقًا لهذه المفاوضات، وهل سيدير التنظيم هذه المناطق عبر حكم ذاتي، أم عن طريق اتحاد فيدرالي!

ولذلك، فإن التطورات والمستجدات الأخيرة، يجب تناولها من منظور أوسع، وليس من الإطار الضيّق الذي يشمل عفرين فقط. لأنه يجب عدم التجاهل بأن أي اتفاق سيتم التوصل إليه في مسألة عفرين، قد ينسحب في الحقيقة على مناطق أخرى في سورية.

كما أن الموقف الروسي جليّ وواضح في عملية كهذه أيضًا، ذلك بأنه من غير الممكن القول إن الخطوات التي يخطوها أو التي قد يخطوها نظام الأسد على الأرض في سورية، تجري من دون علم روسيا، وبالأخص في قضية حساسة كهذه تهم تركيا.

ولكن الظاهر أن ما تنتظره روسيا أساسًا، مع تعاظم أهمية الاتفاق الذي سيتم بين نظام الأسد وPKK/PYD ابتداءً من عفرين، هو مدى ردة الفعل التركي على ذلك، والأبعد من ذلك مدى القبول أو عدم القبول به. وعلى ذلك؛ فإن أبدت تركيا موقفًا يوحي بالقبول بوضع كهذا، فإن السيناريو عينه يمكن أن يدخل موضع التنفيذ والتطبيق، في أماكن أخرى من سورية واقعة حاليًا تحت سيطرة PKK/PYD، بشكل يؤسس لبناء نموذج إدارة للحكم في سورية مستقبلًا.

الرؤية الروسية تتجلّى باتجاه تأمين بقاء إدارة المناطق الواقعة في الوقت الراهن تحت سيطرة تنظيم PKK/PYD الإرهابي، وتحويلها بعد ذلك إلى كيان شرعي يُصاغ في إطار تأسيس تبعيّته وارتباطه بنظام الأسد. وإذا ما استطاعت روسيا إقناع تركيا؛ فإنها ستضع كل جهودها على الأرض لإقناع الولايات المتحدة أيضًا. وإلى جانب هذا، فإن دعوة وزير الخارجية الروسية لافروف بوجوب فتح باب الحوار، بين تركيا ونظام الأسد، تثير القلق والمخاوف؛ إذ كيف ستفتح تركيا حوارًا مع نظام الأسد؟ تحت أي شروط، وفي ظل أي ظروف!

إن تركيا، بالموقف الذي تنتهجه منذ بداية الأزمة حتى الآن، بضرورة سلامة ووحدة التراب السوري، وهذا الموضوع ليس بجديد، تؤكد على وجوب تقرير شعب سورية الأصلي والحقيقي الذي لا يتواجد بينه تنظيمات إرهابية، شكل المستقبل في سورية. حيث إن اعتراضها الأساسي هو على عدم صحة وأخلاقية الحوار الرسمي المباشر مع نظامٍ ارتكب جرائم حرب بحق مواطنيه وشعبه.

من جانب آخر، وتجاه اتفاق محتمل قد يرى النور فقط في سبيل الحفاظ على بقاء الأسد وحماية موقعه، بموجب مفاوضات جارية الآن بين نظام الأسد وتنظيم PKK/PYD الإرهابي، فإن من المتوجب العلم، باستحالة قبول تركيا لاتفاق قذر كهذا، بالاستجابة لدعوات فتح الحوار مع النظام.

ولهذا، ولما كانت الظروف الراهنة تُظهر، بشكل واضح وجليّ، عدم إمكانية إيقاف عملية (غصن الزيتون)، فإن الاعتقاد بأن الموقف الروسي سيسحب الأمور إلى نقطة خطرة، هو اعتقاد في محله. وإلا؛ فقد تتولد نتائج لا يمكن تجنبها باستهداف القوات المسلحة التركية لقوات النظام التي تقف في خندق واحد، في المواقع نفسها مع عناصر تنظيم PKK/PYD الإرهابي، بسبب عدم إمكانية الفصل بينهما.

تركيا عازمة، في نطاق موقفها المحق وفي إطار الشرعية، على عدم السماح لأي تنظيم إرهابي بالتواجد على مقربة من حددوها، بأي شكل من الأشكال، سواء أحصل التنظيم على الدعم من السلطة في تلك الدولة أم لم بحصل. وعليه؛ فعلى الذين رأوا أن من المستحيل تنفيذ أي خيار لا يجلب لنا تذليلًا ودفعًا لمخاوفنا الأمنية، وخاصة في السياق السوري، أن يقوموا من أجل تخفيف حدة التوتر، بأداء ما عليهم، وتحمل المسؤوليات الملقاة على عاتقهم.

ولكيلا ينتهي مصير العملية التي ابتدأت بحلب، وما زالت مستمرة في إدلب، بالفشل، فإن تحرك الدول (بالأخص تلك التي تعمل في سياق مفاوضات أستانا) على أسس الاحترام لتوقعات وآمال الطرف الآخر، أمرٌ على غاية من الأهمية.

Rejim ve PKK/PYD Arasındaki Anlaşmada Rusyanın Rolü العنوان الأصلي للمقالة İsmail Özdemir اسم الكاتب: إسماعيل أوزدمير Ortadoğu gazetesi-23.02.2018 المصدر وتاريخ النشر http://ortadogugazetesi.net/makale.php?id=26181

رابط المقالة علي كمخ المترجم 899 عدد الكلمات

 


علي كمخ


المصدر
جيرون