يستغلون معاناتهم ويمنعوهم من التحرك.. كيف يتعامل النظام مع مهجري الغوطة الشرقية بمراكز الإيواء؟



السورية نت - مراد الشامي

يقضي عشرات آلاف المهجرين قسرياً من الغوطة الشرقية، أوقاتاً صعبة للغاية في مراكز الإيواء التي افتتحها لهم نظام بشار الأسد، بعد إخراجهم عنوة من أحيائهم التي دُمرت، والأقبية التي اختبأوا فيها و استهدفتها الصواريخ والقذائف.

ويفرض نظام الأسد تكتيماً إعلامياً كبيراً على أوضاعهم، فلا يسمح إلا لوسائل إعلامه بتصوير بعض منهم، ويتعمد إظهار تصريحات لأُناس يشكرون فيها النظام الذي قتل أبنائهم، بعد إرغامهم على الإدلاء بهذه الكلمات.

ويتوزع معظم مهجري الغوطة في مركزين رئيسيين، الدوير قرب عدرا، وفي منطقة حرجلة قرب الكسوة بريف دمشق، وحصلت "السورية نت" على معلومات عن الأوضاع المزرية لعشرات آلاف المُهجرين.

وقالت الناشطة الإعلامية "فيفان روشان" في تصريح لـ"السورية نت" إن أشكال المدنيين محزنة للغاية، مشيرةً أن بعضهم كانت العظام بارزة على أجسادهم الهزيلة، والرعب يملئ عيونهم، وأكثر ما يقلقهم المصير المجهول الذي خرجوا إليه.

وأضافت روشان أن أن قوات نظام الأسد تمنع لقاء المهجرين داخل مراكز الإيواء بعائلاتهم القادمة من دمشق لرؤيتهم ومساعدتهم.

"يفترشون الأرض"

ونقل ناشطو مكتب دمشق الإعلامي شهادات لأقارب عائلات المهجرين من الغوطة، ومن بينهم شهادة لرجل يدعى سعيد، قال بعدما ذهب إلى مركز تجمع عدرا لرؤية أخوته وعائلاتهم: "لدى وصولي بعد عناء شديد لم أرى سوى أشخاص وكأنهم بُعثوا بعد موتهم، هياكل عظمية، تعب واضح على الوجوه، أشخاص أعرفهم لكنني لم أتعرف عليهم، فقد تغيرت أجسادهم ومعالمهم، الآلاف يفترشون الأرض، ويعاملون كمعاملة المعتقلين لا أكثر".

ومن جانبها، قالت هدى التي عانت هي الأخرى لرؤية ابنتها وعائلتها: "أتيت منذ الصباح الباكر للدخول وزيارة ابنتي وزوجها وأطفالهم لعلي أتمكن من إخراجها وأطفالها على أقل تقدير، لكني مُنعت من الدخول، وحالي كحال مئات النساء، حيث يطلب منك الانتظار لساعات وساعات دون جدوى، ناهيك عن كلام مهين يوجهه عساكر الأسد للنساء المتجمهرات على الحاجز أملاً بالدخول".

ومع ازدياد أعداد المُهجرين قسرياً من الغوطة والتي وصلت حتى اليوم الأحد 25 مارس/ آذار 2018، إلى نحو 132 ألف شخص، فإن النظام سمح لبعض الأطفال والنساء بالخروج من "مراكز الإيواء" باتجاه دمشق، شريطة وجود كفيل لهم من أقربائهم هناك.

ويهدف النظام من ذلك إلى تخفيف الضغط على "مراكز الإيواء" وإفساح المجال لاستقبال أعداد جديدة من المدنيين الذين يستمر خروجهم من مناطق الغوطة الشرقية المُحاصرة حتى، اليوم الأحد.

وذكر مكتب دمشق الإعلامي شهادة رجل يدعى ضياء، تمكن من إخراج خالته وبناتها وأطفالهم من أحد مراكز الإيواء، لكنه قال إن قوات الأسد "منعت زوجها (68 عاماً) وابنها (35 عاماً) من المغادرة نحو العاصمة، ليبقى مصيرهم مجهولاً كحال آلاف الرجال والشباب المحتجزين حتى الآن".

ويخشى المهجرون من أن تُجبر قوات الأسد الشباب منهم على القتال عنوة مع قوات الأسد، كما فعلت الأخيرة سابقاً بعدما توصلت إلى اتفاق "مصالحة" مع معضمية الشام بريف دمشق، وأجبرت حينها شباب المدينة على المشاركة في المعارك لصالح قوات النظام.

استغلال لمعاناة المهجرين

ووسط هذه المعاناة الإنسانية، وجد عناصر في قوات الأسد فرصة لاستغلال معاناة المُهجرين وحاجة عائلاتهم لإخراجهم من الأوضاع السيئة التي يعيشون فيها، وطلبوا رشاوى بمبالغ ضخمة جداً للسماح لبعض المهجرين بالخروج نحو دمشق، وفقاً لما قاله ناشطو مكتب دمشق الإعلامي.

وانتشرت خلال الأيام الثلاثة الماضية صور من داخل مراكز إيواء، وأماكن تجميع المُهجرين قبل نقلهم إلى أماكن إقامتهم الجديدة، وأظهرت الصور إحاطة المُهجرين بأعداد كبيرة من عناصر قوات الأسد، وقد بدا عليهم التعب والإنهاك.

وتعمد نظام الأسد نشر مقاطع فيديو وصور تُظهر إذلالاً متعمداً من قبل قواته للمهجرين قسرياً من الغوطة الشرقية، إحداها صورة لجنديين التقطا صورة "سيلفي" في أحد ملاجئ الغوطة الشرقية وورائهم عدد من النساء والأطفال الذين كانوا يختبئون من القصف.

أما المشهد الأسوأ فكان لعضو مجلس الشعب، محمد قبنض، الذي ظهر في أحد مراكز إيواء المُهجرين من الغوطة، وبجانبه أحد العسكريين، وكانا يطلبان من المدنيين المُنهكين الهتاف للأسد والإعلان عن وفائهم له مقابل الحصول على عبوة مياه للشرب.

وأثار الفيديو انتقادات واسعة من قبل سوريين قالوا إن ما جرى "تشبيح بأبشع الصور للأسد، هدفه إذلال الأهالي الخارجين من الغوطة"، متسائلين في الوقت نفسه "كيف يُجبر النازحين على أن يهتفوا للآمر بقتل أبنائهم بالغوطة مقابل مياه الشرب؟".

وفي وقت سابق أكد الممثل المقيم لأنشطة الأمم المتحدة في سوريا علي الزعتري أن الوضع مأساوي في مراكز الإيواء التي خصصها نظام الأسد للفارين من الحملة العسكرية التي يشنها بدعم روسي في الغوطة الشرقية.

وقال الزعتري غداة جولته على عدد من مراكز الإيواء في ريف دمشق: "لو كنت مواطناً لما قبلت بأن أبقى في (مركز إيواء) عدرا لخمس دقائق بسبب الوضع المأساوي"، مضيفاً: "صحيح أن الناس هربوا من قتال وخوف وعدم أمن، لكنهم ألقوا بأنفسهم في مكان لا يجدون فيه مكاناً للاستحمام".

اقرأ أيضا:صحيفة: الأمم المتحدة وروسيا متورطتان بقصف مشفى في الغوطة




المصدر