“الأرواح المهدورة”.. توثيق الانتهاكات بحق الفلسطينيات خلال سنوات الثورة السورية



وثقت هيئة حقوقية فلسطينية، في تقرير لها بمناسبة يوم المرأة العالمي، أبرز الانتهاكات التي تعرضت لها المرأة الفلسطينية، خلال السنوات السبع من عمر الثورة السورية.

أكد التقرير الذي حمل عنوان (الأرواح المهدورة) الذي أصدرته (مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية)، قبل عدة أيام، أن النساء الفلسطينيات في سورية تعرضن للموت أو الاعتقال أو الخطف أو الإعاقة أو حتى العنف الجنسي، نتيجة الحرب الدائرة في البلاد، منذ اندلاع المواجهات في آذار/ مارس 2011 بين الأطراف المتحاربة.

أوضحت (مجموعة العمل) -وهي مجموعة حقوقية إعلامية تتخذ من لندن مقرًا رئيسًا لها، وتنشط في عموم المخيمات والتجمعات الفلسطينية في سورية، من خلال شبكةٍ من المراسلين المحليين- أن الحصار الذي يفرضه النظام على المخيمات الفلسطينية حرم الأمهات الفلسطينيات من الخدمات الصحية، وبخاصة تلك التي ترافق مراحل الحمل والولادة وتلقيح الأطفال، وتسببَ بوفاة عددٍ من النساء.

مقتل 471 واعتقال 105 لاجئة فلسطينية

ذكرت (مجموعة العمل) في تقريرها – حصلت شبكة (جيرون) على نسخة منه- أنها وثقت سقوط 471 ضحية من النساء الفلسطينيات، منذ بداية المواجهات في سورية، على امتداد رقعة الجغرافية السورية، أي ما يعادل نحو 16 بالمئة، من إجمالي الضحايا الذين سقطوا خلال فترة الصراع، منذ آذار/ مارس 2011 حتى يوم 8 شباط/ فبراير الماضي.

فيما كشفت المجموعة أن 230 لاجئة قضت نتيجة القصف، و67 جراء الحصار ونقص الرعاية الطبية في مخيم اليرموك، بينما قضت 28 امرأة بسبب استهدافهن برصاص قناص، و37 على إثر التفجيرات، فيما قضت 24 ضحية بطلق ناري، و26 غرقًا، في حين أُعدمت 5 لاجئات ميدانيًا، و34 تحت التعذيب في المعتقلات الأمنية، و20 لأسباب أخرى ذبحًا، اغتيالًا، انتحارًا، أزمات صحية…

وأشارت (مجموعة العمل) إلى أن الضحايا الفلسطينيات اللاتي قضين، خلال الأعوام السابقة، توزعن حسب المحافظات في سورية على النحو التالي، على صعيد مدينة دمشق قضى 154 امرأة، أما في ريف دمشق فقد سقط 149 امرأة، وفي حمص سقط 8 نساء، وفي مدينة حماة سجل سقوط امرأة، وواحدة في مخيم الرمل باللاذقية.

وفي مدينة حلب سقط 20 امرأة، بمعدل 9 ضحايا في مخيم النيرب و3 في مخيم حندرات واثنتان في جامعة حلب، وواحدة في حي هنانو، وواحدة في المدينة أثناء وقوفها على طوابير الخبز. فيما سُجل في مدينة درعا سقوط 65 امرأة، توزعت إلى 36 ضحية في مخيم درعا، و11 في بلدة المزيريب، و4 في بلدة اليادودة، و2 في درعا البلد.

أما عن الاعتقال، فقد أشارت (مجموعة العمل) إلى أنها وثقت اعتقال 105 لاجئات فلسطينيات، حتى السابع من آذار/ مارس الجاري. مؤكدة أن مصير المعتقلات ما يزال مجهولًا، حيث تتكتم أجهزة الأمن السورية عن مصير وأسماء المعتقلات الفلسطينيات لديها؛ الأمر الذي يجعل توثيق المعلومات عنهن أمرًا في غاية الصعوبة.

وبيّن التقرير في هذا السياق أنه لم يخلُ أي مخيّم، من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين (12 مخيمًا في عدة مدن سورية)، من وجود معتقلات من نسائه، تم توقيفهن على الحواجز المتواجدة على بوابات ومداخل المخيمات.

كما وثق التقرير تعرض فلسطينيات لكلام قاسٍ وجارح وسباب وشتم، من قبل عناصر النظام السوري المتمركزين على الحواجز عند بوابات المخيم، والمنتشرة في معظم طرقات المدن السورية، كما تعرض بعضهن للضرب.

ووفقًا لإحصاءات (المجموعة)، فإن 1672 لاجئًا فلسطينيًا تم توثيق اعتقالهم على يد أجهزة الأمن السورية، طوال الأعوام السبعة الماضية، في حين أن الرقم الحقيقي للمعتقلين قد يتجاوز هذا العدد، وذلك بسبب عدم وجود إحصاءات رسمية للمعتقلين الفلسطينيين في سورية، بسبب عدم تفاعل أي جهة رسمية فلسطينية مع ملف المعتقلين الفلسطينيين لدى النظام السوري.

منذ اندلاع الاحتجاجات والحراك الشعبي في سورية؛ بدأت مختلف أجهزة الأمن التابعة لنظام الأسد بحملات اعتقال فردية محددة، وجماعية عشوائية، ولم يكن الفلسطينيون بمنأى عن ذلك، فمنذ الأيام الأولى تم اعتقال فلسطينيين، لكن بشكل غير ممنهج. الرابطة الفلسطينية لحقوق الإنسان في سورية تجعل شهر آب/ أغسطس 2011 تاريخًا مفصليًا، في عمليات اعتقال الفلسطينيين، ففي هذا التاريخ، حسب الرابطة، تم اعتقال العشرات من أبناء مخيم الرمل في مدينة اللاذقية دفعة واحدة، وفارق بعضهم الحياة داخل المعتقلات، وتورد الرابطة أن الاعتقال بعد ذلك بدأ يتصاعد تدريجيًا إلى أن بلغ ذروته، في أيلول/ سبتمبر 2012، بسبب إدخال مخيم اليرموك -أكبر مخيمات الفلسطينيين في الشتات- إلى أتون الصراع بشكل مباشر.

مطالبة بتقديم مجرمي الحرب للعدالة والقصاص

يؤكد التقرير الحقوقي، الذي جاء في 17 صفحة، أن ما تتعرض له النساء الفلسطينيات السوريات يُظهر تجاوزًا واضحًا لما نصت عليه الشرائع السماوية والوضعية التي حرّمت قتل النفس البشرية بشكل عام أو تعريضها للأذى.

وشددت (المجموعة) على أن المرأة الفلسطينية في سورية فقدَت الحماية التي ضمنتها لها القوانين والمواثيق الدولية في أثناء وقوع النزاعات المسلحة، من خلال تعرضها للقتل بكل الأدوات التي تُستخدم في الأعمال القتالية، سواء التقليدية أو المحرمة دوليًا كالأسلحة الكيمياوية، وكذلك تعرضت للاغتصاب والاستعباد الجنسي، وللاعتقال والاختفاء القسري من دون التمكن من الحصول على المحاكمات العادلة المكفولة للمعتقلين قانونًا.

دعَت (مجموعة العمل)، في تقريرها، إلى التحرك الفاعل، على كل المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، نحو ضمان إعادة الحماية المفقودة للمرأة الفلسطينية، والكشف عن مصير المعتقلات، والعمل على صون كرامتها ورد اعتبارها، نظرًا إلى المكانة الاجتماعية والإنسانية التي تحوزها المرأة داخل المجتمعات. وطالبت (المجموعة) بتقديم مجرمي الحرب للعدالة والقصاص، بموجب القوانين المنصوص عليها في اتفاقيات جينيف: المادة الثالثة المشتركة بين الاتفاقيات الأربع.

من ناحية ثانية، شاركت مجموعة من النساء الفلسطينيات، بينهن معتقلات سابقات، من أبناء المخيمات السورية اللاتي هجرن مع عائلاتهن إلى تركيا، في (قافلة الضمير)، وذلك بمناسبة يوم المرأة العالمي، وقد انطلقت القافلة، الثلاثاء الماضي، من مدينة إسطنبول، وزارت عددًا من المدن التركية، للتضامن مع النساء المعتقلات بشكل غير قانوني في سجون النظام السوري، وللكشف عن معاناة نحو 6736 فتاة وامرأة، يتعرضنَ للتعذيب والتنكيل خلال 7 سنوات، في أقبية معتقلات الأسد، وللمطالبة باطلاق سراحهن من سجون النظام.

القافلة التي نظمتها مجموعة من مؤسسات المجتمع المدني في تركيا، وصلت الخميس إلى مدينة أنطاكيا الحدودية مع سورية، وعقدَت مؤتمرًا صحفيًا، طالبت فيه المجتمعَ الدولي ومنظمات حقوق الإنسان، بالضغط على نظام الأسد، للإفراج عن جميع المعتقلات والمعتقلين في سجونه.


غسان ناصر


المصدر
جيرون