واشنطن بوست: هل سيسمح ترامب للأسد بأن يستخدم كما يشاء الأسلحة الكيميائية في سورية؟



سوريون يمشون في شارع مدمر في بلدة سقبا -الغوطة الشرقية- في سورية، 18 آذار/ مارس. تصوير (لؤي بشارة/ وكالة الصحافة الفرنسية/ صور جيتي)

تؤكد إدارة ترامب أنها لن تتسامح مع هجمات الأسلحة الكيميائية، التي يقوم بها نظام بشار الأسد وشركاؤه في سورية، على الرغم من الاستخدام الواسع الانتشار لغاز الكلور، إلى جانب تقارير موثوقة عن استخدام غاز الأعصاب السارين. لكن لا توجد خطة حقيقية لوقف جرائم الحرب هذه، وصدقية أميركا على المحك.

مع دخول الحرب السورية عامَها الثامن، دعا مستشار الأمن القومي: ماكماستر، يوم الخميس 15 آذار/ مارس، إلى معاقبة موسكو وطهران، بسبب دورهما في الفظائع المستمرة في سورية. وأشار إلى أن مثل هذه الأفعال يجب أن تكون لها عواقب سياسية واقتصادية خطيرة.

قال ماكماستر، في متحف ذكرى الهولوكوست في الولايات المتحدة: “يجب على جميع الدول المتحضرة أن تحمّل إيران وروسيا المسؤولية عن دورهما في ارتكاب الفظائع، وإطالة أمد المعاناة الإنسانية في سورية. لا ينبغي أن يكون الأسد محصنًا من العقاب على جرائمه، ولا ينبغي ذلك لرعاته أيضًا”.

إن هجمات النظام على المدنيين هي الأسوأ الآن، في الغوطة الشرقية، وهي من ضواحي دمشق، حيث تحاصر قوات الأسد نحو 400,000 شخص، بمساندةٍ من الميليشيات المدعومة من إيران، والقوة الجوية الروسية. القنابل التي تتساقط كالمطر تنشر في كثير من الأحيان الغازَ القاتل، حيث وصف المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسورية الغوطة الشرقية، بأنها “بؤرة المعاناة”.

من غير الواضح ما استعدت إدارة ترامب لفعله حيال ذلك. نيكي هالي، السفير الأميركي في الأمم المتحدة، هددت الأسبوع الماضي بأن الرئيس ترامب سيردُّ عسكريًا، كما فعل في نيسان/ أبريل الماضي؛ إن استمر استخدام الأسلحة الكيميائية، وقالت في مجلس الأمن الدولي: “عندما يفشل المجتمع الدولي باستمرار في التصرف؛ فهناك أوقات تضطر فيها الدول إلى اتخاذ إجراءاتها الخاصة”.

سارع الدبلوماسيون، في جميع أنحاء العالم، إلى تحليل صدقية تهديد هالي، فالجنرال غيراسيموف، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية، حذّر من أن روسيا سترد على الضربة هذه المرة، واستدعى سيرجي ريابكوف (نائب وزير الخارجية الروسي)، جون هانتسمان (السفير الأميركي في موسكو)، لإبلاغه التحذير نفسه بشكلٍ خاص.

أفرغت/ أزيلت تعليقات هالي، من خلال العملية المشتركة بين الوكالات/ الحكومات، ولكن لم يتم اتخاذ قرار بشأن القوة العسكرية، فالبنتاغون لا يُفضّل مهاجمة الأسد قرب دمشق، على الرغم من أن جيم ماتيس (وزير الدفاع) قال، في الآونة الأخيرة: “من غير الحكمة” أن يواصل الأسد استخدام الغاز كسلاحٍ. بينما فضّل ريكس تيلرسون (وزير الخارجية) التفاوض مع موسكو، قبل أن تتم إقالته، أما وجهات نظر ترامب الشخصية، فهي غير معروفة.

قبل أي ضربة، سيكون على إدارة ترامب أن تبني حالةً مؤكدة من استخدام الأسلحة الكيميائية، تكاد تكون مستحيلةً نظرًا إلى الوضع الفوضوي على الأرض. لقد جمع عمال الإنقاذ من فريق (الخوذ البيضاء)، والأطباء المحليون، أدلةً وافرة على وقوع هجمات بالكلور، لكن التحقق من استخدامها قد يستغرق شهورًا.

“لدينا معيار أسمى للتأكد من أننا نفهم بدقة ما حدث. . . بحيث يناسب ردّنا التهديد”، كما قال مايك بومبيو، مدير وكالة المخابرات المركزية، ومرشح وزارة الخارجية، في 11 آذار/ مارس.

هذا يترك الولايات المتحدة وشركاءها يبحثون عن أدوات أخرى. يحاول موظفو هالي جاهدين التفاوض على قرارٍ جديد من الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار، إضافة إلى قرارٍ جديد، بشأن مراقبة استخدام الأسلحة الكيميائية. في عام 2013، مهّد تهديد الرئيس باراك أوباما، باستخدام القوة، لصفقةٍ مع موسكو بشأن الأسلحة الكيميائية. لكن هناك فرصة ضئيلة لأن تسمح روسيا لأي شيءٍ مهم بأن ينجح هذه المرة.

ومع ذلك، هناك الكثير مما يمكن أن تفعله الولايات المتحدة، فمتحف المحرقة أصدر تقريرًا، الأسبوع الماضي، يوصي بطرقٍ لحماية المدنيين من الأسلحة الكيميائية وغيرها من الأسلحة، حيث يركز التقرير على زيادة الضغط على موسكو وطهران، وتأمين وصول المساعدات الإنسانية، ودعم المجتمع المدني في المناطق المحررة، ومتابعة المساءلة لمجرمي الحرب.

لقد أقر مجلس النواب بالفعل تشريعًا، يقضي بفرض عقوبات على الأسد، بسبب جرائم الحرب، ووقف تدفق الأسلحة المستخدمة لقتل المدنيين، حيث سُميّ القانون باسم “قيصر”، المصور العسكري السوري الذي قام بتهريب 55,000 صورة، تثبت تعذيب نظام الأسد المدنيين وقتلهم في مراكز الاعتقال، كما يفضل بوب كوركر (جمهوري -ولاية تينيسي)، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، تشريعًا بديلًا يركّز بشكلٍ أكبر على التحقيق في جرائم الحرب. لم تظهر إدارة ترامب ميلًا لصالح أي من المقاربتين.

إذا لم يحدث شيء، قبل سقوط الغوطة الشرقية؛ فستُكشف كذبة هالي وماكماستر، وهذا يعني كارثة للمواجهة الدبلوماسية المقبلة مع الأسد وروسيا وإيران، في مناطق أخرى من سورية.

وكما قال هادي البحرة، من هيئة المفاوضات السورية المعارضة: “الأسد يتحدى إرادة وجدية إدارة ترامب، طالما أن النظام يستطيع مواصلة القصف من دون عواقب؛ فلن يجلس أبدًا إلى طاولة المفاوضات”.

سيمتد الفشل إلى خارج سورية. في أيلول/ سبتمبر 2013، النائب بومبيو، في ذلك الحين (جمهوري، كنساس)، والسناتور توم كوتون (جمهوري- أركنساس) قالا في مقالٍ نشرته جريدة (واشنطن بوست): إن عدم ردّ الولايات المتحدة، على استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية، سيشجّع ليس الأسد فحسب، بل أيضًا الجهات الفاعلة الأخرى المارقة، ومنها إيران وكوريا الشمالية. إن مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة الأساسية مهددة في سورية.

كان ذلك صحيحًا في ذلك الوقت، وما زال حتى وقتنا الحالي. عندما يتعلق الأمر بحماية المدنيين السوريين من الأسلحة الكيميائية، لا بد من أن ننحاز إلى مصالحنا وأخلاقنا. طالما أن الفظائع مستمرة، فإن تدفق اللاجئين سيزداد، والتطرف سيزداد سوءًا، ولن تنتهي الحرب أبدًا.

 

اسم المقال الأصلي Will Trump let Assad get away with using chemical weapons in Syria? الكاتب جوش روجين، Josh Rogin مكان النشر وتاريخه واشنطن بوست، The Washington Post، 18/3 رابط المقالة https://www.washingtonpost.com/opinions/global-opinions/will-trump-let-assad-get-away-with-using-chemical-weapons-in-syria/2018/03/18/56a61740-29ed-11e8-b79d-f3d931db7f68_story.html?utm_term=.a2cb4806568f عدد الكلمات 818 ترجمة أحمد عيشة


أحمد عيشة


المصدر
جيرون