قتلى وجرحى في “شهبا” والترقب سيد الموقف



ما زالت أصداء الجريمة التي وقعت، يومَ الإثنين الماضي، في مدينة شهبا في الريف الشمالي لمحافظة السويداء، وراح ضحيتها 3 أشخاص، بينهم طفل عمره 10 سنوات، مع جرح عدد آخر، تتفاعل، حيث اتهم ناشطون محليون عناصرَ يتبعون نظام الأسد، بتهريب المجرمين خارج المدينة، في وقت تسعى فيه لجان أهلية مسلحة للقبض على الفاعلين.

أفادت صفحة (السويداء 24) الإخبارية على (فيسبوك)، أن العائلات المعنية في المنطقة أعلنت مباشرة أن “الفاعل بما فعل”، وذلك منعًا لحدوث أعمال ثأر عشوائية، حيث تشهد المدينة استنفارًا وتوترًا كبيرًا بين الأهالي، مع غياب كامل لأي مظهر من مظاهر سلطة نظام الأسد في الشوارع.

وكان اشتباك بالأسلحة الخفيفة، لم تُعرف أسبابه حتى الآن، قد وقع، مساء الإثنين، وسط المدينة، وتشير معلومات يتم تداولها إلى أن الجناة هم أصحاب سوابق إجرامية وسرقات، ويعملون ضمن عصابات محلية تتعاون مع عناصر الأمن، مارست العديد من عمليات الخطف والسلب والابتزاز والسرقة، وكانت أفرع الأمن قد قامت سابقًا بـ “تسوية أوضاعهم”.

أكد المحامي عادل عزي لـ (جيرون) أن “الفساد القضائي والقانوني الذي تراكم على مدى 50 عامًا مضت، هو الذي “أوصل سورية إلى هذه المرحلة”، حيث بُنيت الدولة على “المحسوبيات، لا على القانون والكفاءات”، وإن ما تشهده مدينة شهبا قد يعطي “صورة مصغرة عن نظامٍ أصبح بحكم المنتهي”.

أوضح عزي أن نظام الأسد يغذي هذا الانفلات الأمني بالمحافظة، “من أجل حساباته الخاصة”، فهو يتوقع أن يطلب الناس “معونته وبسط سلطته”، بل إن بعض عناصره “يقوم بمسرحيات أمنية وملاحقات وهمية لتوتير الأجواء العامة، وللإيحاء بأنها فاعلة وقادرة، لكن المجتمع أدرك الغرض من تلك التمثيليات”.

أضاف عزي أن “دور رجال الدين المؤيدين للنظام، إضافة إلى بعض الوجوه الاجتماعية التي أبرَزها سابقًا كي تعمل على خدمته وخدمة مصالحه، انحسَر في المجتمع”. بالمقابل، لم تستطع “المجموعات المعارضة المختلفة تشكيل تكتلات وازنة يكون لها أثرها داخل المجتمع، على الرغم من عددها الكبير”، وأردف: ولهذا يبادر الناس من تلقاء أنفسهم إلى ضبط الأمور، قدر المستطاع”.

لفت المحامي عزي إلى أن من الطبيعي في الدول أن يكون “النظام هو الذي يضبط الأمن ويحمي الناس، ويحاسب ويتابع المجرمين، لكن في السويداء أصبح النظام هو المتهم، وعندما تقع جريمة؛ يقوم الأهالي باعتقال عناصر من النظام والتحقيق معهم بشأنها، فهو أول المتهمين والمدانين بكل شيء يحدث”.

قال عزي: إن سلطة نظام الأسد في المحافظة “تعتمد على بعض المراهقين الذين خياراتهم محدودة، ولا يدركون ماذا يحصل في سورية، وهم ضحايا هذا النظام أيضًا”، وبشكل عام، أصبحت محافظة السويداء “تعاني من فراغ عام في ضبط الأمن، ومن غير المفهوم إلى أي اتجاه تسير الأوضاع، فالنظام متهالك، والمعارضة غير فاعلة”، مؤكدًا أنه على الرغم من ذلك، فإن “الشخصيات المعارضة في المحافظة تتمتع بثقة كبيرة، ولا يمكن قياس ذلك مع ثقة من تبقى بالنظام”.

وأشار بعض أهالي المحافظة، إلى أن عدة أفراد، ممن قاموا بالجريمة في مدينة شهبا، قد أصيبوا بجراح في أثناء الاشتباك، وذهبوا إلى المشفى الوطني بمدينة السويداء، وتلقوا العلاج والإسعافات الأولية، وغادروا من دون أن تعترضهم أي جهة تابعة للنظام.

حاول نظام الأسد منذ أسابيع إعادة نشر حواجز تابعة للشرطة على مداخل المحافظة، وقد قابل بعض الأهالي هذه الخطوة بالرفض، فيما قبلها البعض الآخر، شريطة عدم تدخلها بالمطلوبين إلى الخدمة العسكرية، وأن تنحصر مهمتها في منع عمليات التهريب والخطف والسرقة. وهي محاولات من النظام لتشكيل صورة للرأي العام، توحي بأنه موجود، لكن الأهالي -منذ سنوات- أخذوا على عاتقهم حفظ أمنهم، لعدم ثقتهم بأجهزة النظام.

وفق عزي، فإن عددًا كبيرًا ممن يتم تصنيفهم على أنهم “موالون للنظام، هم بداخلهم معارضون له، وعندما يعتقل النظام شخصًا يخصهم، لسبب تخلفه عن الخدمة العسكرية أو غير ذلك؛ يقوم الموالون والمعارضون بالتعاون معًا، ومحاصرة بعض مقاره أو اعتقال عناصر وضباط تابعين له، ليبادلوهم مقابل إطلاق سراح من يخصهم”.

الجريمة التي وقعت في شهبا ليست الأولى، فهي ضمن سلسلة جرائم جرت، وما تزال تجري، وعلى الرغم من ذلك، يرى عزي أن النسبة المئوية للجرائم “لا تتعدى واحد بالألف، بالنسبة إلى عدد السكان، وبذلك تبقى في حدودها الطبيعية”، لكن الإشكال في “السلوك الاجتماعي الذي أدى إليها، أو الذي قد تخلّفه وراءها”، ويؤكد أن ما حصر ردات الفعل، ومنعها من أن تتوسع وتتحول إلى عمليات ثأر خلال السنوات الماضية، على الرغم من محاولات النظام استغلالها، هو أن “العائلات -على مستوى المحافظة كلها- قررت سلفًا رفع الغطاء عن أي مجرم يخصها، ليتحمل مسؤولية عمله كفرد، كما أن عناصر تلك العصابات التي رعاها النظام أصبحت مكشوفة لدى الجميع”.


جيرون


المصدر
جيرون