مؤتمر الحوار الوطني السوري .. سوتشي




 

لتحميل المادة كملف PDF: مؤتمر الحوار الوطني السوري .. سوتشي

عُقد مؤتمر “الحوار الوطني السوري” في يوم الثلاثاء 30 يناير / كانون الثاني لعام 2018 ، دَعت إليه بالتعاون مع تركيا وإيران، وقد غابت عن مشهد تنظيم المؤتمر الولايات المتحدة، والدول الغربية. سُمي المؤتمر كذلك بـ “مؤتمر ” نسبة إلى المدينة الروسية الذي أقيم فيها، المطلة على البحر الأسود.

اسم المؤتمر ودلالته

للاسم دلالة تشترك فيها مدينة سوتشي تاريخيّاً مع في القرن الحالي؛ فمدينة “سوتشي” الشركسية تعرضت لإبادة جماعية للمسلمين في عام 1864م راح ضحيتها مئات الآلاف من القتلى وتسببت بهجرة 1.5 مليون منها، وفي العام 1934م حوّل الإتحاد السوفياتي مدينة سوتشي إلى منتجع سياحي.

عزمت روسيا عند التخطيط لتنظيم المؤتمر تسميته بـ “مؤتمر شعوب سوريا” إلا أنها استبدله باسم جديد “مؤتمر الحوار الوطني” بناءً على اقتراح وفد من هيئة التنسيق الوطنية لحركة التغيير الديمقراطي المعارضة الناشطة في الداخل السوري، وذلك خلال لقاء تحضيرات المؤتمر في السفارة الروسية. وعلى هامش اجتماع استانة 7؛ أعلن المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سورية ألكسندر لافرينتييف في مؤتمر صحفي بشكل رسمي تحويل اسم المؤتمر إلى “مؤتمر الحوار الوطني” بعد أيام من لقائه الرئيس  بشار الأسد.

الجهة المنظمة للمؤتمر

مع غياب الموقف الأمريكي وبعض الدول العربيّة الفاعلة في المشهد السوري؛ تحالفت الدول الثلاث روسيا وتركيا وإيران لعقد رغم تباين مواقف الحلفاء وعلى أثر ذلك عُقدت قمّة ثلاثية سبقت مؤتمر سوتشي جمعت بين الرؤساء؛ الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب أردوغان، والإيراني حسن روحاني في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني في العام 2017.

ويُعتبر إقرار مؤتمر سوتشي التطور الأبرز في البيان الختامي لمؤتمر أستانا 8 الذي سعت إليه روسيا، بالإضافة إلى نتائج أخرى تضمنها البيان، أهمها وقف إطلاق النار، وتشكيل لجنة لمراقبة الانتهاكات والتصعيد في مناطق خفض التصعيد، وملف المعتقلين والمخطوفين وفك الحصار وإيصال المساعدات الإنسانية إلى كافة المناطق.

أهداف مؤتمر سوتشي

سعت دول التحالف الثلاث روسيا وتركيا وإيران لإيجاد مشروع للحل السياسي في مؤتمر سوتشي بعد أن غابت الحلول العملية من مؤتمر أستانا وجنيف، ونصت أهدافهم من سوتشي على “توسيع مناطق وقف الأعمال العدائية كي تشمل كل الأراضي السورية، إجراء مفاوضات شاملة بين الحكومة السورية والمعارضة والمجموعات التي لا تُعتبر “إرهابية”، ويمكن أن يتم تغيير بعض بنود الدستور السوري لتأمين متطلبات المرحلة المقبلة في سوريا، بدء عودة المهجرين وإعادة إعمار سوريا، تشكيل حكومة ائتلافية جديدة تضم وزراء من المعارضة، ويقوم الأسد بتفويض بعض صلاحياته التنفيذية إلى الحكومة الجديدة، إصدار عفو شامل من قبل الأسد، ويقوم جيش النظام -تحت إشراف الحكومة الجديدة- بالانتشار في كل الأراضي السورية، وتنضوي جميع المجموعات المسلحة المعارضة تحت إمرة هذا الجيش أو يتم حلها، تقوم الحكومة الجديدة بالتحضير لإجراء انتخابات جديدة في سوريا بعد انتهاء دورة رئاسة الأسد الفعلية، ويحق للجميع أن يترشحوا فيها بمن فيهم الأسد نفسه، وتكون هذه الانتخابات تحت إشراف دولي (ليست منفذة من قبل الأمم المتحدة)، يتسلم الرئيس المنتخَب الحكم في سوريا”.

المدعوون لحضور مؤتمر سوتشي قبل انعقاده

وجّهت وزارة الخارجية الروسية دعوات للمشاركة في (سوتشي) للهيئات والأحزاب والجهات التي بلغ عددها 33 جهة وهي حسب مقراتها داخل وخارج سورية.

الجهات المدعوة من داخل سورية:

من دمشق: هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي، حزب الشعب، حزب الإرادة الشعبية، حزب الشباب الوطني السوري للعدالة والتنمية، حزب التضامن، حزب المؤتمر الوطني من أجل سوريا علمانية، التيار البديل من أجل سوريا، حزب الشعب الديمقراطي السوري، حزب سوريا الوطن، حزب المؤتمر الوطني، حزب البعث العربي الاشتراكي (البعث أو الطريق الثالث لسوريا)، الحزب الاشتراكي الديمقراطي، ائتلاف قوى التغيير السلمي، حزب الشباب الوطني السوري، مجلس الحكماء، الحزب السوري القومي الاجتماعي، جمعية يسار الوسط الديمقراطي من الآشوريين (حزب متاكاس)، حزب الاتحاد العربي الديمقراطي، حزب الاتحاد الاشتراكي العربي، حزب الوحدويين الاشتراكيين، التجمع الوطني الديمقراطي السوري.

من القامشلي: حزب الاتحاد الديمقراطي، حزب الاتحاد السوري، المجلس الوطني الكردي.

ومن  كوباني عين العرب في ريف حلب:  حزب الاتحاد الديمقراطي

أما الجهات المدعوة خارج سورية فهي:

من الرياض: اللجنة العليا للمفاوضات، وفي القاهرة الجبهة الشعبية للتحرير والتغيير.

من إسطنبول: المجلس الوطني السوري، الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة.

من جنيف: حزب الجبهة الجنوبية ، تيار بناء الدولة السورية، تيار قمح الموجود أيضاً في باريس، حركة (معاً) من أجل سوريا حرة وديمقراطية الموجودة في مدريد كذلك.

كما وجّهت وزارة الخارجية الروسية الدعوة  لحضور الأفراد بشكل مستقل إلى نحو (1600) شخص، وعرض موقع “زمان الوصل” مجموعة أسماء من شخصيات المعارضة المدعوّة التي بلغ عددها (351) اسم، عُنونت بقائمة “ممثلي المعارضة الخارجية المدعوين إلى سوتشي حتى 26 يناير 2018″، وهم حسب التوزيع التالي:

تم دعوة 113 شخص من جنيف؛ (44) شخص عن طريق رندة قسيس، و(9) أشخاص عن طريق ريم تركماني، و(36) شخص عن طريق هيثم مناع، و(24) شخص عن طريق أحمد الجربا.

ومن دمشق دُعي (44) شخص؛ (20) شخص عن طريق هيثم مناع، و(19) شخص عن طريق ريم تركماني، و (4) أشخاص عن طريق رندة قسيس، وشخص واحد عن طريق أحمد الجربا.

كما ورد في القائمة أيضاً دعوة (156) شخص من أنقرة؛ (12) عن طريق ريم تركماني، و (5) عن طريق رندة قسيس، و(133) رشحتهم تركيا، أيضاً (6) أشخاص ممثلين عن الاستخبارات التركية.

ومن مصر تم دعوة (28) شخص عن طريق أحمد الجربا. كما وجهت الدعوة إلى (10) أشخاص يقيمون في موسكو بصفة أفراد.

السياق الذي استدعى عقد مؤتمر سوتشي

ارتأت روسيا من عقد مؤتمر “الحوار الوطني السوري” فرصة لتمكين مصالحها ومكاسبها السياسية التي لن تتحقق إلا بإقصاء القرارات الدولية الناظمة للحل السياسي السوري والمُتمثّلة في أستانة وجنيف وقرار مجلس الأمن 2254، فقد حرصت روسيا على إفشال مسار جنيف ضمن استراتيجيتها اتجاه القرارات الدولية لا سيّما تركيز اهتمام واشنطن على محاربة تنظيم الدولة بالنسبة لتطبيق ما جاء في مسار جنيف وفق استراتيجية الولايات المتحدة منذ بداية أحداث سوريا.

ولم تحقق مفاوضات أستانا أهدافها في محطاتها السبع التي بدأت أول جولة لها في  يناير وانتهت في أكتوبر لعام 2017، وأهم ما ورد فيها تأكيد الحل السياسي، وإجراء مفاوضات غير مباشرة بين النظام السوري والمعارضة، والإلتزام بقرارات وقف إطلاق النار، والإفراج عن المعتقلين وفق آلية لتبادل المعتقلين بين قوات النظام والمعارضة، ورسم حدود مناطق خفض التوتر.

كما أن مؤتمر سوتشي ضمان لبقاء نظام الأسد واستمراره، فقد سعت روسيا لفرض رؤيتها في إجراء إصلاح الدستور وتشكيل حكومة مصالحة وطنية بوجود نظام الأسد، وكذلك تثبيت رؤيتها لحل الصراع السوري بتعطيل جنيف دون إبقاء الملف السوري حصريا لدى الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، وانتهزت روسيا ما اعتبرتها فرصة استثنائية وقامت بعقد تحالفات مع عدد من أطراف المعادلة السورية في المنطقة، فلا يمكن تجاهل التمكّن الإيراني في سوريا، ولا ارتباط تركيا بالملف الكردي الذي اعتبرته أولوية على تشبّثها بفكرة رحيل الأسد عن سدّة الحكم.

موقف المعارضة قبل عقد المؤتمر

أجمعت معظم قوى على رفض المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني “سوتشي” ، فقد أعلنت الهيئة العليا للمفاوضات السورية، المظلة الأكبر لقوى المعارضة، في بيان خاص عدم مشاركتها في مؤتمر سوتشي والتزامها بالحل السياسي تحت المظلة القانونية للأمم المتحدة وفقاً لِما جاء به بيان جنيف، واعتبرت الهيئة أن الدعوة للمؤتمر “جهود تبذلها موسكو للانفراد بالحل خارج إطار الشرعية الأممية، و نسف الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي للتوصل إلى حل سياسي يضمن للشعب السوري حريته وكرامته”.

وجاء قرار الهيئة العليا للمفاوضات الأساسية بالرفض تأكيداً على مرجعيتها في مؤتمر الرياض بأنه لا مكان لبشار الأسد ورموزه في مستقبل سوريا،في الوقت الذي سعت فيه روسيا إلى استبعاد هذا الخيار من خلال عقد مؤتمر سوتشي.

رغم ذلك؛ صوّت 10 أعضاء في الهيئة لصالح حضور مؤتمر سوتشي من أصل (36) عضو وهم: “بسمة قضماني وطارق الكردي ويوسف سليمان وعروبة المصري ومهند دليقان وسامي الجابي وجمال سليمان وفراس الخالدي وقاسم الخطيب وخالد المحاميد”، وبوفاة العضو منير درويش واستقالة عيسى إبراهيم، بقي العدد 34 عضواً.

وكذلك أيدت بعض التيارات المحسوبة على المعارضة حضور مؤتمر سوتشي كتيار الغد السوري برئاسة أحمد الجرب ، وتيار بناء الدولة برئاسة  لؤي حسين،  وتيار قمح برئاسة هيثم منّاع.

كما أعلن التجمع الوطني لقوى الأمن الداخلي رفضه القاطع لمؤتمر الحوار الوطني السوري وأي مساعٍ تفاوضية تقف وراءها روسيا لا تصُب في صالح الثورة والشعب السوري وتعيد إنتاج النظام ودعمه سياسياً وعسكرياً وحمايته دولياً.

رفضت جماعة الأخوان المسلمين المشاركة في مؤتمر سوتشي وفق رؤيتها للحل السياسي في سورية، واعتبرته كما ورد في البيان “ترسيخاً للاحتلال الروسي وتجاهلاً للحلّ السياسي المنصوص عليه في قرارات جنيف”.

ولم يخرج المجلس الإسلامي السوري عن سياق الموقف وثمّن موقف المعارضة في رفض حضور مؤتمر سوتشي، كما اعتبر روسيا “ليست وسيطاً نزيهاً ومؤهلاً للحل” واتهم المجلس روسيا في بيان له بعدم الوفاء بالتزاماتها السابقة المُتفق عليها دولياً ناهيك عمّا فعلته عسكرياً في سورية، واعتبر بيان المجلس أنه لا يمكن إجراء انتخابات في ظل نظام الأسد دون رحيله ومُحاكمته، وكما حذّر كل من ينوي حضور المؤتمر، حيث لن يكون الحاضر سوى فدور حضوره لا يتعدّى “شاهد الزور” وسيحكم على نفسه “بالانتحار السياسي”

وأصدر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة وهيئة الأركان في الجيش السوري الحر بياناً مشتركاً  بيّن موقفهما في رفض المشاركة في مؤتمر سوتشي وأكدا دعمهما لعملية الانتقال السياسي في جنيف، وقد أوضح عنوان البيان الهدف الرئيسي في الرفض: “مؤتمر سوتشي دعوة للالتفاف على جنيف والانتقال السياسي برعاية الأمم المتحدة”.

واتخذت الجبهة الجنوبية للجيش السوري الحر موقف الرفض نفسه، إذ اعتبرت الدعوة لحضور مؤتمر سوتشي “محاولة لإلغاء كافة قرارات مجلس الأمن ذات العلاقة، وتجازواً لروح ومضمون بيان جنيف” ورغم مقاطعة الجبهة الجنوبية لاجتماعات أستانا في جولتها السادس،إلا أنها رأت في عقد مؤتمر الحوار الوطني بسوتشي مَعبراً للقضاء على تمثيل الثورة السورية سياسياً وفرز معارضة جديدة تختلف عن معارضة نظام الأسد الحالية.

ولم يَبتعد موقف وفد قوى الثورة السورية العسكري عن مواقف باقي مكونات المعارضة السورية السياسية والعسكرية، حيث بيّن في بيان مكوّن من سبع نقاط تخوّفه من مخاطر انعقاد مؤتمر سوتشي وذلك بسبب تضمين موضوع الانتخابات والدستور في جدول أعمال المؤتمر، وعبّر البيان عن استيائه لاستخدام  روسيا تعبير “شعوب” في التسمية الأولى للمؤتمر، واعتبر أنها ألمحت فيه إلى تفتيت التكوين السوري والابتعاد عن وحدته ونسيجه الاجتماعي، كما أوضّح البيان انحياز روسيا عسكرياً وسياسياً لصالح النظام وعدم إثبات حياديتها كدولة راعية للمفاوضات. ولفت البيان إلى رفض الوفد سابقاً عرض روسيا لمناقشة الدستور في أستانا.

وأيضاً رفض (44) فصيلاً عسكرياً مؤتمر سوتشي أبرزهم “الجبهة الشامية” و”حركة أحرار الشام”، و”حركة نور الدين الزنكي”، واعتبروا روسيا دولة معادية ارتكبت جرائم بحق الشعب السوري، متمسكين بالمسار السياسي في جنيف1 وقرار الأمم المتحدة رقم  2254 مؤكدين تطبيق بنوده وخاصة ما يتعلّق بإطلاق سراح المعتقلين وفك الحصار عن المحاصرين المدنيين.

كما أعلن المجلس الأعلى للعشائر والقبائل السورية، ممثلاً بـ 65 قبيلة وعشيرة من كافة أنحاء سوريا ، رفضه لمؤتمر سوتشي بعد تلقيه دعوة شفهيّة من روسيا معتبراً المؤتمر دعوة لتوقيع صكوك الإذعان، وهدراً لتضحيات الشعب السوري، ورأى أن قبول الدعوة إلى المؤتمر “خيانة لدماء الشهداء”.

مواقف الدول من مؤتمر سوتشي الموقف الأمريكي

تحفّظت الولايات المتحدة على الضمانات الروسية المتعلّقة بمؤتمر سوتشي وفق ما قاله مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد ساترفيلد في كلمة خلال جلسة استماع عقدتها لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي في 11 يناير/ كانون الثاني لعام 2018، حيث قال: “إننا لا نستطيع ولن نضفي الطابع الشرعي لعملية التسوية البديلة التي تنتهجها روسيا”، كما نوّه ساترفيلد إلى عدم مساهمة الولايات المتحدة في إعمار سورية الذي لن تقل تكلفته عن 200 مليار دولار أمريكي، في حال بقي بشار الأسد في سدّة الحكم، وهذا ما تسعى روسيا لتعزيزه في مؤتمر سوتشي.

بينما انتقدت روسيا عبر المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا في مؤتمر صحافي التصريحات الأمريكية ووصفتها “بالأوهام” معتبرة أن مؤتمر سوتشي مكمّل لعمليات أستانة وجنيف، ولمّحت زاخاروفا إلى أن الموقف الأمريكي يقف وراء عرقلة  قرار المعارضة السورية حضور المؤتمر.

الموقف الفرنسي

أعلنت الخارجية الفرنسية رفضها حضور مؤتمر سوتشي، معتبرة أن محادثات جنيف المُعتمدة لدى المجتمع الدولي هي المنتدى الأمثل لمناقشة الحل السياسي بسوريا، وثمّنت كل الجهود الدولية ومن ضمنها جهود روسيا.

كما أكدت فرنسا موقفها الرافض لحضور سوتشي بمقاطعة المؤتمر  قبل انعقاده بيوم واحد، معللة ذلك بعدم إيفاء روسيا بوعودها بإيقاف إطلاق النار في غوطة دمشق الشرقية بعد تعهداتها بذلك في محادثات جنيف في فيينا، كما وصفت قرار المعارضة بالمقاطعة بـ “الشجاع”.

وشبّه دبلوماسي فرنسي، على هامش المؤتمر الدولي الذي انعقد في باريس تحت شعار: “شراكة دولية ضد الإفلات من العقاب” في 23 يناير 2018، مؤتمر سوتشي “بـ اللويا جيرغا” وهو مجلس موسع يمثل القبائل الأفغانية، إذ نوّه الدبلوماسي الفرنسي إلى أن مؤتمر سوتشي “تشارك فيه أطراف لا يُعرف مدى نزاهتها وتمتعها بالحرية والأمن والاستقلالية، وتمثيلها لكل مكونات الشعب السوري، أما عملية جنيف فتشارك فيها أطراف حددتها قرارات مجلس الأمن” .

الموقف البريطاني

ترى بريطانيا أن عملية جنيف لها الشرعية في وضع أسس الحل الذي يقوم عليه الانتقال السياسي في سوريا حسب ما وضّحه المبعوث البريطاني الخاص حول سوريا مارتن لونغدن عند تبيان موقف بريطانيا تجاه مؤتمر سوتشي وأكد أن “بعض المبادرات يمكن أن تساعد أو لا تساعد”.

في هذا السياق أكدت بريطانيا على لسان سفيرها لدى سوريا مارتن لونجدين مقاطعتها للمؤتمر، وذلك في تغريدة له على موقع تويتر قال فيها: “بريطانيا لن تشارك في مؤتمر سوتشي. فعلى الرغم من المساعي الروسية رفض النظام المشاركة في حوار بناء، ودمر الثقة في أن سوتشي يمكن أن تساعد عملية جنيف”.

الموقف الإسرائيلي

تباحث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو قبيل انعقاد مؤتمر سوتشي حول العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية في ظل التسوية السورية دون الكشف عن تفاصيل المحادثات، ووصف نتنياهو المحادثات بأنها “جيدة جداً”، لكن يبدو أن تلك المحادثات تخفي تخوّفات إسرائيلية  فيما يتعلق بالوجود الإيراني العسكري في جنوب سوريا، والخشية من إقامة مصانع لإنتاج الصواريخ الإيرانية الدقيقة.

وسبق اللقاء بين الجانبين الروسي والإسرائيلي في موسكو تواصل هاتفي أطلع بنيامين نتنياهو على ما جرى في المحادثات بين بشار الأسد و بوتين، بيّن نتنياهو “المخاوف الإسرائيلية من الأوضاع في جنوب سورية، على إثر الاتفاق الروسي الأميركي الأردني بشأن مناطق خفض التصعيد جنوب سورية، والترتيبات الأمنية في المناطق العازلة شرقي خط وقف إطلاق النار بين إسرائيل وسورية”. بحسب ما ذكره محلل الشؤون السياسية في القناة العاشرة براك رافيد.

الموقف السعودي

تبنت السعودية رؤية تسليم الملف السوري إلى روسيا، وذلك على هامش القمة الإسلامية الأميركية في الرياض، التي عُقدت في شهر مايو 2017.

حملت الرياض مهمة إقناع المعارضة السورية بقبول وجود الأسد في الحل السياسي بسوريا وفق الرؤية الروسية بحسب ما قاله وزير الخارجية السعودي عادل الجبير للمنسق السابق للهيئة العليا للتفاوض رياض حجاب في أغسطس 2017.

واستمرت الضغوط السعودية على المعارضة تحت مبررات “توحيد المعارضة السورية” حيث هدفت الرياض من خلال تلك الضغوط إلى إدخال منصتي موسكو والقاهرة في الهيئة العليا للتفاوض، وهما المنصتان اللتان لا تعترضان على وجود الأسد في الحل السياسي بسوريا، فيما أدت تلك الضغوط إلى استقالة رياض حجاب ومجموعة من أعضاء الهيئة.

وبعد استقالة حجاب تولى نصر الحريري منصب منسق الهيئة العليا للتفاوض فيما عقد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير اجتماعين مع الحريري جريا على التوالي في 24 ديسمبر / كانون الأول 2017 (39) و 21 يناير/ كانون الثاني 2018 وذلك ضمن مساعي السعودية لإقناع المعارضة بحضور مؤتمر سوتشي.

الموقف القطري

رغم أن قطر لم تتلقّ دعوة لحضور مؤتمر سوتشي إلا أنها تسعى لإنجاحه كما صرّح سفير قطر لدى روسيا فهد بن محمد العطية، وتؤيد جهود موسكو لإحلال السلام في سوريا، وترى أن على المعارضة داخل سوريا وخارجها قبول الحوار دون شروط مُسبقة، وجدد العطية دعمه للسوريين وللحكومة الروسية في سبيل الوصول إلى تسوية سلمية.

وعلّق العطية على عدم دعوة قطر بالحضور “من الأفضل أن تكون الأطراف الحاضرة في عملية سوتشي هي نفسها التي شاركت في مفاوضات أستانا، لأن العمل يجب أن ينفذ بين الدول المحيطة بسوريا والتي لها علاقة مباشرة بالوضع هناك. وإلا، إذا قمت بدعوة عدد كبير من البلدان، فمن غير المعروف ما يمكن أن يؤدي إليه هذا الأمر”.

الموقف الأردني

شاركت الأردن في مؤتمر سوتشي بصفة مراقب، وترأس الوفد مستشار وزير الخارجية الأردني وشؤون المغتربين نواف التل، وفي الشهر ذاته سبق المؤتمر مباحثات بين السفير الأردني في موسكو أمجد عودة العضايلة والمبعوث الروسي الخاص إلى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ميخائيل بوغدانوف تبادل الطرفان أهم بنود الأجندة الإقليمية بالتركيز على التسوية السورية وفق التحضيرات لمؤتمر الحوار الوطني السوري.

كما اشتركت الأردن قبيل مؤتمر سوتشي مع السعودية والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا بالإضافة إلى والمبعوث الأممي إلى سوريا ستافان ديمستورا بإعداد الوثيقة إلى وفد الرياض2، وذلك خلال الاجتماع التمهيدي لجنيف9 المنعقد في فيينا، وتضمنت الوثيقة رؤية هذه الدول للحل السياسي في سوريا وفق القرار الأممي 2254، ولم تتضمن تنحية بشار الأسد عن الحكم، بل إقامة انتخابات تشرف عليها الأمم المتحدة

الموقف المصري

تلقت مصر عبر المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد أبو زيد دعوة لحضور مؤتمر سوتشي، وتعتبر هذه الدعوة أول دعوة رسمية توجهها موسكو لأحد الأطراف التي ستشارك في سوتشي بعد صمت مصر عن الدور السياسي تجاه المسألة السورية منذ ثورة 25 يناير 2010. ورحب أبو زيد بالمؤتمر باعتباره داعما للحل السياسي في سوريا بما يلبي طموحات الشعب السوري بعيداً عن ويلات الاقتتال والدمار.

موقف الأكراد

أعلن الأكراد عدم مشاركتهم في مؤتمر سوتشي في ظل استمرار “الهجوم التركي” على مدينة عفرين السورية، ولم يتلق أكراد سوريا دعوة رسمية من روسيا لحضور المؤتمر، ويرى أحد مستشاري إدارة مناطق الحكم الذاتي للأكراد شمال سوريا بدران جيا كورد أن المؤتمر يتناقض مع جهود الحل السياسي، ويدفع المناطق الآمنة والمستقرة باتجاه الفوضى.

ورغم ذلك فقد أعلنت روسيا أنها وجّهت دعوة في  (22 يناير/ كانون الثاني 2018) إلى ممثلين أكراد للمشاركة في مؤتمر سوتشي، حيث قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن “ممثلين أكرادا هم على لائحة السوريين المدعوين للمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني السوري الذي ينعقد في سوتشي الأسبوع المقبل”.

أما في داخل الساحة الكردية فلم يكن الهدوء سيد الموقف قبيل مؤتمر سوتشي، بل كان هناك تنافس بين “حزب الاتحاد الديمقراطي” و”المجلس الوطني الكردي” على حضور المؤتمر، فمن يُدع للحضور سيكون الممثل للشعب الكردي في حسابات أنقرة وموسكو وفق ما كشفه الكاتب السياسي الكردي صلاح بدر الدين على هامش لقاء وفد من المجلس الوطني الكردي في سوريا بممثلين عن الخارجية التركية في أنقرة في مطلع شهر يناير 2018. ورأى الكاتب أن “أغلبية النخبة الكردية تعتقد بأن هذه الأحزاب الكردية لم تعد تمثل طموحات الناس، خصوصاً بعد تجربة الثورة السورية “فقد تفاعل الشباب الكردي مع الثورة  أفراداً عبر التنسيقيات السورية، أما الأحزاب الكردية فقد عادى بعضها الثورة، بينما وقف البعض للآخر موقف الحياد منها.

تأجيل مؤتمر سوتشي

بعد أن كان عقد مؤتمر سوتشي مقرراً في 18 نوفمبر/ تشرين الثاني لعام 2017 أجلت روسيا موعد عقده  إلى شهر فبراير/ شباط 2018 دون تحديد موعد ثابت  إلى أن أعلنت الخارجية الروسية في كازاخستان عقد المؤتمر في يومي 29 و30 يناير/كانون الثاني، ثم اقتصر المؤتمر على يوم واحد 30 يناير/كانون الثاني

تعود أسباب قرار روسيا تأجيل المؤتمر إلى اعتراض تركيا على حضور حزب الاتحاد الديمقراطي (pyd)، بالإضافة إلى انتظار نتائج مؤتمر الرياض2 وما قد يفرزه من نقاط مشتركة مع مؤتمر سوتشي.

وكذلك تعود أسباب تأجيل المؤتمر إلى احتماليّة إيجاد تفاهمات بين الولايات المتحدة وروسيا حول التسوية السورية خلال لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأمريكي دونالد ترمب عبر قمة اقتصادية في فيتنام بشهر نوفمبر/ تشرين الثاني.

بالإضافة إلى المُعطيات السابقة بررت الأمم المتحدة أسباب تأجيل المؤتمر بتخوّفها من الالتفاف على مقرراتها بما لا يخدم العملية السياسية في سوريا التي تعتمد على قراري مجلس الأمن  2254 و 1118، ناهيك عن الخشية من تفرّد روسيا بالحل السوري.

من جانب آخر يرى الائتلاف الوطني السوري أن سبب التأجيل يعود إلى مقاطعة القوى السورية “المؤثرة” المؤتمر وفق توضيح المعارض السوري وعضو الائتلاف الوطني أحمد رمضان في حسابه على تويتر

موقف منظمات مجتمع مدني

رفضت 134 منظمة مجتمع مدني سورية مؤتمر سوتشي ولم تعتبره ممثلاً عن جميع السوريين، وأكدت المنظمات التي وقعت على بيان بأسماءها أنها بحاجة إلى إجراء حوار وطني عادل وموثوق، وطالبت بمواصلة العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة بالاشتراك مع المجتمع المدني، وشدد الموقعون على أنه “لن يسمح بتحويل العملية السياسية عن تحقيق التطلعات المشروعة للشعب السوري في سوتشي أو في أي مكان آخر”، مع حرصها على “ضرورة إنهاء الأعمال العشوائية وكسر الحصار وتأمين الإفراج عن المعتقلين السياسيين والأشخاص المحتجزين بشكل تعسفي”.

لقاءات دولية قبل انعقاد سوتشي اجتماع وزراء الخارجية تركيا وروسيا وإيران في أنطاليا التركية

اجتمع وزراء خارجية دول إيران وروسيا وتركيا في مدينة أنطاليا التركية في 19 نوفمبر /تشرين ثاني 2017 وذلك بهدف التحضير لقمة الدول الراعية لمؤتمر سوتشي وبحث آخر مستجدات مباحثات أستانة منذ انطلاقتها، ونوقش في الاجتماع أن هناك إمكانيّة تحقيق تقدّم على صعيد المباحثات بين النظام السوري والمعارضة حتى تتمكّن قمّة الدول الراعية لمؤتمر سوتشي من إنهاء “الاشتباكات” في سوريا ، وإقامة حوار للأزمة السورية وفق رؤية أستانا  ومناقشة مشاركة الأكراد في المؤتمر، وأكد لافروف على ضرورة استمرار التواصل الدائم بين القادة العسكريين للدول الثلاث بما يتعلق بمنطقة خفض التصعيد

لقاء بوتين والأسد قبل القمة الثلاثية

استمر لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين و”الرئيس السوري” بشار الأسد أربع ساعات بشكل غير مُعلن في سوتشي، بحضور عدد من كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين، بهدف التنسيق والتشاور قبل انعقاد القمّة التي ستجمع بوتين مع الرئيسين الإيراني والتركي، وتعتبر هذه الزيارة الثانية للأسد إلى روسيا منذ بداية “الأزمة السورية” .

وتكتسب زيارة الأسد إلى موسكو أهميتها كما يرى بوتين من أنها تشكّل مَعلما على طريق توضيح شكل الخطوات القادمة للعملية السياسية ودور الأمم المتحدة فيها، ويرى أن إنشاء مناطق خفض التصعيد يسمح بفتح حوار حقيقي مع المعارضة، كما يسوّغ الوجود الروسي في سورية بهدف القضاء على “بؤر الإرهاب”.

وافق الأسد نظيره الروسي بالرأي وقال إنّ “العملية العسكرية الروسية الداعمة للجيش السوري في الحرب ضد الإرهاب حققت نتائج مهمة وكبيرة على مختلف الأصعدة وعلى رأسها الإنسانية والعسكرية والسياسية”، كما أبدى استعداد دمشق للحوار مع كل المهتمين بالتسوية السياسية للأزمة السورية طالما لا يَمس ذلك السيادة السورية وقرارها.

ثم أشاد بوتين بدور القوات المسلحة الروسية في النهوض بالعملية السياسية في سورية، بينما شكر الأسد القادة العسكريين الروس، وقال: “بفضل أفعالكم وأعمال الجيش السوري وحلفائنا تمكن سوريون كثر من العودة إلى ديارهم”، كما صرّح بوتين بعد اللقاء “بإنّ أكثر من 98% من الأراضي السورية باتت تحت سيطرة الحكومة السورية”. وبحسب  تقارير إعلامية إسرائيلية أبلغ بوتين الأسد بأنه “سيكون الرئيس العلوي الأخير لسورية”.

ويعتبر الكاتب الصحفي السوري محمد العبد الله أن لقاء بوتين مع الأسد، حسب ما وضّح في برنامج ما وراء الخبر بقناة الجزيرة، هو مجرد رسالة هيمنة أراد بوتين إيصالها  للأسد ولكل المعنيين بالشأن السوري، لكن أرجأ المحلل السياسي إيفان سافران شوك في البرنامج ذاته تبرير لقاء بوتين بالأسد باعتباره “الرئيس الشرعي لسوريا، وروسيا تعتمد عليه كثيرا، ولا يمكن لموسكو أن تقبل بأن يبدو الأسد وكأنه قد وضع جانبا ولم يعد مهما”.

القمة الثلاثية (روسيا ، تركيا ، إيران)

عُقد في منتجع سوتشي الروسي القمّة الثلاثية التي جمعت بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين و الرئيس الإيراني حسن روحاني والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 22 نوفمبر / تشرين الثاني 2017  بهدف مناقشة الحل السياسي في سوريا قبيل عقد مؤتمر سوتشي وبالتزامن مع انعقاد مؤتمر الرياض2.

وأكد البيان الذي خلُص إليه الرؤساء الثلاثة العمل على المساهمة الفعالة لإنجاح مؤتمر سوتشي اتفقوا على مبدأ سيادة سوريا ووحدة أراضيها، وكذلك أهمية إجراء انتخابات “نزيهة” وصياغة دستور بإشراف أممي يوافق عليه الشعب السوري، وترى الدول الثلاث روسيا وايران وتركيا أن التعاون الفعال بينهم يسهم في إحلال السلام تحت مظلة قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، دون تجاهل أهمية إقامة مناطق خفض العنف التي تقضي على المعاناة الإنسانية وتمنع تدفق اللاجئين، وتحضير ظروف آمنة لعودة اللاجئين والنازحين، ووجهوا دعوة للمجتمع الدولي لتقديم الدعم لعملية خفض التوتر وإرسال المساعدات، و إزالة الألغام وإعادة بناء البنية التحتية الأساسية والحفاظ على الميراث التاريخي.

رأت وزارة الخارجية والمغتربين أن البيان الختامي للقمّة الثلاثية أتي استكمالاً لجهود القمة الروسية السورية، وأن الجمهورية العربية السورية تدعم “أي عمل سياسي يحترم سيادة واستقلال ووحدة أراضيها ويسهم في حقن الدم السوري”.

انطلاق مؤتمر سوتشي

بعد جولات من اللقاءات الثنائية والثلاثية وبين مُعلن للحضور ورفضٍ له، انطلق مؤتمر الحوار الوطني السوري في 30 يناير / كانون ثاني 2018 في منتجع سوتشي بحضور مبعوث الأمم المتحدة الخاص بسوريا ستيفان دي ميستورا، ووفد من فصائل المعارضة، ومقاطعة الهيئة العليا للمفاوضات

وبلغ عدد حضور المؤتمر من المعارضة ما يقارب 300 شخصية “موزعة بين أنقرة (ما بين 50 إلى 70  شخصية) وجنيف (50 شخصية) والقاهرة (29 شخصية) ودمشق (44 شخصية من معارضة الداخل بالإضافة إلى عدد آخر يمثل مقربين من النظام)”.

وما لم يكن في الحسبان رفض 80 شخصية من وفد “فصائل” المعارضة المشاركة في المؤتمر وعودتها إلى أنقرة، وذلك بسبب شعارات المؤتمر المُلصقة في المطار وبطاقات المؤتمر التي تحمل علم النظام السوري، وأصر الجانب الروسي على إبقاء الشعارات ورفض إزالتها بناء على طلب المعارضة ما جعلها تصر على موقفها برفض المشاركة إن لم تستجب روسيا لطلبها رغم تبليغ تركيا المعارضة بأن  روسيا وافقت على مطلبهم بتغيير شعار المؤتمر، عدا عن ذلك وضعت المعارضة بعض الشروط للمشاركة في الحوار مما أدى إلى تأخر موعد البدء بالمؤتمر ساعتين.

ومن وجهة نظر أخرى، يعود التأخير لعدم تحقيق مطالب الوفد الأممي في تشكيل لجنة الإصلاح الدستوري ورئاستها، وكذلك استبعاد روسيا مقترحات لمجموعة أسماء من الوفد لرئاسة اللجنة عدا عن “تهديدات” أطلقها المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا بسبب احتجاز الوفد في المطار، بينما برّر نائب مدير قسم المعلومات بوزارة الخارجية الروسية أرتيوم كوجين تأخير الافتتاح بسبب انتظار عدد من المشاركين والمراقبين”.

وعلى صعيد آخر؛ مَنع النظام السوري مغادرة بعض الشخصيات من سوريا إلى سوتشي دون إبداء الأسباب وهم: من منصة أستانا السياسية دعد قنوع وتغريد إبراهيم، و 14 عضو من تيار قمح، و6 أشخاص من المؤتمر الوطني الديمقراطي، وشخصان من تيار بناء الدولة السوري.

افتتاح المؤتمر

ألقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في الجلسة الافتتاحية كلمة قال فيها إن المؤتمر “فريد من نوعه” باعتباره يجمع بين ممثلي المجتمع السوري سياسياً واجتماعيّا، مؤكداً على أهمية الحوار الفعّال لأجل تحقيق “تسوية سياسية شاملة تقوم فيها الأمم المتحدة بدور قيادي”

ولم يمضي الافتتاح بهدوء، إذ اسْتَفَزّت جملة لافروف بعض الحضور حين قال: “سوريا استطاعت بدعم من القوات الجوية الروسية تدمير القوى الإرهابية”، فقاطع أحد المشاركين بصوت مرتفع كلمة لافروف وقال “أوقفوا قصف طائراتكم عن الشعب السوري” ، ولم تقف جدلية المواجهة هنا فحسب بل خرج أحد المشاركين من وفود النظام السوري وهتف لسوريا “عاشت روسيا العظمى”، وانتهى الأمر برد لافروف قائلاً: “عاشت الصداقة الروسية السورية”.

من جانب آخر، أثارت حفيظة تركيا مشاركة معراج أورال في المؤتمر كممثل للواء اسكندرون الموجود ضمن الأراضي التركية منذ عام 1939 إذ لم يكن اسمه وارداً في لوائح المشاركين، حيث استخدم وثائق مزورة للدخول إلى روسيا باسم “علي كيالي” للمشاركة بالمؤتمر، معراج أورال تركي من الطائفة العلوية ويحمل الجنسية السورية، وهو كذلك مطلوب من السلطات التركية ومتهم بالمشاركة في “عمل إرهابي” في ولاية هاتاي عام 2013، وعلى ذلك طالبت السلطات التركية عبر وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو روسيا بتسليم أورال. ووعدت موسكو بدراسة الموضوع وإبلاغ السلطات التركية بالنتائج.

كما تتهم المعارضة السورية ضلوع أورال بارتكاب عدّة مجازر في سوريا وتلقبه بجزار بانياس نسبة إلى مجزرة البيضا التي نفذها في مدينة بانياس السورية، والتي راح ضحيتها 70 مدني عام 2013 ، كما شارك في العام الذي سبقه في مذبحة منطقة الحولة في محافظة حمص السورية حسب رواية المعارضة

البيان الختامي

انتهى مؤتمر سوتشي بالمُصادقة على البيان الختامي المكوّن من 3 وثائق متضمنة 12 بنداً ورسالةً للمشاركين وقائمة بالمرشحين للجنة المعنية بدراسة القضايا المتعلقة بصياغة الدستور، وصرّح المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرينيتييف في المؤتمر الصحفي بانتهاء أعمال المؤتمر، وأن المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا سيعمل على إعداد التشكيلة النهائية للجنة  الدستورية وتحديد عملها وإمكانية إضافة أشخاصٍ آخرين فيها، وصادق المشاركون في مؤتمر سوتشي على قائمة احتوت 150 اسم تضم أشخاصاً من وفد نظام الأسد، ووفد يمثل المعارضة من ضمنها “الهيئة العليا للمفاوضات” التي لم تحضر مؤتمر سوتشي، ولا تخلو القائمة من خبراء سوريين وممثلين للمجتمع المدني ومستقلين وقيادات قبلية ونسائية.

ولم تنته سلسلة الخلافات في مؤتمر سوتشي؛ فبعد وضع محددات اللجنة الدستورية اعترض وفد النظام على وصاية المبعوث الأممي ستفان دي ميستورا وصلاحياته في التعامل مع اللجنة.

واتفق الموقعون على بنود البيان الختامي -القريب من مبادئ الجولة الثامنة في جنيف التي قدّمها المبعوث الأممي ستيفان دي مستورا- على صياغة إصلاح دستوري يسهم في التسوية السياسية برعاية الأمم المتحدة وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي 2254 .

وتضمن البيان عدّة بنود منها: “سوريا دولة ديمقراطية غير طائفية تقوم على المواطنة المتساوية”، و “الاحترام والالتزام الكامل بسيادة دولة سوريا، واستقلالها، وسلامتها الإقليمية، ووحدتها أرضاً وشعباً، دون تنازل عن أي جزء من الأراضي السورية، بما في ذلك الجولان المحتل، والالتزام الكامل بالسيادة الوطنية للدولة السورية وعدم التدخل في شؤونها”. وكذلك “الشعب السوري وحده من يقرر مستقبل البلاد ويختار نظامه السياسي بالوسائل الديمقراطية، دون أي ضغوط” ولم يُبيّن البيان في هذه النقطة حيثيات مصير الأسد.

كما أشار البيان الختامي إلى “الرفض القاطع للإرهاب والتعصب والتطرف والطائفية بكل أشكالها والعمل على مكافحتها، وكذلك “احترام وحماية حقوق الإنسان والحريات العامة لا سيما في أوقات الأزمات”.

موقف نظام الأسد من المؤتمر

رحب النظام السوري بنتائج مؤتمر الحوار الوطني كما جاء من مصدر مسؤول في وزارة الخارجية، وأكد “أن العملية السياسية في سورية لا يمكن أن تبدأ وتستمر إلا بقيادة سورية ودون أي تدخل خارجي” في سبيل حقن دماء الشعب السوري، ورأى أن البيان الختامي أشار للمسائل التي تُهم سوريا مثل التمسك بالثوابت الوطنية والحفاظ على وحدة سوريا، وبالإضافة إلى الحفاظ على الجيش والقوات المسلحة ومكافحة “الإرهاب”

موقف الهيئة العليا للمفاوضات بعد مؤتمر سوتشي

تغيّر موقف الهيئة العليا للمفاوضات من الرفض إلى القبول بعد انتهاء مؤتمر سوتشي موضحة تفاصيل التغيير الذي طرأ في بيان صحفي نشرته في موقعها الإلكتروني، حيث تعتبر أن المؤتمر واقع حدث وتسعى لتحويله لخدمة العملية السياسية في جنيف ضمن المبادئ التالية: “وقف لإطلاق النار، وإرسال قوافل المعونات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة، الأمر الذي سيخلق جواً إيجابياً يساعد في إيجاد حل سياسي”، و”إطلاق سراح دفعة أولى من المعتقلين، بما يؤكد جدية والتزام الجميع بالعملية السياسية”، وكذلك “اتساق أي مخرج من مخرجات المؤتمر مع قرار مجلس الأمن الدولي ٢٢٥٤”، و”أن يكون هذا المؤتمر لمرة واحدة دون أن يتحول إلى مسارٍ موازٍ أو متعارضٍ مع مسار جنيف”، و “أن يتم تسليم مخرجات المؤتمر إلى العملية السياسية التي تسيرها الأمم المتحدة في جنيف بما يتوافق مع القرار ٢٢٥٤ وبيان جنيف ١” ، بالإضافة إلى “عدم اعتبار المؤتمر بمدعويه ممثلاً للشعب السوري؛ بسبب العملية الانتقائية في تحديد المدعوين” ، مع “ضرورة توفير البيئة المحايدة في المؤتمر وكافة ترتيباته”.

كما رحبت الهيئة العليا للمفاوضات باللجنة الدستورية التي أقرها مؤتمر سوتشي على أمل أن تدفع عملية جنيف قُدما باعتبارها في عهدة المبعوث الدولي وبإشراف الأمم المتحدة وتنضوي بموجب محددات القرار ٢٢٥٤ وبيان جنيف.

Share this: وسوم


المصدر