فلسطينيو سورية: تغييرات جوهرية تطال الواقع الصحي في المخيمات



“لم يكن اللاجئون الفلسطينيون سوى ضحايا لأعمال عنف، تسببت لهم بالأذى، وتدهور أوضاعهم الصحية، خلال السنوات السبع من عمر الأزمة السورية”. جاء هذا في تقرير توثيقي أصدرته (مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية)، ومقرها لندن، تحت عنوان “الواقع الصحي لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين في ظل الأزمة السورية”.

التقرير، وهو نتاج عمل أعضاء المجموعة الميداني، مكون من 54 صفحة من القطع الكبير، ويقدم إضاءة على الأوضاع الصحية للاجئين الفلسطينيين داخل سورية، من خلال المقارنة بين الواقع الصحي للاجئين، قبل الأزمة وخلالها.

يرصد تقرير “المجموعة” التغيرات الجوهرية التي طرأت على الأوضاع الصحية العامة للفلسطينيين في سورية، والذين كان يقدر عددهم قبل الأزمة بنصف مليون نسمة، وكانوا يتوزعون ضمن خمسة عشر تجمعًا ومخيمًا، في عدة مدن شمال وجنوب ووسط البلاد، وذلك خلال الفترة الممتدة ما بين آذار/ مارس 2011 ونهاية آذار مارس من العام الحالي، بشكل رئيس.

يتكون التقرير، الذي صدر الإثنين، ووصلت نسخة منه إلى (جيرون)، من مبحثين رئيسين، وعدة مطالب ونقاط. يسلط المبحث الأول الضوء على الواقع الصحي للمخيمات في ظل الأزمة السورية، مع المقارنة بالمرحلة السابقة لها، وبيان العوامل التي ساهمت في تدهور الوضع الصحي للمخيمات.

فيما تناول المبحث الثاني عملية الاستهداف التي طالت المخيمات الفلسطينية، ومن ضمنها المنشآت الصحية، وما تعرضت له من قصف وحصار ونهب، إضافة إلى ما طال الطواقم الطبية، من قتل واعتقال وخطف.

أشار التقرير إلى العمل الأهلي الطبي الفلسطيني، والدور الكبير الذي قام به لاستكمال النقص الناجم عن خلوّ المخيمات من الطواقم الطبية، والمستشفيات والمستوصفات من المواد الأساسية.

وأكدت “مجموعة العمل” في تقريرها أن تطاول أمد الأزمة السورية، وما طال المخيمات والتجمعات الفلسطينية من دمار وحصار، وما وقع على الطواقم الطبية من انتهاكات ومحدودية التنقل والحركة بحرية لها؛ أدى إلى تدهور خطير في الأوضاع الصحية للجرحى والمصابين والنساء الحوامل والمرضى، وهو ما عكس حالة الاستخفاف بحياة المدنيين في المخيمات الفلسطينية، الذين أصبحوا بأمس الحاجة إلى العلاج والرعاية الصحية.

تشير المعطيات المستقاة من (أونروا)، ومن الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين في دمشق، أن 29 بالمئة فقط من اللاجئين الفلسطينيين يقيمون داخل المدن في سورية، وأن النسبة الأكبر 71 بالمئة تقيم داخل المخيمات ومنها مخيم اليرموك، علمًا أن مخيم اليرموك في حقيقة الحال أصبح جزءًا إداريًّا تابعًا بالكامل لمدينة دمشق (أي لمحافظة دمشق وليس لمحافظة ريف دمشق).

أوصى التقرير بضرورة تحييد المخيمات، والعمل على تطبيق مبدأ الحماية للطواقم الطبية، ودعم المبادرات الفردية والأهلية وتشجيعها، وتأمين الحماية المطلوبة لها للقيام بالدور التعويضي لغياب الطواقم الطبية عن المخيمات، والنهوض بالواقع الصحي الفلسطيني. ويُعدّ هذا التقرير جزءًا من سلسلة تقارير ميدانية خاصة للمجموعة الحقوقية، تحاكي الواقع الفلسطيني السوري في سنوات الثورة.

غياب (أونروا) في الشمال السوري

على صعيد آخر، أشارت هيئات حقوقية وإعلامية فلسطينية خارج سورية، إلى أن مئات العائلات الفلسطينية المهجرة إلى إدلب شمال البلاد، تشتكي من بؤس الحال وتجاهل وعدم اكتراث المؤسسات الدولية المعنية باللاجئين الفلسطينيين السوريين، وعلى رأسها وكالة (أونروا)، بأوضاعهم الإنسانية والمعيشية المزرية. ووفقًا لناشطين ميدانيين، فإن العائلات المهجرة لم تتمكن من الحصول على أي من مساعدات (أونروا) الإغاثية أو المالية الدورية، بسبب عدم تواجد الوكالة الدولية في الشمال السوري عمومًا، وفي محافظة إدلب على وجه الخصوص.

ووفقًا لمصادر فلسطينية، فقد أشار ممثلون عن هذه العائلات إلى أنه لم يستطع أي من ذويهم الحصول على المساعدة المالية الدورية التي تقدمها (أونروا) للعائلات الفلسطينية المهجرة في الداخل السوري، مطالبين الوكالة بالعمل على إيجاد حل لتلك المشكلات، والعمل على استدراك تقصيرها تجاههم.

وبحسب ما أفادت به “مجموعة العمل”، فإن عدد العائلات الفلسطينية المهجرة إلى الشمال السوري تبلغ 460 عائلة، منها 375 عائلة موزعة ما بين مدينة إدلب وريفها وريف حلب الغربي، فيما تقطن 85 عائلة في ريف حلب الشمالي (منطقة درع الفرات)، منها 16 عائلة تعيش في الخيام، حيث تعاني من أوضاع معيشية مأسوية، وصعوبات كبيرة في تأمين المسكن ومتطلبات الحياة الأساسية من غذاء وخدمات، بالإضافة إلى تدهور كبير في الأوضاع الأمنية.

وكان الربع الأخير من العام 2016 قد شهد تهجير نحو 250 عائلة فلسطينية، من سكان مخيم (خان الشِّيح) إلى محافظة إدلب في الشمال السوري، بعد توقيع اتفاق مصالحة في منطقة خان الشيح، بين قوات النظام وفصائل المعارضة، إضافة إلى آلاف اللاجئين الفلسطينيين الذين هجروا من مخيمات اليرموك والسبينة والحسينية وحندرات.

المعارضة تفتح حاجز العروبة – يلدا

من ناحية ثانية، في آخر المستجدات الميدانية في مخيم اليرموك، قال ناشطون من داخل المخيم: إن قوات المعارضة جنوب دمشق، سمحت (الأحد) بفتح حاجز العروبة المنفذ الوحيد لأبناء مخيم اليرموك إلى البلدات المجاورة.
وأشار المصدر إلى أن قوات المعارضة فتحت الحاجز بشكل استثنائي وجزئي، دون أن يكون قد اتخذ قرارًا بفتحه، وشهد المعبر حركة كثيفة لعبور الأهالي والتسوق من بلدات جنوب دمشق.

وكانت قوات المعارضة في بلدة يلدا قد أغلقت، يوم 17 آذار/ مارس الماضي، حاجز العروبة بالسواتر الترابية، بشكل نهائي، مما فاقم من المعاناة الإنسانية للمدنيين المحاصرين بداخله، بشكل كبير خصوصًا فيما يتعلق بتأمين العلاج للمرضى والمواد الغذائية الأساسية.

إلى ذلك، أكّد مراسل “مجموعة العمل” جنوبي دمشق، نقلًا عن مصادر محلية، خروج 11 عنصرًا من تنظيم (داعش) الإرهابي، من منطقة الحجر الأسود المجاور للمخيم بالتنسيق مع قوات النظام.

وقال المصدر تمّ ذلك يوم الأحد الماضي، وإنه عرف منهم المدعو “أبو مريم” أمير الشرعيين الأسبق للتنظيم، والمدعو “أبو بكر الشرعي”، والمدعو “أبو فاروق طبية”، وذلك عبر حاجز معمل بردى الفاصل بين الحجر الأسود ومنطقة السبينة.
فيما تتوالى حالات خروج قياديين في (داعش) ومقربين لهم من المنطقة، وسط خلافات كبيرة داخل التنظيم، والحديث عن إيجاد حل قريب ينهي سيطرة التنظيم على الحجر الأسود ومخيم اليرموك.

في تطورات المعارك في الغوطة الشرقية، قالت مصادر إعلامية فلسطينية: إن ثلاثة عناصر من “لواء القدس” الفلسطيني الموالي لنظام الأسد، قضوا جراء المعارك الدائرة بالغوطة. ونعى اللواء -عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) قبل أيام- كلًا من حسن محمد جعفر أوسطه، حسن وفيصل البشارة، ولؤي مقبل العمر، وذلك في المواجهات التي اندلعت في الغوطة.

وتشكل “لواء القدس” في مدينة حلب عام 2014، بقيادة المهندس محمد سعيد، وهو يتكون من ثلاثة كتائب يضم مقاتلين من مخيم النيرب، ومخيم حندرات، ومن مدينة حلب وريفها الغربي والشمالي.

وفي السياق، أفادت مصادر فلسطينية أن أربعة عناصر من مرتبات “جيش التحرير الفلسطيني” قضوا خلال آذار/ مارس الماضي، هم “محمد محمود حسن، أيمن صابر دياب، محمد ياسر الخطيب، وعبد الله امين تميم”، أثناء مشاركتهم القتال إلى جانب قوات النظام.

من جانب آخر، أكد فريق “الرصد والتوثيق”، في “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية”، ارتفاع حصيلة المجندين الفلسطينيين من جيش التحرير الذين قضوا منذ بداية الحرب في سورية، إلى 234 ضحية، منوهًا إلى أن معظم الضحايا قضوا في إثر اشتباكات اندلعت في مناطق متفرقة من سورية، معظمهم في ريف دمشق.

وفي جنوب سورية، جددت قوات النظام قصفها لطريق السد بمدينة درعا، بعدد من قذائف الهاون، اقتصرت أضرارها على الماديات، تزامن ذلك مع اندلاع اشتباكات، وصفت بالعنيفة، بين مقاتلي المعارضة وقوات النظام الذي يحاول التقدم وفرض سيطرته على تلك المنطقة.

يشار إلى أن العديد من العائلات الفلسطينية والنازحة من مخيم درعا تقطن في منطقة البلد وحي طريق السد المجاور، ويعاني اللاجئون جنوب سورية أوضاعًا معيشية وأمنية صعبة.


غسان ناصر


المصدر
جيرون