جمال نصار لـ (جيرون): القضية السورية تفقد عناصرها الضاغطة



يرى الباحث المصري الدكتور جمال نصار، أستاذ الأخلاق السياسية في جامعة صقاريا التركية، أن “المشهد السياسي السوري فيه تعقيدات دولية، نتيجة التدخل الروسي والأميركي المباشر بالملف السوري، مع العلم أن الولايات المتحدة لو أرادت إنهاء الملف؛ لفعلت منذ زمن، ولكنها لم تفعل خدمة للكيان الصهيوني”، مضيفًا في حديث لـ (جيرون): “يجب أن تتراجع روسيا عن دعمها للنظام بهذه الطريقة، لأن هذا الدعم يعقد المشكلة، ويفتح بابًا واسعًا للحرب بالوكالة بين الدول الكبرى، كما أنّ تدخل إيران عبر ميليشياتها في سورية يسهم في جعل المشهد في سورية غاية في التعقيد”.

حول هدف النظام من هجومه على الغوطة الشرقية، أوضح نصار أن: “وجود فصائل مسلحة للمعارضة، قرب العاصمة دمشق، يشكل تهديدًا للنظام الذي يريد الحفاظ على محيط العاصمة، وكان قد استخدم الكيمياوي ضد الغوطة، ولكن صمود المعارضة هناك دفع النظام إلى محاولة استرداد الغوطة، ومع الأسف روسيا تدعم النظام السوري في حربه، كما أن الغوطة تشكّل السلة الغذائية للعاصمة، والسيطرة عليها تدعم استقرار النظام على أكثر من صعيد”.

عن الدور التركي في سورية، قال نصار: “تركيا تتعامل مع الموضوع كأمن قومي، بالنسبة إليها، على أساس أن الوحدات الكردية تمثل منظمة إرهابية تهدد الأمن القومي، وهي تدعم (الجيش الحر)، وقد شهدنا تقدمًا وسيطرة جيدة على مناطق في شمال سورية، وإبعاد المنظمات الإرهابية من الحدود التركية، ثم إن معركة (غصن الزيتون) مهمة، بالنسبة إلى الأتراك، لتأمين المنطقة الشمالية من سورية”.

بخصوص العلاقة مع إيران وتأثيرها في الملف السوري، أوضح نصار أن “هناك علاقات قديمة بين إيران والاتحاد السوفيتي ثم مع روسيا، وجاء الملف السوري ليوطد هذه العلاقات، والتقارب بين واشنطن وموسكو ربما سيؤثر في العلاقات مع إيران، وخاصة أن واشنطن لا تريد إغضاب (إسرائيل) ولا المملكة العربية السعودية، بخصوص إيران، كما أن ترامب يُكن عداء كبيرًا لإيران”، وأضاف: “أرى أنه ربما يخفت دور إيران في سورية، إذا أرادت روسيا تضييق الخناق عليها، ويأتي ذلك في إطار المصالح، وبعد أن تمّ القضاء على تنظيم (داعش)؛ لاحظنا أن النظام بدأ بطرح موضوع إعادة الإعمار، وكانت الحظوة لروسيا دون إيران في هذا الملف، إذا حدث تقارب بين الولايات المتحدة وروسيا؛ فسيؤثر ذلك على دور إيران في سورية بالتأكيد”.

عن دور المعارضة على الأرض، قال نصّار: “لدينا شقان من المعارضة: عسكرية تواجه النظام بكل عتاده، وسياسية تتمثل في الائتلاف. الإشكالية الكبرى هي عدم التوافق بينهما، مثلًا في الوضع العسكري، نجد أن عدة فصائل مسلحة تقاتل النظام، فلا بد من توحيد هذه المعارضة وتنظيم الصفوف بشكل جيد، لأن ذلك سيحدث تقدمًا، أما المعارضة السياسية، فعليها استغلال الظروف السياسية، بما يخدم القضية السورية، صحيح أن هناك عراقيل، وبخاصة من جهة الولايات المتحدة التي تحاول ترتيب المنطقة والتموضع ولا سيما في الملف السوري، لكن من المهم جدًا أن يستخدم المعارضون كل الوسائل والأوراق، ويجب التفكير بمرحلة انتقالية يشارك فيها الجميع، من أجل إزاحة النظام”.

بخصوص دور الأمم المتحدة، أوضح نصار أن: “المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا ما زال يراوح مكانه، وكان هناك طرح لفكرة التقسيم، وأنا ضد التقسيم، لا بدّ أن تكون سورية موحدة، الإشكالية في دور الأمم المتحدة، أنها -للأسف- لم تقم بواجبها، لدينا عدد كبير من الضحايا، وسُجلت عدة انتهاكات من قبل النظام وإيران، لم يكن دور الأمم المتحدة كبيرًا، ولكن من المهم للمعارضة السورية أن تستفيد من هذا الدور، وتقتنص الفرصة لنصرة قضيتها قدر الإمكان”.

رأى نصار أن “القضية السورية، على المستوى الإقليمي، فقدت عناصر كانت ضاغطة، بشكل أو بآخر، لصالح الشعب السوري، مثلًا كان موقف المملكة العربية السعودية داعمًا، ويدفع بقوة لإزاحة بشار الأسد، ولكن للأسف التقارب السعودي الأميركي، والسعودي الإسرائيلي، جعلا الوضع الإقليمي عمومًا ليس داعمًا، وهو اليوم ليس في صالح الشعب السوري، الجميع يعمل على ترتيب الأوضاع، لصالح الكيان الصهيوني، والجميع يتخوف من عودة الإسلاميين للحكم”.

اختتم نصار حديثه مؤكدًا “أهمية استمرار الدور السياسي، بالنسبة إلى المعارضة السورية، ووجوب استغلال كل الظروف، ولعب كل الأوراق السياسية والدبلوماسية؛ لتحقيق آمال وطموحات الشعب السوري”.


سامر الأحمد


المصدر
جيرون