“أمنستي” تستعرض انتهاكات حقوق الإنسان في سورية



أصدرت (منظمة العفو الدولية) اليوم الجمعة، تقريرها السنوي المعنون بـ (حالة حقوق الإنسان في العالم للعام 2018/2017) الذي يغطي (159) بلدًا، ويقدم التحليل الأكثر شمولية لحالة حقوق الإنسان في العالم اليوم. وقد أفرد تقرير المنظمة الموسّع جانبًا للحديث عن الانتهاكات الإنسانية والحقوقية المرتكبة بحق المدنيين في سورية، خلال العام الماضي.

ذكر التقرير-ترجمته جيرون- أنه “على الرغم من دخول الحرب في سورية عامها السابع، استمرت قوات النظام السوري، بمشاركة القوات والميليشيات الحليفة لها، في ارتكاب جرائم حرب، وغيرها من الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني، ومنها الهجمات العشوائية والهجمات المباشرة على المدنيين والأعيان المدنية، كالمنازل والمشافي والمرافق الطبية”.

أضاف التقرير: “هاجمت قوات النظام السوري مناطق خاضعة لسيطرة جماعات المعارضة المسلحة؛ ما تسبَّب بقتل مدنيين بصورة غير مشروعة، وإصابة آخرين بجروح، وإلحاق أضرار بالبنى التحتية نتيجة للقصف الجوي والمدفعي”.

في الرابع من نيسان/ أبريل، شن طيران النظام السوري هجومًا على بلدة خان شيخون في ريف إدلب، مستخدمًا أسلحة كيميائية محظورة دوليًا، وأسفر الهجوم عن مقتل ما يزيد على 70 مدنيًا وجرح مئات آخرين. وفي 30 حزيران/ يونيو، توصلت منظمة (حظر الأسلحة الكيميائية) إلى استنتاج مفاده أن “السكان في خان شيخون تعرضوا في ذلك الهجوم لغاز السارين المؤذي للأعصاب والمحظور”.

كذلك شنت قوات النظام، في التاسع عشر من أيلول/ سبتمبر، ضربات جوية على ثلاثة مشافي في محافظة إدلب، أدت إلى مقتل أحد أفراد الطاقم الطبي، وتدمير سيارات إسعاف، وإلحاق الضرر بالمرافق.

وفي 13 تشرين الثاني/ نوفمبر، نفذت قوات النظام والطائرات الروسية ضربات جوية خلال النهار على سوق كبير في (الأتارب) بريف حلب الغربي، والخاضعة لسيطرة المعارضة؛ ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 50 شخصًا، جلُّهم من المدنيين.

الحصار والحرمان من الحصول على المساعدات الإنسانية

واصلت قوت النظام فرض حصار لمدد طويلة على مناطق، تقطنها أغلبية من السكان المدنيين. وأكد التقرير أنه من أصل 419,920 شخصًا محاصرين في سورية، ثمة نحو 400,000 محاصرون من قبل النظام في الغوطة الشرقية.

يقوم النظام بحرمان سكان المناطق المحاصرة من الحصول على الرعاية الطبية، ومن السلع والخدمات الأساسية الأخرى والمساعدات الإنسانية، فضلًا عن أنها كانت تعرِّضهم للضربات الجوية المتكررة والقصف المدفعي وغيره من الهجمات. وفي تشرين الأول/ أكتوبر، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أن 232 طفلًا في الغوطة الشرقية يعانون سوء التعذية الحاد.

النزوح القسري للمدنيين

أدت “اتفاقات المصالحة”، بين قوات النظام وفصائل المعارضة في الفترة بين آب/ أغسطس 2016، وآذار/ مارس 2017، إلى النزوح القسري لآلاف السكان من خمس مناطق محاصرة، وهي: داريا، والجزء الشرقي من مدينة حلب، وحي الوعر في مدينة حمص. حيث أرغم الحصار القاسي والطويل، لهذه المناطق المكتظة بالمدنيين، فصائل المعارضة على الاستسلام، وعقد اتفاقٍ تمخَّض عن إخلاء المقاتلين، ونزوح جماعي للمدنيين.

ووصفت (أمنستي) عمليات الحصار هذه بأنها “غير قانونية، ووصلت الى حد الجرائم ضد الإنسانية”. مشيرة الى أن القصف الشديد والحصار الطويل جزء من سياسة ممنهجة يتبعها النظام السوري ضد المدنيين، لإخضاعهم.

التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة

استمر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة للمعتقلين، على أيدي أجهزة الأمن والمخابرات التابعة للنظام السوري، والمتفشية على نطاق واسع. وظلت معدلات وفيات المعتقلين في الحجز نتيجة للتعذيب مرتفعة.

منذ عام 2011 حتى الآن، توفي عدد كبير من المعتقلين في “سجن صيدنايا” العسكري، على إثر تعرُّضهم المتكرر للتعذيب، والحرمان من الطعام والماء والتهوية والدواء والرعاية الطبية، بشكل ممنهج، ودُفنت جثامينهم في مقابر جماعية.

في آب/ أغسطس، علمتْ عائلة باسل خرطبيل، مطوِّر البرمجيات، أنه قُتل في عام 2015 بعد “محاكمته”، و”الحكم عليه بالإعدام”، من قبل المحكمة الميدانية العسكرية في القابون.

وكان باسل خرطبيل قد اعتُقل في 15 مارس/ آذار 2012 من قبل “المخابرات العسكرية السورية”، واحتُجز بمعزل عن العالم الخارجي لمدة ثمانية أشهر، قبل نقله إلى “سجن عدرا” بدمشق في كانون الأول/ ديسمبر 2012. وظل في سجن عدرا حتى 3 تشرين الأول/ أكتوبر 2015، عندما نُقل إلى مكان غير معلوم قبل إعدامه.

انتهاكات (داعش)

تسببت الهجمات المباشرة والعشوائية التي ارتكبها تنظيم (داعش) ضد المدنيين بقتل وجرح الكثيرين. خلال عملية استعادة السيطرة على الرقة من قبل التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، منَع تنظيم (داعش) السكان من الفرار من المدينة، واستخدمهم كدروع بشرية.

كما تسببت سلسلة من العمليات الانتحارية التي نفذها التنظيم، بمقتل عشرات المدنيين، ومنها التفجير الذي وقع في مدينة حلب في شباط/ فبراير 2017، وأسفر عن مقتل 50 شخصًا، والتفجير الذي وقع في تشرين الأول/ أكتوبر في العاصمة دمشق، وأسفر عن مقتل 17 مدنيًا.

نقلت (أمنستي)، عن تقارير حقوقية، أن تنظيم (داعش) قتَل ما يزيد على 100 مدني متّهَمين بالتعاون مع الحكومة، في بلدة (القريتين) بمحافظة حمص، قبل أن تستعيد قوات النظام السيطرة عليها.

انتهاكات التحالف الدولي

تسببت الضربات الجوية التي نفذها التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم (داعش)، بقتل وجرح عشرات المدنيين. وشكّل بعض هذه الضربات انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني.

في حزيران/ يونيو، استخدمت قوات التحالف بصورة غير قانونية ذخائر الفوسفور الأبيض، ضد الأحياء المدنية خارج مدينة الرقة. وأسفرت سلسلة من الضربات التي نفذها التحالف بقيادة الولايات المتحدة، على مزرعة في شمال غرب الرقة، عن مقتل 14 شخصًا من عائلة واحدة (ثماني نساء ورجل واحد وخمسة أطفال). كما أدت ضربة جوية في تموز/ يوليو استهدفت منازل في ضواحي الرقة الشمالية، إلى مقتل 31 شخصًا.

كذلك قصفت قوات التحالف قوارب كانت تعبر نهر الفرات، جنوب الرقة؛ ما أدى إلى مقتل عشرات المدنيين الذين كانوا يحاولون الفرار من القتال الكثيف في المدينة. ولم يُجر التحالف تحقيقًا كافيًا في الأنباء المتعلقة بالخسائر في صفوف المدنيين، ومزاعم انتهاكات القانون الدولي الإنساني.

انتهاكات ميليشيات (ب ك ك)

واصلت ميليشيا (قسد) سيطرتها على معظم المناطق الحدودية الشمالية التي تقطنها أغلبية كردية. وقبضت على عدد من ناشطي المعارضة السورية من العرب والكُرد، ومن بينهم عدد من أعضاء “المجلس الوطني الكردي في سورية”، واحتجزتهم بصورة تعسفية. وقد وُضع العديد منهم قيد الاحتجاز الذي يسبق المحاكمة لمدد طويلة في ظروف احتجاز متردية.

اللاجئون والنازحون داخليًا

ذكر التقرير أنه في الفترة بين عام 2011 وعام 2017، نزح 6.5 مليون شخص داخل سورية، ولجأ حوالي 5 مليون شخص إلى الخارج، وأصبح 511,000 شخص منهم لاجئين خلال عام 2017، وفقًا لـ (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) و(مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية).

وفرضت البلدان المجاورة، وهي تركيا ولبنان والأردن، قيودًا على دخول لاجئين جدد، الأمر الذي عرَّضهم لمزيد من الهجمات والانتهاكات والحرمان في سورية. واضطر النازحون داخليًا إلى العيش في مخيمات مؤقتة، بقدر محدود من المساعدات أو الاحتياجات الضرورية، أو فرص كسب العيش التي يمكنهم الحصول عليها.


نسرين أنابلي


المصدر
جيرون