البعث وقناة “سما” وورطة نعي الفنانة ريم بنّا



إنه نظام المقاومة “السوبر ستار”، الذي يقاوم كل من يواجه الاحتلال بصدق الانتماء، بعيدًا من الارتهان لشعوذته السياسية واستبداده، إنه بقايا نظام يمانع كي لا تسقط بقايا ورقة التوت التي يتمسك بها هو وكل من تبقى من مواليه القوميين واليساريين، علّها تستر ما يظنون أنه لم يُكشف حتى الآن من عورته وعورتهم.

آخر صيحات موضة الممانعة، تجلت في استعراض جديد، على قارعة أوتوستراد دمشق القدس، بعد رحيل الفنانة الفلسطينية ريم بنّا، إذ هاجمت صفحات الرقابة المخابراتية التابعة لنظام الأسد في (فيسبوك)، بعضَ إعلام النظام نفسه الذي أورد خبر وفاتها.

كتبت صفحة (سورية فساد في زمن الإصلاح): “برسم الأمين القطري المساعد لحزب البعث، الجريدة الناطقة باسم حزب البعث تنعي إرهابية خائنة، شتمت قائدنا وجيشنا، فكيف تسمحون بذلك”، وتساءلت: “هل ستعاقبون الفاعل!”.

هذا هو حزب البعث العربي الاشتراكي، محرر الأمة من الجهل والتبعية والرجعية، ورافع لواء القومية وفلسطين والكادحين، أيها السادة، كيف له أن يقع في هذه الهفوة الجريمة، يا لعارنا المقاوم في فضيحة أن تنعى جريدتكم فنانة غنّت للقدس، وتحدت من ناصرة فلسطين الثقافية، جلادي شعبها الإسرائيليين، كيف لم تستمع لصاحب يد الخير البرلمانية الأسدي، وهو يعطي درسًا حول أهمية “الطبل والزمر”، على طريقة “الحاصودة”.

أكدت الصفحة المذكورة أن قناة (سما) التابعة لنظام الأسد “طردت من قام بهذه الجريمة النكراء”، كون ريم بنا “لم يكن لها أي موقف عروبي مُشرف”، وهنا مربط الفرس، إذا دعمت ريم حرية الشعب السوري، ووقفت في وجه جلاديه، كما دعمت حرية الفلسطينيين، ولم تقف في صف أولئك الفلسطينيين الذين برروا بثقافتهم، البائسة أصلًا، للديكتاتوريات وناهبي القضية والنضال: الأسد ونصر الله وولي الفقيه “المقاوم” في طهران، جرائمهم، أو أولئك الفلسطينيين الذين أجّروا بندقيّتهم للأسد قاتل شعبهم، في لبنان ودمشق وحلب واللاذقية، كما قتل شعبه. كان على الراحلة ريم أن تغني للأسد، كونه الأمين القومي لهذا الحزب، كي تخدم عروبة البعث الأسدي، وعلى الأمين القطري أن يفهم ذلك، كما يرمي المنشور.

وكانت جريدة (البعث) قد أوردت خبرًا عن رحيل ريم بنّا، تحت عنوان (رحيل ريم البنا.. ابنة الناصرة)، وذكرت فيه أنها كانت فنانة ملتزمة، وتكلمت عن ميلادها ومرضها ورحيلها فقط، ثم بعد موجة الانتقادات “الأيديولوجية” التي لم تترك سترًا على من كتب الخبر؛ سارعت الصحيفة إلى حذف الخبر من موقعها.

في هذا السياق، تكلم برنامج (log in) على قناة (سما) عن وفاة ريم، لكن إدارة القناة لم تتأخر في الرد النضالي الحاسم والرادع، لكل من تسوّل له نفسه أن توهن عزيمة الأمة، ولو بخبر عن الموت، فأصدرت قرارها بفصل “مدير برامج القناة محمد كفرسوساني، ومعد ومقدم البرنامج عبد الله الحلاق”، باعتبار أن ما جرى “خطأ فادح”، بحسب ما كتب حيدر بهجت سليمان، صاحب الباع الطويل في ثقافة الممانعة الأمنية.

تلك الحملة التي شنتها صفحات موالي النظام على ريم بنا، بسبب خبر عن رحيلها، تعود إلى أن الفنانة الفلسطينية -ككل المناضلين الصادقين- ساندت قضايا الشعوب، ومنها الثورة السورية ضد نظام الأسد، وقالت: إن رئيس النظام السوري بشار الأسد “سفاح ومجرم وقاتل للأطفال”، وإن نظام الأسد هو “أكثر نظام مجرم ومتخلف، في الوطن العربي”.

لا شك أن ما وصفت به ريم بنّا هذا النظام يستحق، في عرف الأسد ومخبريه، الإعدام لا الشتم فقط بالقول إنها “عميلة وخائنة”، ولا ندري لمن هي خائنة، في عرف محور الممانعة.

المؤسف في كل ذلك ليس فصل هؤلاء أو غيرهم من أعمالهم، أو حتى اقتيادهم إلى السجن والتحقيق معهم، فهذا من طبيعة النظام والطغمة الحاكمة كلها، لكن من يتابع تعليقات المتابعين، حول التشفي بهم والطلب بعقوبة أكثر صرامة بحقهم، وكذلك طريقة التهكم على الراحلة (بنّا)، هو الأمر الذي يجب الاهتمام به، فهو مؤشر على حجم الفاجعة الأخلاقية التي كرسها هذا النظام، داخل العديد من شرائح المجتمع، وهي دليل على أن الثورة ليست لإزاحة نظام مستبد فقط، بل لإعادة مفاهيم القيم إلى المجتمع السوري، والعمل على بنائه بشكل سليم، بعد كل هذا الخراب الذي رعاه هؤلاء الممانعون بالنفاق. (ح.ق)


حافظ قرقوط


المصدر
جيرون