عن مستقبل القطاع التعليمي في الغوطة الشرقية



منذ بدء الحملة العسكرية الشرسة من قبل النظام وروسيا ضد مدنيي الغوطة الشرقية المحاصرة؛ تعرضت كل مفاصل الحياة لشلل تام شمل كافة القطاعات، ومنها القطاع التعليمي المتهالك أصلًا.

خلال التصعيد الأخير، كانت المدارس هدفًا رئيسًا لطائرات النظام الذي لم يدخر أي جهد، للقضاء على كل أشكال الحياة في الغوطة الشرقية. وتسبب القصف بدمار العديد من المدارس، بشكل كلي أو جزئي، ومقتل ما لا يقل عن 50 طالبًا، من مراحل تعليمية مختلفة، بحسب إحصاء للمكتب التعليمي لبلدة (سقبا)، بعضهم توفي في المدارس، وآخرون في أثناء الذهاب أو العودة.

علاء ظاظا، مدير البرامج في (شبكة حراس الطفولة)، العاملة في الغوطة الشرقية والمعنية بالحماية والتعليم، تحدث لـ (جيرون)، خلال مشاركته في فعالية (أنقذوا الغوطة) التي أقامتها (شبكة جيرون الإعلامية) في مدينة غازي عنتاب التركية، (https://geroun.net/archives/112225)، عن إمكانية تعافي القطاع  التعليمي واستئناف التدريس، في حال شهدت المنطقة هدوءًا نسبيًا، قائلًا: “في ظل هذه الظروف الكارثية، ستكون عودة القطاع التعليمي بحاجة إلى وقت، لكن إجمالًا هناك مرونة وقدرة على التكيف لدى الأطفال، رغم قسوة الظروف التي يعيشونها. وإذا عاد الوضع الأمني إلى ما كان عليه؛ فإن القدرة على تعافي القطاع التعليمي ستكون موجودة. لكن حاليًا الحركة معدومة بشكل تام، ولا نستطيع أن نفعل أي شيء”.

بحسب ظاظا، معظم مدارس الغوطة، حتى قبل الحملة العسكرية الأخيرة، كانت في أقبية تحت الأرض، من دون أدنى الشروط التي يجب توفرها، لكن الكوادر التدريسية اعتادت على العمل، ضمن هذه الظروف.

ولأن البقاء على قيد الحياة أصبح أولوية، بالنسبة إلى المدنيين والمنظمات الإنسانية الداعمة لهم، يقول ظاظا: “إن معظم المؤسسات والمنظمات المعنية بحماية الطفل والتعليم، أصبحت تؤدي أدوارًا في الإغاثة السريعة والمنقذة للحياة. الأولوية القصوى في هذه الأيام هي لتأمين الغذاء والحليب والدواء للأطفال”.

أضاف: “لكن في حال استقرّت الأوضاع؛ فسيكون هناك انتقال تدريجي للتعليم المنزلي أو ضمن الملاجئ والأقبية، وهو شكل من أشكال التعليم غير الرسمي. وفيما بعد يمكن تعويض الأطفال، في فترة الصيف، من خلال التعليم المكثف”.

متطلبات عودة التعليم في الغوطة الشرقية لا تتوقف فقط على الوضع الأمني وتوفير مستلزمات الدراسة؛ إذ إن هناك حاجة لتأهيل الأطفال نفسيًا، قبل البدء بتعليمهم. فمعظم من بقي منهم على قيد الحياة يعانون من صدمات نفسية قاسية، بسبب رؤيتهم مشاهد القتل والدمار الوحشية.

يعلّق ظاظا على هذه النقطة، بالقول: “معظم الأطفال حاليًا يعانون انخفاضًا في التركيز، وضعفًا في القدرة على الاستيعاب والتفاعل. ولا يجب أن ننسى أن معظمهم وُلدوا في الأساس خلال الحصار، وكل ما رأوه حتى الآن هو هذا الوضع المزري. لكن بالرغم من ذلك، هناك الكثير منهم يتمتعون بمعنويات عالية، وبالمرونة والتكيف مع الظرف الحالي. لكن الأمر يبقى متوقفًا على الظروف المحيطة بهم”.

أشار ظاظا إلى أن “أهم نقطة في موضوع الدعم النفسي للأطفال هي عودة الروتين الطبيعي للحياة. فالأطفال حاليًا يعيشون كل يوم بيومه، ولا يعرفون ماذا يخبئ لهم الغد. لذلك من الصعب الحديث عن الصحة النفسية وعودة الاستقرار النفسي إليهم، في ظل الوضع الحالي”.

دان تقرير لـ (هيومن رايتس ووتش)، صدر مطلع العام الحالي، استهداف النظام وروسيا للأطفال والمدارس في الغوطة الشرقية، وطالب مجلسَ الأمن بالقيام بدوره لوقف هذه الهجمات غير المشروعة، بحق الأطفال والمرافق التعليمية.


نسرين أنابلي


المصدر
جيرون