انسحاب “فيلق الرحمن” من الغوطة الشرقية: مُجبر أم مأمور؟



أثار قبول (فيلق الرحمن) الاتفاقَ -وكذلك (حركة أحرار الشام) من قبل- على الخروج من الغوطة، كثيرًا من التكهنات، لاسيما أن الاتفاق جاء بشكل مفاجئ. ذهب بعض المراقبين إلى أن الاتفاق جاء بعد الهجمة الشرسة التي تنفذها قوات النظام وروسيا، في حين اعتبر آخرون أن الاتفاق جاء على خلفية إملاءات خارجية للفيلق.

يقول رئيس المجلس المحلي في زملكا يوسف الغوش، لـ (جيرون): “كنا في حالة إصرار على الصمود حتى آخر لحظة”، وأضاف مبيّنًا بعض التفاصيل: “ما حصل كان خارج قدرة التحمل الإنساني: بعد خمس سنين من الحصار والنقص الشديد من الغذاء والدواء، وبعد استخدام أسلوب الصدمة، والقصف المكثف الرهيب على المدنيين، وتدمير مرافق الخدمات المدنية؛ يلجأ الناس إلى قاتلي أهلهم لحماية أنفسهم”.

أكد الغوش أن “النظام والروس لم يدخلوا الجبهات، إلا بعد استنجاد المدنيين، وضعف المقاتلين أمام أهليهم. لم تكن حربًا عادلة بالمطلق.. كانت عملية إعدام جماعي، وتهديدًا بعدم بقاء الجماعة البشرية في الغوطة، كانت المجازر بالجملة، تحت سمع العالم وبصره”. وعدّ أن “ما حصل يجسد قمة القدرة على الصمود، وهذا ما أبداه أهل الغوطة، قبل أن تتحول الحرب في الشهر الأخير، إلى تغوّل في الإجرام إلى حد الفناء، من دون حسيب أو رقيب”.

من جهة ثانية، رأى رئيس الحكومة السورية المؤقتة جواد أبو حطب أن سبب قبول الفيلق الاتفاق “يعود إلى سكوت المجتمع الدولي وإلى القصف الهمجي”. ووصف، في حديث إلى (جيرون)، “ثوار الغوطة” بأنهم “أبطال بلا استثناء”، معقبًا أن سياسة “الأرض المحروقة التي استخدمها المجرم بشار الأسد، والمجرم الروسي وعصابات إيران و(حزب الله) وقطعان المجرمين، والسكوت المخزي للمجتمع الدولي، كلها أمور تقف وراء ما وقع”.

من جانب آخر، عدّ العقيد أسعد الزعبي أن “هناك إملاءات خارجية واتفاقات جرت في الخفاء، وقبل ذلك نعرف جميعًا الفرقة التي كانت بين الفصائل، بسبب تدخلات الخارج، وظلت تلك الأمور تنعكس على صمود الغوطة. وأعتقد أن الأمور واضحة: ثمة دول لها مصالح متبادلة، أسست لهذا التخاذل، وأسست مسرحًا هشًا، ووفرت إمكانية الدخول جغرافيًا بين الفصائل، حتى سقطت مقومات الصمود الحقيقة”. وأضاف لـ (جيرون) أن “خلاف الفصائل تجلّى بوضوح، ثم انعكس على التغيير الجغرافي، وتم استكمال الخطة”.

الباحث السوري زكريا ملاحفجي لم يرَ في الاتفاق الذي أعلنت عنه الفصائل أي استعجال، وقال لـ (جيرون): “كان ينبغي أن ترتّب القوى العسكرية وضعها بشكل أفضل، لكن المعركة أيضًا كانت غير متكافئة، وقد استمرت قرابة شهر، وكانت أشبه بإبادة جماعية”. وتابع: “أعتقد أنه (سُمح) للنظام والروس بالسيطرة على الغوطة، ولو قام الروسي بحرقها، ولم يكن هناك من ضغوط حقيقية تمارس على النظام سوى ضخ إعلامي، وقرار لمجلس أمن لم يطبق، ولم يغنِ شيئًا، في حين أن الروس تلقوا ضربة من الأميركيين، يوم تجاوزوا الخط المحدد في المنطقة الشرقية، وقُتل العشرات منهم، ولم ينبسوا ببنت شفة”.


أحمد مظهر سعدو


المصدر
جيرون