في يومها العالمي: المرأة السورية تثبت قوتها رغم بشاعة الحرب



رغم تعرض المرأة السورية لأنواع مختلفة من الانتهاكات، منذ اندلاع الثورة السورية حتى الآن، فإنها أثبتت -بجدارة- أنها تستطيع الصمود والتأقلم مع الظروف المحيطة، مهما كانت صعبة. وقد أدّت أدوار عدة لنقلِ حقيقة ما يجري في سورية، من خلال استخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، كمنبر إخباري. وأثبتت حضورًا كبيرًا في ميدان العمل الإغاثي والإنساني، وصولًا إلى مشاركتها، وإن كانت على نطاق ضيق حتى الآن، في العمل السياسي.

في (يوم المرأة العالمي) الذي يصادف اليوم 8 آذار/ مارس من كل عام، تسلط (جيرون) الضوء على الأدوار الإيجابية التي أدّتها المرأة السورية، خلال سنوات الثورة، رغم كل الظروف المعيشية والنفسية والأمنية التي عاشتها.

تعتقد الناشطة بيان ريحان، من مدينة دوما في غوطة دمشق الشرقية، أن المرأة أدّت دورًا إيجابيًا كبيرًا، خلال سنوات الحصار. وتقول لـ (جيرون): “أثبتت المرأة في غوطة دمشق جدارتها بشكل قوي، سواء كربّة منزل أو في العمل والأنشطة الخارجية. فنحن محاصرون منذ خمس سنوات ونصف تقريبًا، وفقدنا كل موارد الطاقة: الكهرباء والبنزين والغاز، ومع ذلك، تأقلمت المرأة مع هذا الواقع الصعب، وأثبتت أنها ربّة منزل ناجحة، تستطيع إدارة شؤون بيتها، مهما كانت الظروف سيئة. فوجدنا نساء يطهين على الحطب، وأخريات يستخدمن الطريقة اليدوية للغسيل”.

في ميدان العمل الخارجي، تقول بيان: “إن هناك العديد من المؤسسات في الغوطة الشرقية تُدار من قبل النساء. و80 في المئة من الكوادر التعليمية كانت من النساء أيضًا، إضافة إلى حضور المرأة في قطاع الطبابة والرعاية الصحية والإغاثة”. وتتابع: “خلال عملي في منظمات نسائية عدة؛ رأيت العديد من النساء القياديات، في أماكن عملهن، إضافة إلى مشاركة المرأة في الانتخابات، سواء بالترشح أو التصويت”.

أضافت: “بالنسبة إلي، من خلال تجربتي الشخصية، كمديرة لمكتب المرأة في المجلس المحلي لمدينة دوما، قمت بتقديم اقتراحات للعديد من المشاريع، وكانت جميعها ناجحة، وتم تنفيذها. ولمستُ تغييرًا كبيرًا في شخصيتي، من خلال النشاطات التي قمت بها منذ بداية الثورة. أصبحت أكثر تفوقًا في عملي وأكثر خبرة، وأرى أني خضت تجربة ناجحة، كامرأة عاملة”.

وكما أن نساء الغوطة أثبتن جدارتهن، رغم الحصار، استطاعت المرأة السورية التي خاضت تجربة اللجوء الصعبة، بكل تفاصيلها، التكيفَ مع البيئة الجديدة والانخراط في العمل، وبعضهن استطعن إثبات أن اللجوء لا يقف عائقًا أمام النجاح.

نور سعدي، طبيبة سورية من مدينة حلب، دفعتها ظروف الحرب إلى اللجوء والعيش في هولندا، منذ عام 2013. حيث رأت، بعد فترة من عيش آلام الغربة، أن تتخذ خيار الاندماج والتفاعل مع المجتمع الجديد. تقول الطبيبة نور لـ (جيرون): “في البداية، قررت تعلم اللغة الهولندية بأقصى سرعة ممكنة. وهذا جعلني أكثر اطلاعًا على قيم المجتمع الهولندي وحيثياته. وبعد حصولي على شهادة اللغة، وتعديل شهادتي في الطب، عملتُ متطوعة في عدد من المنظمات الطبية والحقوقية”.

أسست الطبيبة سعدي، بعد فترة وجيزة، مجموعةً للسيدات السوريات، بعد أن لاحظت تزايد أعداد اللاجئين السوريين إلى هولندا. وتقول: “كان هدف هذا التجمع أو المجموعة مساعدة السوريين على الاندماج الفعال. وقمنا بمساعدة بعض النساء الهولنديات بافتتاح عدة مشاريع ونشاطات ثقافية واجتماعية. وما زلنا مستمرين حتى اليوم”.

وبسبب النشاطات والفعاليات التي قامت بها الطبيبة نور، ضمن المجموعة التي أسستها؛ ترشحت المجموعة لجائزة مدينة (ايمن) للمنظمة الأكثر تأثيرًا. وتعلّق الطبيبة بالقول: “خضنا سباقًا ضمن 10 منظمات عريقة، واستطعنا الفوز بالجائزة الذهبية، وهنّأنا محافظ المدينة، وأثنى على عملنا”. وتضيف: “لقد أعطاني هذا الفوز دفعة إلى الأمام؛ للتحرك بين بقية مؤسسات المجتمع والدولة. واليوم بالتزامن مع (اليوم العالمي للمرأة) ترشحنا لجائزة أخرى، ومهما كانت النتيجة؛ فإنني -بصفتي امرأة سورية- أعتبر أن مجرد الترشح هو جائزة لنا نحن السوريين، بسبب حجم التحدي مع مؤسسات ومنظمات ضخمة”.

الأكاديمية والباحثة السورية سميرة مبيض ترى أن المرأة السورية استطاعت أن تفرض حضورها في المجتمع السوري، خلال الثورة. وتضيف في حديث لـ (جيرون): “اتجهت الكثير من النساء نحو العمل المدني، سواء الإغاثي أو التنموي، وساهمن في تخفيف صعوبات الحياة، ضمن الظروف الممكنة، سواء في الداخل السوري أو في المخيمات وبلدان اللجوء”.

وتابعت: “كانت هناك عدة محاولات للحوار والعمل، بين النساء السوريات، على الأمور المشتركة المرتبطة بحقوق المرأة، والتي قد تسمح بتجاوز اختلافات سياسية أو أيديولوجية”.

تعتقد الباحثة مبيض أن نهوض المرأة السورية ابتدأ بعد 50 عامًا من حصرها، بين فكّي السلطة الدينية وسلطة النظام، وتضيف: “هذا بحد ذاته يعدّ خطوة مهمة، وإن كان المسار طويلًا، قبل الوصول إلى تحقيق نتائج حقيقية، في سياق حقوق المرأة الأساسية المتعارف عليها إنسانيا”.


نسرين أنابلي


المصدر
جيرون