الهيئة الروحية في جرمانا تتصدى لبيع البضائع المسلوبة



أصدرت الهيئة الروحية للمسلمين الموحدين الدروز في مدينة جرمانا، بالغوطة الشرقية للعاصمة دمشق، بيانًا اليوم، حذّرت فيه من ظاهرة انتشار المواد المسروقة في الأسواق، وأكدت ضرورة “التصدي لها بحزم وشدة”. وذكّرت بنداء سابق لها يدين عمليات المتاجرة بالمسرقات.

قالت الهيئة، ممثلة بالشيخ سليمان حمود دبوس، والشيخ فارس حمود كاتبة في بيان نشرته على صفحتها في (فيسبوك): “بسبب عودة هذه الظاهرة مؤخرًا؛ رأينا إعادة نشر البيان السابق، الذي يدعو إلى “التصدي لهذه الظاهرة، ولكل من يشارك فيها، بيعًا أو شراء أو نقلًا أو تخزينًا”.

أعادت الهيئة تضمين بيانها الذي أطلقته في أيلول/ سبتمبر 2014، وجاء فيه “أيها الإخوة الأكارم، أهالي جرمانا، فوجئنا مؤخرًا، مع الأسف، بظاهرة غريبة عن مجتمعنا وقيمنا، وهي وجود كميات من المسروقات، يحاول تسويقها البعض من ضعفاء النفوس، والمغرر بهم الذين يتعاطون البضائع المسلوبة بأساليب دنيئة”.

وأضاف البيان: “إنكم تنتسبون إلى فرقة مسلمة مؤمنة موحدة، عُرفت عبر التاريخ (بنو معروف)، هذا اللقب الجليل لم يأت جزافًا، بل هو نتيجة الإيمان العميق، بالقيم والمبادئ والممارسات الصادقة للعمل الصالح، والتمسك الدائم بأهداب الفضيلة يحمل في طياته معاني كثيرة”.

أشارت الهيئة إلى أن كلمة (المعروف) التي جاءت بالتسمية تعني “العلم والمعرفة والصدق والأمانة والمحافظة على الجار، وإغاثة الملهوف، وغير ذلك من الصفات الحميدة، وهي مشتركة بين جميع أطياف الشعب السوري الصامد الصابر، الذي لم تمنعه المصاعب والأزمات، من التمسك بهذه الفضائل الأصيلة التي ورثها عن الآباء والأجداد، وعن التراث الديني الأخلاقي العظيم، الذي وصل إليه بواسطة الأنبياء المكرمين عليهم صلوات الله وسلامه”.

أكدت الهيئة أن “مدينة جرمانا هي جزء لا يتجزأ من الوطن الغالي، تعتز بتمسك أهلها بهذه التقاليد الكريمة، ولم تتخل عنها منذ أقدم العصور، وهذا التمسك يزداد صلابة، كلما ازداد الزمن صعوبة”، وطالبت بضرورة معالجة هذه الظاهرة، “بشكل عاجل وحاسم وصارم”.

تابع البيان: “إن هذا العمل مرفوض ومنبوذ، جملةً وتفصيلًا، وإن كل من يشارك فيه بيعًا أو نقلًا أو شراء أو تخزينًا، أو يتساهل مع هذه الظاهرة القبيحة، يُعدّ مذنبًا مخالفًا للعادات والتقاليد والمبادئ والأخلاق العريقة، ويخضع للمساءلة الدينية والاجتماعية الصارمة، بحيث لا يُزار في أثناء حياته، ولا يُؤكل من طعامه، ولا يُصلّى عليه يوم وفاته”. وختمت الهيئة بيانها بالآية الكريمة: “إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا، وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ”.

في هذا الموضوع، قال الدكتور أدهم مسعود القاق، مدير (معهد ليفانت للدراسات الثقافية والنشر)، لـ (جيرون): “إن اللصوص و(الشبيحة) المعروفين للجميع، ازدادت أعمالهم وتصرفاتهم وقاحة، وأخذوا يعرضون مسروقاتهم بشكل استفزازي أمام الناس، وكان من المهم أن تتصدى الهيئة لهذه الظاهرة السيئة، وأن تؤكد على القيم المجتمعية الموروثة”.

وأشار إلى أن موقف الهيئة الصارم “ليس الأول من نوعه”، حيث كان لها “دور اجتماعي بين الناس سابقًا للتنبيه من هذه الأعمال”، كما أنها حذّرت، منذ البداية، “من خطورة القتال إلى جانب قوات نظام الأسد ضد أهالي الغوطة الشرقية، ووصفت ذلك بأنه تعدٍّ على الجيران وأهالي الوطن، وحرّمت دينيًا التعاطي مع كل من يعتدي على الجيران أو اللاجئين في جرمانا”، ولفت إلى أن “الشيخ كاتبة تصدى -منذ البدايات- لكل من حاول التضييق على اللاجئين، وذكّرهم، أمام الجميع، بمواقف سلطان الأطرش بالثورة السورية الكبرى”.

في السياق ذاته، أشاد الدكتور كمال سلوم بالبيان، وقال لـ (جيرون): “استطاع النظام في جرمانا، منذ بدء الثورة، توظيف بعض أتباعه و(شبيحته)، وزودهم بالسلاح وقدم الحماية الأمنية، لكنه لم يستطع تأمين الحاضنة الشعبية لهم، وكان للعلاقات الوطنية البعيدة عن الطائفية، التي تربى عليها أهل جرمانا مع جيرانهم، الأثر الإيجابي في عدم اتساع الهوة، بينهم وبين محيطهم، فتم تطويق هؤلاء الفاسدين، كما تمت تصفية بعضهم نتيجة نشوب الخلافات بين أجنحة النظام وزبانيته، فكان الجو مناسبًا لخطاب ينأى بجرمانا عن عمليات السرقة والتشبيح والاتجار بالأموال المسروقة”.

أفاد سلوم بأن “ضعفاء النفوس يعودون اليوم، مع الأسف، إلى الواجهة، وعلى هذا يعود من جديد صوت الأحرار لمواجهتهم، والتصدي لكل أنواع الفساد، ومنها محاربة تسويق وتجارة الأثاث المسروق من بيوت المواطنين المنكوبين في الغوطة”، وأشار سلوم إلى أن هذا الموقف من الهيئة الروحية “له دلالاته الوطنية”، في هذه المرحلة الحساسة.


حافظ قرقوط


المصدر
جيرون