السياسة الأميركية المتوقعة في سورية.. تصعيد ضد إيران يقوّي المعارضة



أثار التناقض، بين تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب وبيان وزارة خارجيته، بشأن الانسحاب من سورية، تساؤلات المحللين السياسيين حول ماهية استراتيجية واشنطن المستقبلية، في ظل التغييرات الواسعة التي أجراها ترامب في شخوص إدارته، خلال الفترة الماضية.

قال ترامب، في كلمة تلفزيونية مباشرة، أمس الخميس: “سنخرج من سورية قريبًا جدًا، وندع الآخرين يهتمون بها”، لكن الخارجية عقّبت، بعد دقائق على إعلان ترامب، بأن واشنطن “لا تفكر في سحب قواتها من سورية، في القترة الحالية”.

تأتي هذه التصريحات، بعد مرور عدة أيام على إجراء دونالد ترامب تغييرات في كوادر إدارته، تمثّلت بعزل ريكس تيلرسون عن الخارجية، وتعيين مايك بومبيو بديلًا عنه، وتسمية جون بولتون مستشارًا للأمن القومي، وكلاهما معروف بتشدده ضد إيران، وهما يعارضان الاستراتيجية الأميركية السابقة، في الشرق الأوسط.

زكي لبابيدي، نائب رئيس المجلس السوري الأميركي، أوضح في حديث إلى (جيرون) أنّ: “التغيرات كلها تشير إلى مواجهة مع إيران، وقد تكون عسكرية، وخاصة أن نتنياهو يسير في هذا الاتجاه منذ سنين، وهو الآن يجد في البيت الأبيض من يعمل معه. بدأت الأمور بعزل مايكل راتني، وهو رجل أوباما في الخارجية ومهندس سياسة عدم مواجهة إيران في سورية، بهدف إبرام الاتفاق النووي مع إيران والحفاظ عليه، ثم عزل تيلرسون الذي أراد أن يُبقي على الاتفاق النووي، واستمرار سياسة عدم المواجهة مع إيران، وعزل ماكماستر واستبدله بجون بولتون، وهو من صقور الجمهوريين ومن ألد أعداء إيران”.

أضاف لبابيدي: “كل هذا ينذر بهجوم على الميليشيات الإيرانية في سورية، وربما على (حزب الله) في لبنان، ومساعدة السعودية للقضاء على الحوثيين، ذراع إيران في اليمن، الشيء الوحيد التي تهتم فيه إدارة ترامب في سورية هو الحد من النفوذ الإيراني، وهو ما قد يساعد المعارضة إلى حد بعيد”.

من جانب آخر، توقّع روبرت فورد، السفير الأميركي السابق في دمشق، في مقالة له نشرتها أمس الخميس صحيفة (الشرق الأوسط)، أن “يضغط كل من بولتون وبومبيو باتجاه إجراءات أكثر صرامة، حيال إيران وروسيا في الشرق الأوسط، حيث سيسعى الاثنان نحو فرض مزيد من العقوبات ضد إيران وسورية وروسيا، كما سيطالبان بتخلي واشنطن عن الاتفاق النووي مع طهران، وسيرفضان توجيه أموال أميركية لإعادة إعمار سورية؛ إذا ظلت تحت حكم بشار الأسد، وسيحضان على إجراء تحقيقات، بل ربما تشكيل محكمة خاصة داخل أوروبا، بهدف النظر في جرائم الحرب التي ارتكبتها قوات سورية وإيرانية وروسية”.

رأى بعض المتابعين أن إعلان ترامب سحب القوات هو ورقة ضغط على ميليشيات (قسد)، من أجل القبول بأي طلب أميركي ينتج عن التفاهمات مع الجانب التركي مستقبلًا. لكن الباحث والمحلل السياسي الدكتور زكريا ملاحفجي أكد لـ (جيرون) أن “من المستبعد أن يترك الأميركيون المنطقة بهذه السهولة، فهم يحتفظون بقواعد عسكرية شرق سورية، ويجهزون قواعد أخرى في دير الزور ومطار الطبقة، وإذا ما تم الانسحاب من شرق سورية؛ فلمَ تترك للروس والإيرانيين للسيطرة عليها، بل ربما سيتم نشر قوات من التحالف الدولي، أو اتفاق مع الأتراك على نشر قوات في هذه المنطقة”.

أضاف: “هناك أخبار تتوارد من دير الزور عن نية أميركية للسيطرة على منطقة غرب الفرات، ووصل الجزيرة السورية بمنطقة التنف لقطع الطريق البري أمام إيران، ومن الممكن توجيه ضربات عسكرية، هدفها تقليم أظفار إيران في سورية، ووضع حد لتوسعها”.

ملاحفجي رأى أنّ “التخبّط الذي ظهر أمس بخصوص الملف السوري، بين الرئيس ووزارة خارجيته، يدل على أن الإدارة الأميركية لم تحسم خياراتها بخصوص سورية بعد، وما زالت النقاشات مستمرة، وبشكل عام الجانب الأميركي يحافظ على وجوده وفاعليته في الاستراتيجية العامة في سورية، بينما لا يتدخل في التكتيك والتنفيذ، وهذا ما رأيناه في الغوطة مثلًا؛ حيث ترك الأمر للروس كي يحسموا الملف، فهم لا يرغبون في التعمّق في الملف السوري”.


سامر الأحمد


المصدر
جيرون