نيو يورك تايمز: شراكة لصعود الديكتاتورية



أحد عناصر الشرطة العسكرية الروسية يقف حرسًا بين صور الرئيسين: بشار الأسد وفلاديمير بوتين، خارج مكتب في ضواحي دمشق. صورة لؤي بشارة/ وكالة الصحافة الفرنسية- صور جيتي

 

إنه حقًا لمحور الشر.

في هذا الأسبوع، أفادت صحيفة (تايمز) أن محققي الأمم المتحدة قاموا بتجميع ملفٍ يضم أكثر من 200 صفحة، يحتوي على أدلةٍ مستفيضة على تزويد كوريا الشمالية، بأسلحةٍ كيميائية محتملة وأجزاءٍ من صواريخ بالستية، لنظام بشار الأسد في سورية. وكانت بيونغ يانغ قد حاولت في السابق تزويد الأسد بمفاعل نووي، لكن الإسرائيليين قاموا بتدميره في غارةٍ جوية عام 2007.

بيونغ يانغ ليست المساعد الوحيد لدمشق، ففي تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، استخدمت موسكو -وهي التي تزود الأسد بقواتٍ جوية ليقصف شعبه- (الفيتو) العاشر والحادي عشر للدفاع عن الحكومة السورية في مجلس الأمن؛ لإنهاء عمل اللجنة المستقلة من الخبراء المكلفين بالتحقيق في استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية، كما استخدمت بكين حقها في النقض لمساعدة الأسد، في ست مناسبات.

بعدئذٍ هناك إيران، التي ما زالت تستثمر في إنقاذ الأسد من الموت، منذ بداية الثورة ضده عام 2011، حيث قامت طهران، من خلال وكيلها اللبناني “حزب الله”، بتزويد الأسد بمعظم قواته البرية الأكثر فعالية ووحشية.

لماذا يجب على الثيوقراطية الشيعية، واللصوصية الروسية، والأهوج الكوري، وابن السماء الصيني، أن يتّحدوا -علانية- ​​لإنقاذ دكتاتورية “البعث” المقيتة الواهية؟!

لم يأخذ هذا السؤال حقه بما فيه الكفاية في كثير من الأحيان. فلا أحد منهم يتشارك في الحدود أو اللغة أو الدين أو في أيديولوجيةٍ سياسية مع الأسد. وكل منهم تحمّل فاتورة التدخل.

يُذكر أن إيران خسرت نحو 500 جندي، من بينهم 16 جنرالًا على الأقل، في المعارك في سورية منذ عام 2012، وفقًا لما ذكره (علي الفونه) من مجلس الأطلسي، بينما تعاني من ردّة فعلٍ شعبية في الداخل ضد سياستها السورية. ربما تكون روسيا قد فقدت العشرات من مرتزقتها في مواجهةٍ أخيرة مهينة مع القوات الأميركية، بالقرب من نهر الفرات. ومهما يفعل كيم جونغ-أون في سورية، فلن يغتني من التجارة.

ومرة أخرى، هناك مصالح تتجاوز الحياة والمال، وبعضها ضيقٌ نسبيًا؛ فإيران تريد الحفاظ على ما يسمى “الهلال الشيعي”. وتأمل روسيا في استخدام موقفها في سورية، للمساومة للحصول على تنازلاتٍ حول أوكرانيا. والصين تريد إعادة بناء سورية عندما تنتهي الأمور. أما كوريا الشمالية فمجرد وغد شرير. ولكن هناك أيضًا مصلحة جماعية لشركة الديكتاتورية.

المصلحة الأولى: لرؤية تمردٍ شعبي ضد حكمٍ استبدادي يفشل بشكلٍ مدهش. وهذا أمرٌ أساسي. سورية ليست دولةً كما هي بحالتها، فهي ليست سوى معرضًا لشركة الديكتاتورية، والغرض الرئيس منها هو إظهار أن المقاومة لا تجدي. لهذا السبب فإن روسيا لا تتوقف عن قصف المستشفيات المدنية، أو “حزب الله” عن تجويع مدنٍ بأكملها بقصد الخضوع، أو الأسد من استخدام الأسلحة الكيميائية. وهم يكشفون لجمهورهم المدى الذي هم مستعدون للذهاب إليه، في سبيل الحفاظ على قبضتهم على السلطة.

المصلحة الثانية: التأكيد على عدم موثوقية أميركا كحليفٍ ذي صدقية، وفرض للمعايير العالمية باستخدام القوة.

مهما كانت خلافاتهم؛ فإن كلًا من إيران وكوريا الشمالية وروسيا والصين هي ما يسمى بالقوى الرجعية. ما يريدون إرجاعه، أو إزالته، هو السلم الأميركي. في سورية، لديهم حليف، وقضية ونتائج معقولة. أميركا، على النقيض من ذلك، لديها فقط كتلة من ترددها. والنتيجة، فضلًا عن الكارثة الإنسانية، كانت كارثة حلت بسمعتها، لأن الولايات المتحدة برهنت أنها لن تدعم حلفاءها المحليين، أو تنفذ المعايير بالقوة على نحوٍ جاد ضد استخدام الأسلحة الكيميائية، أو تعدّ وتنفذ استراتيجيةٍ تتفق مع سياستنا المعلنة.

أي شيءٍ آخر يمكن للمرء أن يقوله عن مصالح أميركا الإقليمية، أو عن التزاماتٍ أخلاقية، عندما يتعلق الأمر بسورية، لدينا مصلحة قومية حيوية في إحباط طموحات شركة الديكتاتورية في تلك البلاد (سورية).

يمكننا أن نفعل شيئًا ما، لحماية سمعتنا المتدهورة، من خلال بذل المزيد لحماية حلفائنا الأكراد ضد أعدائهم -ومن ضمنهم الأتراك- كما فعلنا بعد حرب الخليج الفارسي عام 1991. يمكننا محو لطخة الخط الأحمر المُنتهك، من خلال ضرب منشآت الأسد العسكرية في كلِّ مرةٍ تستخدم سورية الأسلحة الكيميائية. يمكن أن نجد طرقًا سريةٍ لزيادة كبيرة في الثمن العسكري الذي تدفعه روسيا لتدخلها. يمكننا أن نفعل كلَّ هذا، من دون أن نرهق أنفسنا، كما فعلنا في العراق، بغاية ترتيب مستقبل سورية.

يحتاج هذا الأمر إلى إدارة قادرة على وضع وتنسيق وتنفيذ استراتيجيةٍ عسكرية ودبلوماسية متسقة. وليس لدينا استراتيجية. وكذلك يحتاج إلى رئيس يفهم منافع السلم الأميركي، ولا يفكر في السياسة الخارجية على أنها سلسلة من الجواهر، ويكون قادرًا على تجميع الحلفاء حول قضية عامة، ويدرك أن قيمنا الليبرالية هي الشروط المسبقة الكبرى لقيادتنا العالمية. وليس لدينا مثل هذا الرئيس. وقبل كل شيء، يحتاج الأمر إلى إيمان بما اعتدنا أن ندعوه العالم الحر: بمبادئه الأخلاقية المشتركة، ومصالحه الواسعة، وطموحاته الطويلة الأجل. ليس لدينا أيًّا منهم، أيضًا.

إن محور الشر عائدٌ، وهو الذي لم يغادر قط. إن قضية الحرية تنتظر إحياءها من جديد.

اسم المقالة الأصلي The Rise of Dictatorship Incorporated الكاتب بريت ستيفينز، Bret Stephens مكان النشر وتاريخه نيو يورك تايمز، The New York Times، 2/3 رابط المقالة https://www.nytimes.com/2018/03/02/opinion/dictatorship-iran-north-korea-russia-china.html?rref=collection%2Fsectioncollection%2Fopinion عدد الكلمات 726 ترجمة أحمد عيشة


أحمد عيشة


المصدر
جيرون