“مرسوم” الأسد رقم 10 سلاح النظام لمصادرة أملاك “الغائبين”



اعتبر حقوقيون ومراكز أبحاث قانونية سورية أن المرسوم رقم 10 الذي أصدره رأس النظام، هو محاولة لتشريع سرقة أملاك السوريين، وخاصة النازحين واللاجئين الذين لن يتمكنوا من تثبيت هذه الأملاك، وأشاروا إلى أن هذا القرار التنظيمي يصدر عادة في أوقات السلم والاستقرار، لتنظيم المخالفات في الأبنية. لكن مرسوم الأسد يأتي اليوم مستغلًا حالة الحرب وتهجير سكان المدن السورية.

نشرت وكالة الأنباء السورية (سانا) التابعة للنظام نصّ المرسوم رقم 10 لعام 2018، الذي أصدره بشار الأسد في 2 نيسان/ أبريل الحالي، والقاضي بجواز إحداث منطقة تنظيمية أو أكثر ضمن المخطط التنظيمي العام للوحدات الإدارية.

المحامي إبراهيم ملكي أكّد، في حديث إلى (جيرون)، أن “هذا القرار يهدف إلى إثارة المشكلات في المجتمع السوري وتفتيته، وإلهاء الناس عن أمور أكبر، حيث لا يستطيع النظام وضع يده على أملاك السوريين المهجرين والنازحين، في ظل وجود إثباتات عقارية أو سندات ملكية، وخاصة بعد أن تمكّن حقوقيون من سحب نسخة عن السجلات العقارية لمختلف المحافظات، وتهريبها خارج البلد، والنظام بقبضته الأمنية التسلطية ليس بحاجة إلى قرارات تشرعن مصادرته أملاك السوريين، ولكنه يعلم أن الأمر لن يدوم”.

أضاف ملكي: “ما يحاول النظام فعله اليوم لن ينجح فيه، وتؤكد حوادث مشابهة أن أنظمة في دول أخرى فشلت في تطبيق هذا الأمر، فقد أصدرت الحكومة التركية عام 1916 قرارًا بمصادرة أملاك السريان، بعد هجرتهم من الجنوب التركي، ولكن بعد 40 عامًا، أصدرت حكومة تركية أخرى قرارًا يسمح بإعادة الأملاك المصادرة، في حال إثباتها بالوثائق القانونية، وفعلًا تمّ إرجاع كثير من أملاك السريان في تلك الفترة”.

يهدف القرار -برأي حقوقيين سوريين- إلى الضغط بشكل أكبر على اللاجئين السوريين والنازحين، لإجبارهم على العودة إلى ما يسمى “حضن الوطن”، عن طريق ابتزاز الناس بأملاكهم، في خطوة غير قانونية ومخالفة للمادة 17 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتي تنص على أنه “لا يجوز تجريد أحد من مُلكه تعسّفًا”.

من جانب آخر، ذكر (مركز أبعاد للدراسات القانونية): “أن المرسوم يهدف إلى استغلال حالة غياب المهجرين أصحاب العقارات أصلًا عن أملاكهم، وعدم قدرتهم على الدفاع عن حقوقهم الثابتة أمام لجان التنظيم، خلال المدد القانونية، وتقديم ما يثبت ملكيتهم، علمًا أن المدد في التعديل قصيرة جدًا، ولا تتيح للمتضرر المجال لتقديم اعتراضه”.

أضاف المركز، في منشور على صفحته في (فيسبوك): “إن هذا المرسوم يهدف إلى الاستيلاء على الأملاك الواقعة في المناطق التي تم تهجير أهلها منها بالقوة، وبالتالي يهدف إلى إحداث التغيير الديموغرافي فعليًا، بشكل رسمي في السجلات العقارية، واللافت للنظر أن المرسوم تجاهل الملكية الثابتة للعقارات والمباني، والغاية منه توزيع هذه العقارات، كمكافآت للشبيحة والميليشيات التي قاتلت مع النظام، والذين تم منحهم الجنسية السورية”.

يعتبر توقيت صدور هذا المرسوم ملفتًا، حيث تزامن مع تهجير سكان معظم بلدات وقرى الغوطة الشرقية بريف دمشق؛ ما أثار اعتراض كثير من الحقوقيين الذين اتهموا النظام بمحاولة تشريع مصادرة أملاك السوريين المهجرين، وقد قام النظام بمنع سكان أحياء حمص القديمة وداريّا والقصير والزبداني من العودة إليها، حيث اتهمه ناشطون بمحاولة إجراء تغيير ديموغرافي في هذه المناطق، لصالح ميليشيات موالية له.

نص المرسوم على أنه، في حال “اتخذت وزارة الإدارة المحلية قرار إحداث منطقة تنظيمية جديدة، يجب إعداد جداول بأسماء أصحاب العقارات، خلال مدة أقصاها 45 يومًا، وبعد استحداث المنطقة التنظيمية بقرار من الوحدة الإدارية، يتعين تشكيل لجنة أو أكثر، لحصر وتوصيف عقارات المنطقة، وتنظيم ضبوط مفصلة بمحتوياتها من بناء وأشجار ومزروعات”.

كما نص على أن “الوحدة الإدارية ستدعو ملَّاك العقارات أو مَن له وصاية أو وكالة على العين (العقارات)، من أجل أن يتقدم إلى الوحدة خلال ثلاثين يومًا، ويحدد محل إقامته ضمن الوحدة، مصطحبًا معه الوثائق والسندات المؤيدة لحقه أو صورًا عنها، ويجوز لأقارب صاحب الحق حتى الدرجة الرابعة، أو لحملة وكالة قانونية، أن يقوموا بهذه العملية”.

تضمن المرسوم أيضًا تعديلًا لبعض مواد المرسوم رقم 66 لعام 2016 الخاص بتنظيم بعض مناطق محافظة دمشق، والذي كان قد حدد مدة 45 يومًا لتثبيت الملكيات في بعض مناطق دمشق.


سامر الأحمد


المصدر
جيرون