أساتذة الفلسفة والربيع السوري



عرضت قناة (أورينت)، في منتصف ليلة 18 آذار/ مارس 2018، مقابلة تلفزيونية، قدّمتها السيدة ديمة ونوس، مع الدكتور الصديق أحمد برقاوي.

الشعب السوري مدين لكوكبة من أساتذة الجامعات السورية عامة، ولكليات الفلسفة خاصة، وأخص بالذكر منهم أحمد برقاوي، ويوسف سلامة، وصادق جلال العظم، ومن سبقهم: مصطفى السباعي، وعادل العوا، ومحمد الفاضل…

قدّم برقاوي عرضًا شاملًا وشرحًا وافيًا، وفكرًا يلبّي التطلعات، ويجيب عن أسئلة الواقع العربي والسوري، ويرفع الغطاء عما حدث في سورية، على طريق الانتقال من المأساة الحالية إلى برّ السلامة لسورية الحبيبة.

عتبي على الصديق برقاوي أنه غلّب دور الجامعة وكلية الفلسفة، ودوره مع سلامة والعظم في تنامي وتراكم الوعي السياسي، الذي كان مقدمة الربيع السوري والعربي، واختزل الإرهاصات والمقدمات التي مهّدت الأرضَ للربيع السوري والعربي، ونسب الدورَ الأكبر إلى أساتذة الفلسفة.. وقد تجاهل دورَ (منتدى جمال الأتاسي) للحوار الوطني في دمشق (الذي فتح أبوابه بداية عام 2000) وكان برقاوي من محاضريه الممّيزين، وكان يحضره من 300 إلى 800 شخص، من أنحاء سورية، وظل كذلك مدة خمسة أعوام، حتى اعتُقل مجلس إدارته وأغلق. رافق منتدى جمال تفتح منتديات أخرى كالفطر في المدن الأخرى، وقد طرحت فكرة منتدى جمال وأقرّت في قيادة “التجمع الوطني الديمقراطي” المعارض.

في عام 1977، جرت حوارات بين الأحزاب المعارضة، أثمرت تأسيس “التجمع الوطني الديمقراطي” للتغيير الوطني الديمقراطي، أُعلن عنه عام 1979 وعن ميثاقه عام 1980، ردًا وبديلًا عن العسكرة، بين الطليعة المقاتلة لـ “الإخوان المسلمين” وبين النظام، وقد طرحت وثائقه تغييرًا وطنيًا ديمقراطيًا، ورافقته حركة المثقفين والنقابات المهنية، فقمع نظام الأسد هذه الظواهر واعتقل بعض ناشطيها.

بين عامي 2000 – 2003، ولد ربيع دمشق، وكان منتدى جمال الأتاسي أهم تجلياته، فاعتُقل عدد من ناشطيه، وفي 2005 عقد المؤتمر العاشر لـ “حزب البعث”، وخلص إلى توصيات مقاربة لمشروع التغيير الديمقراطي، لكنها بقيت أسيرة الأدراج ومكاتب القيادة القطرية. وفي العام ذاته 2005 أعلن في مؤتمر صحفي “إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي”، ثم إعلان دمشق بيروت/ بيروت دمشق/.

انعقد “المجلس الوطني لإعلان دمشق”، عام 2007 في دمشق، حضره وشارك فيه 167 مواطنًا سوريًا. وأصدر بيانه الختامي ووثائقه على طريق التغيير الديمقراطي، وتمّ اعتقال عدد ممن حضره.

فاجأت حادثة (الحريقة)، في منتصف شباط/ فبراير، بدمشق متابعي الشأن السوري، وكذلك الحدث الأهم: التظاهرات السلمية في منتصف آذار عام 2011 التي احتلت الساحات العامة في المدن السورية.

الصديق الدكتور برقاوي، ابن سورية وابن فلسطين، شهد وعاصر منذ عام 1963 السجونَ، من المزة وشيخ حسن والقلعة وتدمر وصيدنايا والأقبية، التي لم تخلُ يومًا من ناشطي وأعضاء ومتابعي صحف الأحزاب المعارضة السورية. عتبي على البرقاوي أنه لم يذكر، أو أنه نسي، أحزاب المعارضة السياسية السورية، ودورها في التمهيد لإرهاصات الربيع السوري، قبل عقدٍ من ربيع تونس والربيع العربي.


عبد الحفيظ الحافظ


المصدر
جيرون