سبع سنوات في معركة الوجود والدفاع عنه



ليست المعركة في الغوطة ولا حلب، أو إدلب ودير الزور ودرعا والقامشلي وحمص وحماة، بل المعركة في عموم سورية التي اشتعلت فيها ثورة، منذ سبعة أعوام، حيث توالت فيها مجازر تتكرر على مدار الساعة، يبقى فيها السفاح يصول ويجول في سواطيره وعصاباته المستوردة، من كل حدب وصوب.

تبدلت عوامل كثيرة، منذ السنة الأولى للثورة وتطورت أخرى، في حين ظل عدد من العوامل ثابتًا لا يتبدل: طبيعة النظام السوري ووظيفته ومنهجه ثابت لا يتغير، في استهداف نقيضه الأكثر حدة لوجوده: الشعب السوري الذي تأكد له، عبر تطور صراعه مع نظام أخطبوطي المصالح والوظائف، من خلال شدة الضغط والهجمة لمحاولات تثبيته، أنه عصيّ على الاستسلام.

مضت سبعة أعوام، وأسباب الثورة تمتد وتتسع، ومع أن الضربات ساحقة أو شبه ساحقة، فإن أشكال المواجهة وقربها تبدو أكثر فاعلية، معركة الشعب السوري ليست عسكرية، لم تقم ثورته على قاعدة امتلاكه “قوة نووية” أو عسكرية، كتلك التي يواجهها، مع القدرة الفاشية لنظام الأسد، ومع ذلك، استطاع الصمود لسبعة أعوام، يستقبل السوري عامه الثامن بمراكمة خبرات وقدرات، سيبقى الفاشي والمتغطرس عاجزًا عن فهم ما أفرزته المواجهة من نتائج معكوسة ومعروفة.

في الظروف المعروفة، الشعب السوري لن يُباد، بالرغم من تعرضه لحرب إبادة وتطهير عرقي وكارثة ماحقة، ولم تنطفئ قدراته النضالية، كما يتمنى خصومه كافة. بعد مضي سبع سنوات، لم يزل سوريون يثيرون الرعب داخل نفوس قوة عسكرية “روسيا” تعد من بين الأقوى عالميًا، ولم يزل سوريون منتشرون في أصقاع الأرض يثيرون الرعب، في نفوس العصابة الحاكمة ومن يدعمها، ظروف دولية تبدو -ظاهريًا- مواتية للسفاح، يظن فيها أنه سيظفر بالأبدية والهناء السرمدي بالحكم، وفي النتائج المعاكسة، ظن النظام ومن والاه أنه سيظفر بنصر مؤزر، بعد مجازر ومحاولات إبادة شعب، وأن النصف المتبقي في قبضته لن يزعزع ركيزته.

لم تأت السنة السابعة للثورة، إلا كان الشعب السوري حاضرًا بقوة معارضته الأبدية للأسد، وحضور قوي على ساحة الصراع، في كل قرية ومدينة وحي، مع أن عصابات كثيرة، أحضرها نظام الأسد وطهران وموسكو، وخسائر ضخمة كانت، وما زالت، حصيلة الإجرام المتواصل على كل قرية ومدينة وحي، إلا أن قضية السوريين الممثلة في ثورتهم على الطاغية لإزاحته تبقى لبّ الصراع، ولا حل في سورية من دونه، ومهما تحاول الجيوش المتخاذلة، وقوى “التحالف الدولي” وموسكو وطهران مع جيوشها، تصوير الأمر بمحاربة “الإرهاب”، فمن دون دعم إزاحة الطاغية لا طائل من كل ذلك.

حين يظن النظام السوري وحلفاؤه، أنهم يقطفون ثمار المجازر والإرهاب والتخاذل الدولي ضد الشعب السوري؛ فإن الظن يمضي بهم إلى أوهام تتكرر، منذ سبعة أعوام، بالقدرة على محو كل شيء، وكأن شيئًا لم يكن، كل هذا يجعل مطلبَ الحرية والكرامة والعدالة، والتخلص من الطغيان، أكثر إلحاحًا، ويدق كافة الأبواب والنوافذ، ويجعل حرية الشعب السوري حقيقةً لا مهرب منها، تتفتح عليها كل العيون. ما اتضح، ونحن على أبواب العام الثامن للثورة السورية، أن الشعب السوري الذي ألف تقديم التضحيات قادرٌ على الصمود أعوام قادمة تُذهل أعدائه، بما يؤكد الحقائق التي تراكمت على ساحة الصراع السوري، والتي تؤكد أن حرب الوجود السوري والدفاع عنه، أربكت كل المتوهمين بسرعة الحسم للقضاء على أمنيات السوريين وقوة حقهم بمطلب الحرية دون الأسد.

نبين، فوق ذلك، أن من حاول تصوير هِمَّة السوري على أنها أقل مضاء وعزيمة وجسارة، في الدفاع عن حريته وكرامته، قد فشل في مسعاه، ونقول يكفي أن نذكره بمكانة موسكو الفاشية والعسكرية، بحاملة طائراتها وقواعدها وصواريخها ومكانة طهران وعصاباتها، كلهم يشكلون ندًا لشعب أعزل، يتسلح بعزيمة وسلاح فردي، استطاع من خلاله الصمود سبعة أعوام، وبدل أن تحسم كل هذه الفاشية والجبروت العسكري والتدميري المعركة لصالح العصابة الحاكمة، وجدت نفسها في مغطس الدم السوري.

هكذا دارت مطاحن الأعوام السبعة، من عمر الثورة السورية، على أشد ما يكون، بعد أن وضع نظام العصابة في دمشق العالمَ كله، في زوايا حادة جلها مثلّم ومزيف، وأيًا كانت النتائج التي ستنجلي عليها أشهر الثورة المقبلة، أو سنواتها، فإن الطرق التي عبّدها الشعب السوري، في اتجاه الحصول على حريته وإسقاط الطاغية، لن تُقفل بعد فتح مجيد من ثورة مباركة، بكل أسباب الاستمرار.


جيرون


المصدر
جيرون