"مصيره في يد حلفائه".. لماذا سيبقى الأسد رهينة لروسيا وإيران رغم مكاسبه الميدانية؟



السورية نت - مراد الشامي

منذ بدء التدخل العسكري الروسي المباشر دعماً لنظام بشار الأسد في سبتمبر/ أيلول 2015، استعاد النظام عدداً من المدن الهامة التي فقدها خلال السنوات الماضية، لكن هذا التقدم أوقع النظام في مأزق كبير وجعله رهينة لحليفتيه، إيران ومن ورائها ميليشياتها، وروسيا، بحسب ما ذكره موقع "ميديل إيست آي" البريطاني.

وقال الموقع في مقال  نُشر يوم السبت 31 مارس/ آذار 2018، إن نظام الأسد لن يتمكن من السيطرة على كامل سوريا، جراء التنافس الإقليمي المحموم الحاصل هناك.

ولفت المقال إلى أن القوات الروسية والأخرى المدعومة من إيران لا سيما "حزب الله" والتي تقاتل في سوريا، جعلت الأسد محتجزاً كرهينة في يد هذه القوات، معتبراً أن "ميزان الحرب قد انقلب لصالح بشار الأسد ظاهرياًعلى أرض الواقع، لكن الأمر ليس كذلك".

وأضاف المقال - الذي ترجمه موقع عربي بوست - أن هنالك نظرة مبالغ بها، في أن الثورة السورية تلفظ أنفاسها الأخيرة، أو أنها أوشكت على ذلك، وأن الأسد استعاد دفة الحكم مرة أخرى، وقال إن "الواقع على الأرض يرسم صورة مختلفة للغاية".

ولفت المقال إلى تعقد المصالح، والتنافس الشديد الحاصل بين الدول الفاعلة في سوريا، وما تسببه في ذلك في غياب سلطة النظام عن مناطق عدة في سوريا، يصعب عليه وضعها مجدداً تحت قبضته.

"مناطق لن يستعيدها"

ويفقد النظام سيطرته في شمال سوريا، لا سيما مع دخول القوات التركية (مع فصائل من المعارضة السورية) الحدود وسيطرتها على مدينة عفرين بعد طرد الميليشيات الكردية منها، وأشار المقال إلى أن أنقرة "تهدف للحفاظ على نوعٍ من الوجود العسكري، لمنع قيام أي تحرك من الميليشيات". التي ترى تركيا أنها تُشكل خطراً على أمنها القومي.

ولفت المقال إلى أنه لجانب الوجود العسكري، بدأت خدمة البريد التركية عملياتها في المناطق التي سيطرت عليها قوات عملية "غصن الزيتون" شمالي سوريا، كما حظيت شركات تخطيط المدن التركية بعقودٍ لإعادة إعمار بعض المدن، بما في ذلك مدينة الباب، وبالإضافة إلى ظهرت مدارس ومستشفيات تديرها تركيا، إلى جانب تدريس منهج تعليمي تركي.

وفي شمال سوريا أيضاً، هنالك قوات أمريكية تتمركز في مدينة منبج، إلى جانب امتلاك الولايات المتحدة لقدراتٍ جوية في قاعدة إنجرليك العسكرية في تركيا.

ونوه المقال إلى أنه رغم توتُّر العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة بسبب الدعم الأميركي للأكراد، أوضح الأميركيون أنَّهم لن يتخلوا عن مصالحهم في سوريا، حتى لو لم يعد من الممكن الاعتماد على الأكراد.

وبلغت ذروة التنافس والتوترات في الدول الفاعلة بسوريا إلى أحد أن أميركا قصفت مرتزقة روس في فبراير/ شباط الماضي، عندما حاولوا التقدم في دير الزور نحو منشأة نفطية كان يوجد بها جنود أمريكيون ومقاتلون تدعمهم واشنطن من قوات "سوريا الديمقراطية".

وبحسب ما ذكرته وكالة رويترز آنذاك وصحف غربية نقلاً عن مصادر غربية، فإن القصف الأمريكي أسفر عن مقتل نحو 300 روسي، ولم تعترف موسكو سوى بمقتل 5 منهم.

وعلق الموقع على هذه الحادثة بالقول، إن "التقليل الروسي من شأن الحادثة لم يوضح فقط أنَّ روسيا مترددة في الانخراط بصراعٍ مفتوح مع الولايات المتحدة في سوريا، بل أوضح أيضاً الحدود التي وضعتها لعملياتها هناك".

وأضاف أن "الهدف ليس استعادة الأسد للحكم، بل منع ظهور وكيلٍ أميركي محله. وبإمكان موسكو أن تقبل توازناً للقوى، شرط ألا يميل لصالح واشنطن بشدة".

نفوذ إيران

وإلى جانب الولايات المتحدة، وروسيا، هناك إيران التي تنشط ميليشياتها لدعم الأسد، وسبق أن كانت من أوائل القوات الأجنبية التي دخلت سوريا لصد هجمات المعارضة السورية وإنقاذ الأسد من السقوط.

واعتبر الموقع البريطاني أن حاجة الأسد لتلك القوات من أجل فرض السيطرة على سوريا له مشكلاته، "فهو لا يستطيع واقعياً أن يطلب منها المغادرة. وعلاوةً على ذلك، أي عداء محتمل تجاه إيران يقيَّده بكماشة الجغرافيا التي يمكن لإيران من خلالها إبقاء الأسد تحت السيطرة".

واعتبر المقال أنه "مع وجود حزب الله والميليشيات الأخرى وهي غير بعيدة عن دمشق، فإنَّ الأسد عملياً مُحتجزٌ كرهينة، وهو وضعٌ يفاقمه غياب جيشٍ سوري يُعوَّل عليه".

وأشار إلى أنه في الوقت نفسه، عزَّز الروس حضورَهم في حميميم وطرطوس، وقال إنه "دائماً ما تأتي التدخلات الأجنبية بثمن، ويُتوقَع أن تدفع سوريا ثمناً باهظاً مقابل كل تلك الجهود التي بذلتها روسيا لإنقاذ النظام"، وفق المقال الذي نشره الموقع.   

علاقة معقدة مع الروس

ووصف المقال  العلاقة بين الأسد وروسيا بأنها "معقدة كثيراً"، وقال: "أولاً الأسد شخصٌ يمكن الاستغناء عنه بالنسبة لموسكو، ويظل ورقة مساومة مطروحة على طاولة التفاوض، وروسيا معروفة بمرونتها في سياستها الخارجية، فهي تدعم حزب العمال الكردستاني اليوم، وتتخلى عنه غداً من أجل علاقاتٍ أكثر دفئاً مع أنقرة، وتُهدِّد بتدمير دول خليجية، قبل أن تُعزِّز العلاقات الثنائية الاقتصادية معهما، من أجل استغلال انعدام الثقة الإقليمي تجاه الولايات المتحدة".

وأضاف أنه بالنسبة لروسيا فالهدف الرئيس هو "إعادة بناء مؤسسات الدولة في سوريا، وترسيخ نفوذ روسيا في الدولة العميقة في سوريا"، كما لفت إلى أن موسكو وطهران ليستا حليفتين طبيعيتين، وبالرغم من مصالحهما المشتركة في حماية النظام، فإنَّهما تختلفان حول ما يتضمنه ذلك النظام، حيث أن إيران تسعى للحفاظ على الأسد، في حين لا تسعى روسيا للأمر ذاته.

انتصار أجوف

وفي ظلِّ ترسُّخ هذه القوى الأربع في سوريا، فمن الصعب تصوُّر المدى الذي قد تذهب إليه قوات الأسد من أجل استعادة السيطرة على سوريا.

ورأى المقال أن "هذه القوات ليست قوية كافية للقتال ضد الجيش التركي، وعلى الأرجح لن تكون قادرة على الاعتماد على روسيا، حليفة تركيا الحالية للمساعدة في هذا المسعى"، حسب قوله.

ولفت أيضاً إلى أن قوات الأسد تفتقر أيضاً إلى القدرات اللازمة لقتال القوات الأميركية في منبج، فضلاً عن أن الميليشيات الإيرانية تجعل قوات الأسد عاجزة.

وختم المقال بالقول: "هذا يعني أنَّ الأسد ليست لديه أوراق ضغط، لدفع روسيا وإيران إلى صراعٍ مفتوح مع الولايات المتحدة والأتراك. لذا، وكما هو واضح، فإنَّ عودة الأسد الظاهرة مغالطة أكثر من كونها حقيقة، وانتصاراته لا يمكن في أفضل الأحوال وصفها إلا بأنَّها جوفاء".

اقرأ أيضا: تعزيزات عسكرية فرنسية أمريكية إلى منبج تحسبا لعملية تركية




المصدر