نازح من الغوطة: الحلم بالعودة إلى منزلي لا يفارقني



خالد أبو الهدا، أحد الشبان الذين اضطروا إلى النزوح من الغوطة الشرقية إلى إدلب، ضمن ما بات يُعرف لدى السوريين بـ (قوافل التهجير).

يسرد خالد، في حديث إلى (جيرون)، تفاصيل رحلته الطويلة إلى إدلب قائلًا: “خرجت بحقيبة صغيرة تحوي بعض الأشياء المهمة، تركت بيتي وأصدقائي وجزءًا من عائلتي هناك في الغوطة، ولا أعرف متى سأراهم مجددًا”.

يتابع: “لقد كان الطريق صعبًا للغاية، قضيت 24 ساعة في الحافلة، معظم هذه المدة كانت بسبب حواجز التفتيش. ولكن الشيء الذي أسعدني، خلال مرورنا بمناطق المؤيدين للنظام، هو الهتاف ضد المجرم بشار الأسد. لقد حاولوا استفزازنا كثيرًا، سواء بحركات مشينة أو بالشتائم”.

بحسب خالد، كان لوجود الشرطة الروسية (رغم كل الإجرام الذي ارتكبته في الغوطة)، دورٌ في ردع عناصر ميليشيات النظام من القيام بأي ممارسات سيئة تجاه المدنيين في القوافل. وأوضح: “كان بعض عناصر النظام يحاولون سرقة الأشياء التي تعجبهم، في أثناء تفتيشهم حقائب الركاب، لكن الشرطة الروسية كانت تمنعهم من ذلك”.

لا يمتلك خالد أيًا من مقومات الحياة الجديدة، لكنه يملك الأمل بأن تستقر أحواله بعد فترة وجيزة، ويؤسس لحياته المستقبلية. يقول موضحًا: “حاليًا، سأبقى في إدلب حتى يتضح لي أين سأستقر بشكل نهائي، فأنا سأبدأ من الصفر، وهذا يتطلب وقتًا ليس بقليل، لا سيّما أني تركت كل ما أملكه في الغوطة. لن يكون الأمر سهلًا، لكني سأظل أحاول”.

على الرغم من أن الخروج من الغوطة التي ترعرع فيها كان أمرًا صعبًا، يعتقد خالد أن هذا الأمر كان يجب أن يتمّ، منذ بداية الحملة العسكرية الشرسة من قبل النظام وروسيا. ويقول: “الوضع الذي عاشه المدنيون في الغوطة لا يمكن لأحد أن يتخيله، كنا في كل يوم نهرب من الموت من ملجأ إلى آخر، كلما ازدادت حدة القصف علينا وتقدّم جيش النظام نحو مناطقنا”.

أضاف: “بالنسبة إليّ، بعد مرور 15 يومًا على بدء حملة النظام العسكرية في الغوطة الشرقية، بدأتُ أطالب بإجلاء المدنيين لإنقاذهم؛ لأن الإجرام الذي مارسه النظام في حقهم لا يمكن لأحد أن يحتمله. لذلك كان خيار التهجير -وإن كان ثمنه خسارة بيوتهم- الخيارَ الوحيد أمامهم، في ظل التخاذل الدولي تجاه هذه المأساة الإنسانية”.

أشار خالد، في معرض حديثه، إلى أن قوات النظام عندما دخلت الغوطة عرضَت على الكثير من المدنيين البقاء في بيوتهم، متعهدة بعدم مساسهم بأي سوء، لكن للأسف، اليوم سمعت عن اعتقال عدد كبير من الشباب، عدا عن المضايقات التي يتعرض لها المدنيين من قبل جيش النظام وشبيحته”.

بالنسبة إلى الوضع المعيشي، يرى خالد أنه جيّد جدًا، مقارنة بالأوضاع المأسوية التي عاشها أهالي الغوطة الشرقية، خلال سنوات الحصار. وهناك جزء كبير من نازحي الغوطة يقيمون في بيوت السكان المحليين في إدلب، بلا أي مقابل. وبالنسبة إلى الإيجارات، فإن أسعارها مقبولة إلى حد ما. يقول: “أهلنا في إدلب لم يقصّروا معنا. نحن نقيم حاليًا في بيوتهم وضيافتهم. وفي النهاية نحن وهم أصحاب قضية واحدة”.

على الرغم من أن صورة مستقبله ما زالت ضبابية، يسعى خالد، بعد أن تستقر أموره في إدلب، ويخطو أولى الخطوات في حياته الجديدة، إلى أن يتزوج خطيبته التي خرجت معه من الغوطة الشرقية.

يختم قائلًا: “كلّي أمل، أني سأنجح في بدء حياة جديدة مع أناس جدد، على الرغم من حزني لابتعادي عن أهلي ومنزلي في الغوطة، لكن أملي بالعودة إليها يومًا ما، لن يخبو مطلقًا”.


نسرين أنابلي


المصدر
جيرون