“ماهان إير”.. ناقل اللاجئين الموالين



لوحظ في الآونة الأخيرة أن بعض الشبيحة من اللاجئين في ألمانيا، يقومون بزيارات إلى سورية، من خلال شركة طيران(أجنحة الشام) التي يملكها رامي مخلوف، ابن خال بشار الأسد، وعبر مطاري طهران وبيروت. حيث تتولى طائرات شركة (ماهان إيرلاين) الإيرانية نقل مسافرين من ألمانيا إلى إيران، ومن ثم تتولى شركة (أجنحة الشام) بقية الرحلة إلى سورية عبر بيروت، وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد أدرجت شركة (ماهان)، على لائحة العقوبات في كانون الأول/ ديسمبر 2011، بسبب تقديم خدمات للحرس الثوري الإيراني في إيران وسورية، مع العلم أن اللاجئين الذين يتمتعون بحق اللجوء الإنساني في ألمانيا يحملون وثيقة سفر ألمانية، كُتب عليها “يسمح لحاملها بزيارة جميع البلدان عدا بلده الأصلي”. حيث تنص المادة 25/2 من قانون اللجوء الألماني، على أن “كل من يحمل صفة اللجوء الإنساني، وتثبت عودته إلى بلده الأم، يُعد لجوءه ملغيًا، ويفقد حق الإقامة في البلاد؛ لكون الحجة التي حصل على أساسها، على حق اللجوء، غير صحيحة”.

سألت (جيرون) بعضَ المختصين والناشطين من اللاجئين في ألمانيا، وبعض المحامين السوريين المهتمين عن تفاصيل هذه القضية وكيف يتم ذلك قانونيًا؟ الطبيب اللاجئ نجيب العدل أكد أهمية هذا الموضوع، وقال لـ (جيرون): “بالطبع، إن اللاجئ السوري يفقد حقه باللجوء؛ إذا ثبت أنه زار سورية، لأن هذا يعني أنه لا يتعرض للاضطهاد، أو التهديد أو أي نوع من سوء المعاملة، في بلده سورية، على عكس ما صرّح به من قبل، عند طلب اللجوء، وهنا في البلاد الأوروبية لا تكفي الحملات الإعلامية التي تسلط الضوء على هذا الموضوع، بقدر ما تفيد الأدلّة، وهذا يصعب أحيانًا”. وقد اقترح الدكتور العدل “أن تُشكل لجنة في ألمانية تتبع لجهة ثورية أو سياسية، كالائتلاف مثلًا، مهمتها التقصي وجمع المعلومات والأدلة، عن هؤلاء الشبيحة، لكشف زيارتهم إلى سورية، ومن ثم عرض هذه الأدلة على الجهات الألمانية المختصة؛ ليتم طردهم من ألمانيا أصولًا”.

أما المحامي علي محمد الشريف، فقال لـ (جيرون): “إن قرار منح الشخص صفة اللاجئ، في دولةٍ ما، ينطلق من غايات حمائية، وبحسب اتفاقية اللاجئين لعام 1951، فإنّ الخوف المعقول والمبرّر من اضطهاد السلطات الحاكمة له في بلده، لأسباب محدّدة، من بينها تبنيه آراء سياسية معينة، هو الأساس لمنحه حقّ اللجوء. وبالتالي؛ فإن مجرّد انتفاء الخوف، وزوال أسباب الغاية الحمائية عن الشخص، يفقده حق وجوده كلاجئ، ويسقط عنه صفة اللجوء، لأنّ وجوده حينئذ في البلد المضيف سيستند إلى غايات وأسباب أخرى، كالسياحة، أو العمل، أو ربما للقيام بأعمال ومهمات غير مشروعة، تشكل خطرًا على اللاجئين من أبناء بلده أو على أمن الدولة المضيفة”.

وتابع: “لذلك؛ فإنّ عبارة (يسمح لحاملها بزيارة جميع البلدان عدا بلده الأصلي)، المدونة على وثيقة السفر الألمانية المعطاة للاجئ السوري، يمكن فهمها في سياق ما ذكر، بأنّ الهدف منها حماية حياته وأمنه وسلامته، من السلطات الحاكمة في سورية، وإنّ عودة اللاجئ إلى موطنه -وإن كانت مؤقتة- إضافة إلى كونها مخالفة للقانون الألماني، تفضي إلى انقضاء انطباق اتفاقية اللجوء عليه، بحسب الفقرة (ج) من المادة 1 منها”. وعن إمكانية فضح تلك الأفعال، قال الشريف: “مهمّة فضح هذه الحالة، وغيرها من الممارسات التي يقوم بها مدّعو اللجوء من مندوبي النظام المجرم في سورية وأدواته التشبيحية، هي مسؤولية إعلامية وقانونية وإنسانية، تقع على عاتق جميع السوريين، وأعتقد أن هناك إمكانيّة للتحرّك باتجاه تعرية هؤلاء وتسليط الضوء عليهم، وإثارة الأسئلة المنتجة، وبناء الملفات حول الأسباب الحقيقية لوجودهم في دول اللجوء، وعن أدوارهم المشبوهة ومهماتهم القذرة التي يقومون بها، من خلال تلطّيهم وراء صفة اللجوء، بل استثمارهم للقوانين المتحضرة القائمة على المبادئ والقيم وحقوق الإنسان، خدمة للنظام الأسدي المتوحّش”.

الناشطة السورية في ألمانيا رحاب حسون ترى أن “النظام السوري ليس بعيدًا عن السوريين في ألمانيا، ومن بينهم مؤيدون له، وكثيرًا ما نجد هؤلاء يناقشون ويعطون انطباعات بأن المشكلة الرئيسة في سورية هي الإرهاب، وأن النظام الحاكم ممتاز وقريب من شعبه، كما نجد أيضًا مظاهر تشبيحية، في أثناء مظاهرات الأحرار، أو أثناء وجود حفلات فنية لفنانين داعمين للنظام السوري، حتى إن هناك بعض الأقلام المأجورة في الصحافة المحلية الألمانية التي تروّج للنظام، بشكل مباشر وغير مباشر، وليس بعيدًا من هذه المظاهر، زيارة وفد من الحزب الشعبوي المعارض (الحزب البديل من أجل ألمانيا) لسورية، ولقاؤه بمفتي النظام السوري، وبمسؤولين من الدرجة الأولى، ومن ثم تقديمه صورة إيجابية عن الحالة العامة في سورية. كلّ ما ذكر خلق حالة من الهلع في أوساط السوريين في ألمانيا، وخوفهم من مصير مجهول، إذا ما تنامت هذه المظاهر، وأدت إلى اتهام مناصري الثورة بالإرهاب أو التفكير في إعادتهم إلى بلادهم. وهذا الخوف -حسب اعتقادي- يقف سببًا في ابتعاد السوريين عن المشاركة في الفعاليات المناصرة للثورة من تظاهرات أو غيرها”. وأضافت حسون: “لا يمنع القانون الألماني السفرَ إلى سورية إلا لطالبي اللجوء، أما الأشخاص الذين جاؤوا تحت بند (لمّ الشمل) أو كزيارة إلى ألمانيا، فإنهم أحرار بالسفر إلى سورية، واستخدام جواز سفرهم السوري، والقانون الألماني واضح في ذلك، ومن يزور سورية من طالبي اللجوء تسقط عنه هذه الصفة، ويفقد إقامته تلقائيًا. ولكن الموضوع المهم هو التركيز على فرع الأمن السوري الأهم في ألمانيا، والمسمى (السفارة السورية)، والمهمات الأمنية للزائرين، وبعض رؤساء أو عناصر الأفرع الأمنية الذين حصلوا على حق اللجوء الإنساني، والتركيز على طبيعة عملهم، واستغلالهم لفسحة الحرية في البلاد الديمقراطية؛ لإخافة السوريين وتوريطهم أو إساءة سمعتهم. وليست مقاطع فيديو القتل والعنف والتمييز ضد المرأة التي تنتشر، بين الفينة والأخرى، بعيدة عن مهمات الجيش الإلكتروني السوري، عدا عن التفجيرات التي تحصل في أوروبا”. ثم نوهت إلى أن “هذا العمل يحتاج إلى تنظيم من قبل الحقوقيين السوريين، وتشكيل منظمات تعلن عن أنفسها، وتُرخَص بشكل واضح، وتعمل ضمن إطار حماية المجتمع الألماني من خطر إرهاب النظام، وكذلك حماية اللاجئين من الخوف وإساءة السمعة، وأعتقد أن الوقت بات مناسبًا، وبخاصة مع صعود صوت التطرف بين الأوروبيين، بقيادة أحزاب شعبوية، يتضح يومًا بعد يوم ارتباطها بروسيا والأنظمة التي تدعمها، وعلى رأسهم النظام الديكتاتوري الأسدي”.


أحمد مظهر سعدو


المصدر
جيرون