يوم المرأة العالمي والانتهاكات الجسيمة لحقوق المرأة في سورية



في أثناء احتفال العالم بيوم المرأة العالمي، في 8 آذار/ مارس، صنّفت سورية على أنّها أسوأ بلد للنساء، وذلك وفق تقرير أعدّه معهد (جورج تاون) للمرأة والسلام والأمن، ومعهد أبحاث السلام العالمي للنساء في أوسلو. وقيّمت الدراسة وضع المرأة على أساس ثلاثة مؤشرات رئيسية هي: الإدماج والعدالة والأمن. وبناءً على ذلك؛ صُنِّفت سورية كأسوأ بلد بالنسبة إلى وضع النساء، أي أنّها تقدمت على أفغانستان واليمن اللتين تحتلان الترتيب الثاني والثالث على التوالي، بحسب الدراسة.

لم يقتصر تسليط الضوء على وضع المرأة في سورية، على هاتين المؤسستين المرموقتين فحسب، بل أيضًا من خلال العديد من التقارير الدولية الأخرى. وقد أثار تقرير أصدرته الأمم المتحدة مؤخرًا، بعنوان “أصوات من سورية”، احتجاجات دولية، بسبب المعلومات التي تضمنها عن الابتزاز الجنسي الذي تتعرض له النساء السوريات مقابل حصولهن على المساعدات الإغاثية. وفضلًا عن فضائح الابتزاز الجنسي، يرسم التقرير صورة قاتمة للغاية لحياة المرأة في سورية؛ حيث أصبح العنف الجنسي شائعًا جدًا في حياة النساء السوريات، والمراهقات والأرامل والمطلقات هنّ الأكثر استهدافًا. كما أنّ النزوح المستمر، والعيش في المخيمات التي تتميز بالاكتظاظ والافتقار إلى الخصوصية، والتي ينتشر فيها الفقر وانتهاك القانون، هي عوامل تساهم في ارتفاع مستوى العنف الجنسي.

في سياق استمرار النزاع المسلح في سورية، يبقى العنف المنزلي والعائلي هو من بين أكثر صور العنف المذكورة في التقرير. ففي العديد من الحالات، يعبّر الرجال عن إحباطهم الناجم عن الحرب والخسارة، بتعنيف العناصر “الأضعف” في الأسرة؛ أي المرأة والطفل. كما أنّ العنف الجنسي والتحرش الجنسي شائع جدًا، خارج حدود المنزل أيضًا. وفي حالات عديدة، جرى استخدام العنف الجنسي، كسلاح حرب من قبل جميع الأطراف المتحاربة، وبخاصة من قبل النظام السوري، بحسب ما جاء في تقرير حديث للشبكة السورية لحقوق الإنسان (SNHR)، أفاد أنّ معظم حالات العنف الجنسي الموثقة من قبل الشبكة ارتكبها النظام وحلفاؤه، خلال هجماتهم على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، أو داخل مراكز الاحتجاز، حيث بلغ عددها 7،699 حالةً.

تختلف الدوافع الكامنة وراء عمليات اختطاف النساء والرجال، وقت النزاعات المسلحة، حيث يُختَطف الرجال بداعي التجنيد الإجباري أو الاحتجاز التعسفي بالدرجة الأولى، بينما يتم اختطاف النساء لدوافع جنسية بحتة. والاستغلال الجنسي هو حقيقة مأسوية في سورية، إذ تُجبر النساء في العديد من المناطق على بيع أجسادهن، لتوفير الطعام لأنفسهن ولعائلاتهن. حيث يذكر رجل ريفي أنّ “الفتيات في الثالثة عشرة من العمر يذهبن إلى المخابز للحصول على القليل من المال. أعرف أنّ الناس هناك يستغلون تلك الفتيات جنسيًا، مقابل شراء الخبز منهم”. ومن بواعث القلق أيضًا زواج الأطفال أو الزواج المبكر، إذ إنّها مشكلة سبق أن ظهرت في سورية، قبل عام 2011، ولكنها ازدادت مع الصراع، حيث تعتقد كثير من الأسر أنّها، بتزويج فتياتها بسن مبكر، تؤمن حمايتهن من الاستغلال الجنسي، إضافة إلى رفع العبء المالي المترتب لنموهن. إنّ زواج الأطفال، على العكس من ذلك، يعرِّض الشابات لأخطار كثيرة، منها العنف المنزلي وحالات الحمل المبكر، الذي يمكن أن يكون له آثار طويلة الأمد على صحتهن النفسية والبدنية.

يدين برنامج الباحثين الزائرين الدوليين في مركز حرمون (IVRPH) بشدة جميعَ أشكال العنف ضدّ النساء، ويدعو كافة أطراف النزاع إلى احترام القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، ومن ذلك اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة، التي صادقت عليها سورية. وعلاوةً على ذلك، يدعو برنامج الباحثين المنظمات غير الحكومية الدولية والسورية، إلى إنشاء وتوسيع خدمات إعادة تأهيل النساء اللاتي تعرضن للعنف القائم على النوع الاجتماعي والاستغلال الجنسي. وأخيرًا، يدعو البرنامج هيئات المجتمع الدولي، وبخاصة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، إلى الوفاء بالتزاماته، كضامن للسلم والأمن الدوليين، وأن يسعى إلى تحقيق مسار موثوق به للمساءلة عن الجرائم المرتكبة في سورية؛ ما سيوفر العدالة للمرأة التي عانت كثيرًا، بغض النظر عن الطرف المرتكب للانتهاك بحقها.


برنامج الباحثين الزائرين الدوليين في مركز حرمون


المصدر
جيرون