معركة اليرموك القادمة



تتناقل صفحات مؤيدي النظام أن الفصائل الفلسطينية التي تقاتل إلى جانب قوات الأسد، ومن ضمنها “جيش التحرير الفلسطيني” و”لواء القدس” وفصيل الجبهة الشعبية- القيادة العامة، يستعدون لمعركة مخيم اليرموك، بعد “الانتهاء” من المشاركة في معارك غوطة دمشق، وبحسب البيانات الصادرة عن “لواء القدس”، سيتم طرد تنظيم (داعش) الإرهابي من مخيم اليرموك. المعلومات والأرقام تفيد أن 5000 آلاف عنصر مسلح مكون من (جيش التحرير ولواء القدس) وبعض الفصائل، يشاركون عصابات النظام في العدوان على الغوطة، وبعض المناطق الأخرى في حلب وحمص.

قبل أسابيع، وردَت أخبار عن دخول أربعة قادة من تنظيم (داعش)، عبر معبر بردى الذي تشرف عليه قوات النظام، وهو المعبر الذي كانت تشرف من خلاله عصابات النظام على مرور وتفريغ شاحنات، تُملَأ من مخيم اليرموك بمئات شاشات التلفزة ومئات البرادات وكل الأجهزة الكهربائية والأثاث. اللصوصية نُسبت إلى الثورة، في حين كانت صور ومشاهد رجال عصابات النظام، وهم ينقلون على دباباتهم بضائع مختلفة، من الدجاج إلى شفرات الحلاقة، تنتشر في كل مكان.

أسطورة (داعش) التي يرويها النظام السوري على مسامع مريديه، سقطت منذ زمن بعيد، أي منذ قصفت طائرات (ميغ) التابعة للنظام مسجد عبد القادر الحسيني في مخيم اليرموك، ولم يكن حينذاك أي ظهور لـ (داعش) على مسرح الأحداث، وقد علل بعض أنصار النظام من الفرع الفلسطيني ذلك، بوجود مسلحين في حديقة المسجد، ووجود نفق يمتد منه إلى آخر المخيم.

جملة الأكاذيب رددها مؤيدو الأسد، قبل خمسة أعوام، بخصوص حصار وتجويع المخيم، ومن ثم المآلات التي ارتضى النظام الوصول إليها. وكُشف حينذاك، في الأيام الأولى من دخول “مسلحي (داعش) و(النصرة)” لمخيم اليرموك، أن قائد ما سميَ “صقور الجولان” المدعو “بيان مزعل”، الذي أشرف على تعفيش كثير من منازل شارع الـ 15 في مخيم اليرموك، قد ظهر في شريط فيديو يقود حملة قوات أمن الأسد على (سبينة)؛ ما يعكس منهجية التعفيش التي أوكلها الأسد إلى عملائه، في كل المناطق؛ بهدف تحطيب وتحطيم حياة المناطق التي شهدت تمردًا على نظامه، وتشويه صورة الثورة السورية.

حملة الاغتيالات التي طالت كل العاملين في الحقل الإغاثي والإنساني، في مخيم اليرموك، ونسبها إلى مسلحين ومجهولين، مع حالة الحصار التي سادت، والدفع بصورة وحيدة للإرهابيين داخل المخيم، هي خطة مناطة بكل المناطق التي يدمرها الأسد. قيل إن نحو 2000 شخص، ممن غادروا مخيم اليرموك والحجر الأسود، اختفوا على حاجز (حجيرة) وشارع علي الوحش جنوب مخيم اليرموك، قبل خمسة أعوام، وحتى الآن، لم يُعرف مصيرهم. ونُقل عن شهود عيان، في ذلك الحين، أن عناصر الأمن الذين كانوا على حاجز (حجيرة) قد انتقلوا إلى منطقة الحجر الأسود، للعمل مع (داعش)، بمهمة رسمية.

لا حصر للأدلة على أكاذيب النظام، ولا حصر للتواطؤ الذي ظهر بين الإرهاب المطلوب تسويقه، وبين وحشية الأسد التي تزعم ردها عليه، لكن المؤسف يبقى حديث البعض عن قرب عودة اليرموك، وتحريره، والأكثر مأسوية هو الشعار الذي يرفعه مؤازرو الأسد، من الفرع الفلسطيني الذين يتخذون من البوصلة شعارًا. مسرحية اليرموك القادمة شاهدنا فصولها في تدمر والرقة ودير الزور، وفي عموم سورية، وأينما تنقلت عصابات الأسد، كانت تحمل اسم (داعش) أو النمر أو القدس أو نجباء أو زينبيون، وكلهم يمتهنون القتل المأجور.

بعد تهجير أهل اليرموك وقتلهم وتدمير وتعفيش تاريخهم وذكرياتهم -كما حصل، ويحصل، في كل منطقة وحيّ سوري تدخله عصابات الأسد- تبقى الأكاذيب والألاعيب تلقى رواجًا عند عقول (مرياع) الأسد. تهجير السكان وإحلال مجرمين بدلًا منهم، ثم ادعاء الانتصار عليهم، هو كل ما أفرزته عقلية الإجرام، في كل مناطق سورية، وحاولت تطبيقه في مسرحيات المصالحات والهدن، وتنقّل (داعش) من منطقة إلى أخرى.

أخيرًا: يقول أصحاب البوصلة إن هدفهم فلسطين والقدس، لكنهم يخوضون غمار الجريمة مع الفاشي في الغوطة، وفي حلب، وفي أي منطقة توكل لهم مهمة تنفيذ الجرائم. والطرف المحايد جبان إلى درجة أنه يعجز عن توجيه اللوم إلى من يتاجر بالبوصلة وباسمها، لكننا نقول لقد أصبح من الضروري تبديل الأسماء التي حملها هؤلاء، من “جيش التحرير” إلى جيش العدوان، ومن “لواء القدس” إلى لواء الإجرام. وعلى كل فصيلٍ، قاتَل ويقاتل إلى جانب الأسد، أن يزيل اسم فلسطين والقدس من راياته وشعاراته، وألا يرتكب جرائم يتمترس فيها خلف تلك الأسماء. لن يتحرر المخيم دون بقية المناطق السورية التي تخضع للاستبداد والطغيان، ولن يعود سكان اليرموك تحت رحمة شبيحة وعصابات الأسد، هذا حال سورية كلها وليس اليرموك.


نزار السهلي


المصدر
جيرون