عبد المنعم.. تفاصيل رحلة التهجير من الغوطة



“لم نُخرج سوى بعض الألبسة، والمستلزمات الضرورية، واحتياجات الأطفال”، بهذه الكلمات، اختصر الشاب عبد المنعم عيسى (23 عامًا) ما حمله من بقايا طفولته في مدينة عربين، خلال رحلته القسرية، من الغوطة الشرقية بريف دمشق إلى الشمال السوري.

خروج عبد المنعم القسري، من مسقط رأسه في الغوطة الشرقية مع آلاف العائلات، كان نتيجة حرب الإبادة التي شنها طيران النظام وروسيا، والتي أرغمَت فصائل المعارضة على القبول باتفاق التهجير إلى الشمال السوري.

روى عبد المنعم لـ (جيرون) تفاصيل رحلة التهجير، التي استغرقت 19 ساعة، من معبر حرستا بريف دمشق، إلى آخر نقطة تماس بين قوات النظام وفصائل المعارضة، في قلعة المضيق بريف حماة الشمالي، وقال: “أخبرَنا المجلس المحلي في المدينة، أننا سنخرج في القافلة الثانية، يوم الثلاثاء الماضي”.

وأضاف: “في صباح ذاك اليوم، استأجرنا (سرفيس) لنقلنا من المدينة إلى أوتوستراد حرستا، كان هناك ازدحام كبير على المعبر، حيث انتظرنا في الباصات على أوتوستراد حرستا، من الساعة التاسعة مساءً حتى الساعة الثانية فجرًا، حتى أعطي الأمر بتحرك الباصات نحو الشمال”.

وتابع: “بعد تحرك الباصات بقليل؛ أوقفَنا حاجز لقوات النظام على أوتوستراد حرستا، لتفتيش حقائبنا، حيث كان التفتيش أمرًا روتينيًا، والإجراءات بسيطة، ولم يدقق عساكر الحاجز سوى على سلاح مقاتلي المعارضة، حيث سمح لهم بإخراج بندقية آلية ومخزني رصاص”.

يقضي اتفاق القطاع الأوسط من الغوطة الشرقية، بين قوات النظام وفصيل (فيلق الرحمن)، برعاية روسية، بـ “خروج مقاتلي المعارضة بسلاحهم الفردي إلى الشمال السوري”.

وأضاف: “تعمدوا إهانتنا، بإجبار القافلة على المرور بقرى وبلدات في الساحل السوري، ذات الأغلبية العلوية، حيث بصقوا علينا، وضربوا الباصات بالحجارة، والأحذية، لم نحرك ساكنًا، ولم نلتفت إلى تفاهاتهم، لقد كنّا مشغولين بالتفكير في مصيرنا، ونتأمل عجلات الباصات التي أمامنا.. إلى أين المصير، وماذا سيحلُّ بنا في المستقبل!”.

وأشار إلى “مرافقة سيارات تابعة لقوات النظام للباصات؛ من أجل فتح الطريق أمامها، إضافة إلى وجود كوادر من (الهلال الأحمر) داخل الباصات، واقتصر دورهم على توزيع بعض علب البسكويت على الأطفال، مرة واحدة فقط”.

أكد عبد المنعم أن (الهلال الأحمر) “لم يقدّم أي طعام للمهجرين خلال الرحلة”، وأشار إلى أنّ “وضع النساء كان صعبًا للغاية، حيث لم يسمح لهن بالنزول حتّى لقضاء الحاجة، فيما سمح للأطفال والرجال بذلك”.

ويُضيف عبد المنعم: “وصلنا في الساعة الرابعة عصرًا، إلى معبر قلعة المضيق بريف حماة الشمالي، حيث استقبلنا الأهالي، وعدد من المنظمات، وقدّموا لنا الطعام والشراب، ومن ثم نقلونا إلى مراكز إيواء مؤقتة، حيث قررت أنا وعائلتي الاستقرار حاليًا في بلدة (كللي) بريف إدلب”.

وبحسب إحصائية فريق (منسقو الاستجابة في الشمال السوري) التطوعي، فإنّ عدد من هجّرهم نظام الأسد وروسيا، من الغوطة الشرقية وجنوب دمشق، بلغ نحو 38563، خلال آذار/ مارس الجاري.

“الأمور هنا مختلفة عن الغوطة بنسبة 180 درجة، كل شيء متوفر، تصوّر مصروفي هنا لمدة ستة أيام، لا يعادل مصروف نصف يوم في الغوطة المحاصرة”، هكذا وصف عبد المنعم الواقع الجديد الذي عايشه ستة أيام فقط.

لا يبدي الشاب العشريني، الذي حرمته الحرب استكمال دراسته الثانوية، أي تفاؤل بالمستقبل، ويقول: “للأسف ستكون حياتي مليئة بالمتاعب، المستقبل مجهول بالنسبة إلي.. لا أدري متى أرتاح.. أففف”.


منار عبد الرزاق


المصدر
جيرون