الشباب السوري يدعو إلى استعادة قيم الثورة الأولى



دخلت الثورة السورية عامها الثامن، وما زال الشباب السوريون الذين شاركوا في التظاهرات الأولى يتذكرون تلك الأيام، بكل فخر وشوق لاسترجاعها، فقد كانت تظاهرات الثورة الأولى -في مختلف المدن السورية- تعتمد أساسًا على عنصر الشباب، وهم من أسس التنسيقيات في المدن والقرى، وهم من كتب اللافتات، وصنع الرايات، ورفع الصوت بالأهازيج التي خلدت مطالب الثورة بالتغيير الحقيقي، كما واجه هؤلاء الشباب الرصاصَ، بصدور عارية، وتحملوا آلام المعتقلات والتهجير والإصابة، وترك الكثير منهم الجامعات، في سبيل وصول الثورة السورية إلى بر الأمان وتحقيق حلم التغيير.

في هذا السياق يرى الناشط السوري عمرو الفحام أن الحديث عن الثورة السورية في عام 2011، لا يمكن أن يتضح دون “الاطلاع على الظروف المحيطة بها في ذلك الحين؛ في تونس ومصر كان الأمر مذهلًا، حيث سقطت رموز الاستبداد، بشعارات وردية”، مضيفًا في حديث مع (جيرون) أن “هذه الهزّات خلفت أمواجًا في كل الدول العربية، حيث إن ما حدث شكّل دافعًا للشعوب الأخرى، وبخاصة في دول لها تاريخ مشترك، من حيث الحكم الديكتاتوري وشبكات السلطة، وكانت الظروف في سورية تتراكم، وشجعت أمواج الربيع العربي الناس على أن يخرجوا إلى الشوارع، ويطالبوا بحقوقهم”.

قال الفحام: إن التظاهرات عام 2011 خرجت “بمطالب بسيطة: القضاء أو التخفيف من سطوة الأجهزة الأمنية على المدنيين، وتحقيق شيء من العدالة والمساواة وبعض حقوق الإنسان البسيطة. أغلب الشعارات هي الحرية، لكن النظام انتهج مسيرة القمع والتعنت، وبدأ يقلل من أهمية وحقيقة المطالب ويسخّفها، كما “صعّد النظام بالرد، من حيث العنف المبالغ فيه بقمع المتظاهرين، واستخدام القوة المفرطة وإطلاق النار والاعتقالات.. هذا كله جعل الناس تلجأ إلى التصعيد تدريجيًا، وبدأ الناس يطالبون بإسقاط النظام”.

عن أسباب عدم الاستمرار بالحراك السلمي، أوضح الفحام: “هناك عدة عوامل منعت استمرار الحراك السلمي، وبرأيي، النظام هو من ساهم في ذلك، من خلال استمراره في الاعتقال والقمع وارتكاب جرائم بشعة؛ ما أدى إلى تيقن عدد كبير من السوريين أن هذا النظام لا تنفع معه السّلمية، وحضرت نقاشات حول هذا الأمر، حيث كانت خلافات بين ناشطي الحراك: قسم يصمم على الاستمرار في السلمية، وقسم يؤكد أنه لا بد من حمل السلاح والدفاع عن النفس”.

تابع: “النظام شجّع على حمل السلاح، ليكون ذلك ذريعة لتصفية المعتقلين والمعارضين، كما فعل من قبل، في الثمانينيات من تصفية للمعتقلين وارتكاب مجازر، بسبب تسلح الطليعة المقاتلة، فوجد النظام فرصة للإجهاز على الثورة”، وعقّب بالقول: “بنظري انتهت الثورة السلمية أواخر 2011، وامتدت السلمية مع المسلحة، حتى نهاية عام 2012، حيث انتهى الحراك السلمي بشكل نهائي تقريبًا، وتحولت الثورة إلى مسلحة، مع بقاء بعض النشاطات المدنية”.

قال الفحام: “ينبغي أن نتذكر أننا -الشعب السوري- كنا محرومين من التنظيم الذاتي والمبادرات المجتمعية منظمات المجتمع المدني الحقيقة، ومن خلق أي تجمع سياسي أو غير سياسي، دون موافقة وتدخل أجهزة الأمن، لذلك يجب عدم تحميل الشباب مسؤولية أكبر مما يجب، هم عملوا قدر استطاعتهم”.

حول تأثير تداخلات المصالح والتنافس بين الدول المعنية في الملف السوري، قال الفحام: “أنا أحمّل الدول التي تدخّلت في سورية، بصفة أصدقاء الشعب السوري، المسؤوليةَ الكبرى عما وصلت إليه الأمور، للأسف تم إيهام السوريين، وظهرت التنافسات والصراعات بين مصالح الدول، وبدأ تسليح فصائل متطرفة، وبدأ ضخ إعلامي، وقد أدى كل ذلك إلى سقوط الثورة، في عدد من المناطق الجغرافية، كما أسقطت من عقول كثير من الناس”.

حول إمكانية إعادة الحراك الثوري إلى الواجهة، أوضح الفحام: “كثيرون يقولون انتهى عهد 2011، لكنه لم ينته قط، لا بد من الإصرار على شعارات الثورة الأولى، لا بد من الابتعاد عن ردّات الفعل، ولا يجوز أن ننساق لردّات الفعل، لأن الاعتماد على ردات الأفعال أبعدَ السوريين عن رسم استراتيجيات وخطط بعيدة الأمد للبناء عليها”.

ختم الفحام بالقول: “الشباب السوري حاليًا مرهق ومشتت ومريض ومتعب ومصدوم نفسيًا، سواء أكان من المعارضة أم من الموالاة، في ظل هذه الحرب التي استنزفت الشباب، لكن شباب الثورة تعلموا الكثير من التنظيم، وتغيرت شخصياتهم، واكتسبوا المزيد من القوة والجدية والإصرار ومواجهة الصدمات، ولا بدّ من الاستمرار، وأنا أصر على العودة إلى المطالب الأساسية، لإعادة النظرة العامة الأولى التي خرجت من أجلها الثورة السورية”.


سامر الأحمد


المصدر
جيرون