في اليونان.. لا أحد يريد اللاجئين



السورية نت - رغداء زيدان

بنبرة صوت مستاءة من الوضع يتحدث إلياس عن اللاجئين، المقيمين في مخيم "إليوناس" ويقول: "ما هذا، يأتي كثير منهم إلى هنا...". في هذه المنطقة غير البعيدة عن أماكن جذب السياح في قلب أثينا، سيتم استقبال أكثر من 1500 لاجئ من الوافدين الجدد داخل الحاويات السكنية المخصصة لإيوائهم.

ويتعلق بالأمر بالأساس بأولئك الذين هم بحاجة إلى الحماية بصورة خاصة، وهم الأمهات العازبات والقصَر وذوي الاحتياجات الخاصة والذين يعانون من مشاكل صحية ويعانون من الانتظار لاستكمال رحلتهم نحو أوروبا الوسطى.

إلياس، رجل في منتصف الأربعينات، ويعمل في شركة للنقل بجوار المخيم، فضل عدم الإفصاح عن اسمه الحقيقي، يقول إنّ المكان يعج بالحركة، إذ يتم تحميل الشاحنات أو تفريغها من الأشخاص كل بضع دقائق.

وينتقل اللاجئون عبر العربات  المكتظة على الطرق الضيقة المعبدة بشكل سيئ، ما يثير مخاوف إلياس وزملائه من وقوع حوادث، ويقول "في كثير من الأحيان ينتشر على الطرقات أطفال، ونخشى باستمرار وقوع حوادث".

المقهى الوحيد الموجود في منطقة "إليوناس" البائسة يديره يانيس والموظفة الشابة مارينا. اللاجئون مرحب بهم لدى مقهى يانيس، بالأخص عندما تبث مباريات كرة القدم على شاشة التلفاز داخل المقهى الوحيد في المنطقة.

"إذا كان ريال مدريد أو برشلونة يلعبان في دوري الأبطال، فإن المقهى يكون ممتلئاً والجو يكون جيداً للغاية"، يقول مدير المقهى بحماس. من النادر أن تقع هناك حوادث، الجو يكون هادئاً ومنظماً.

ويضيف يانيس: " وهذا لسبب واحد وهو أن موظفي المنظمات غير الحكومية يرافقون اللاجئين وينظمون عملية الدفع أيضاً".

ويأتي الضيوف المولعون بكرة القدم من سوريا أو أفغانستان أو بنغلاديش. وحول سؤاله إن كان قد  وصل مزيد من اللاجئين من الجزر اليونانية  إلى منطقة "إليوناس" في الآونة الأخيرة؟ يقول يانيس أنه من الصعب الإجابة عن هذا السؤال. فغالباً ما يرى المرء وجوهًا جديدة هنا، لكن في المقابل يغادر آخرون المخيم باتجاه شمال أوروبا"

معضلة التعامل معهم

منذ عام 2016 فتحت مخيمات في اليونان لاستقبال اللاجئين، ليس فقط في منطقة "إليوناس"، ولكن أيضاً بالأخص في شمال اليونان.

وتحولت مسألة نقل طالبي اللجوء إلى منطقة "إليوناس" وعدد من يسمح لهم بالانتقال إلى هناك، إلى قضية سياسية. وذلك لأنه طالما بقي هؤلاء الأشخاص في مراكز استقبال مزدحمة في جزر شرق بحر إيجة، حيث كانوا قد وصلوا في السابق عبر طريق البحر عبر تركيا، فإنّ الحكومة اليونانية ستصبح محط انتقاد دولي.

وفي حالة وصولهم إلى اليابسة اليونانية، ورفض طلب لجوئهم هناك، فلن ترضى تركيا أن تستعيدهم. ويبقى الاستثناء الوحيد هم الأشخاص المحتاجون إلى الحماية بصورة خاصة، وهم  القُصّر، حيث يسمح لهم بالوصول إلى الأراضي اليونانية، حتى لو لم تقرر السلطات بعد في طلبات لجوئهم.

وقد ذكر وزير الهجرة السابق "يانيس موتسالاس" في كثير من الأحيان أنه ليس هناك كثير من الأشخاص الذين يصلون إلى اليابسة، حتى لا يُنتهك اتفاق اللاجئين مع تركيا.

وبسبب سياساته المقيدة للاجئين، كان لا بدّ لـ"موتسالاس" من جني كثير من الانتقادات من الحزب اليساري الحاكم في اليونان "سيريزا".

وفي بداية شهر آذار/مارس، اضطر "موتسالاس" إلى التخلي عن وظيفته لأسباب صحية.

وأثار مؤخراً تقرير لصحيفة برلين اليومية "دي فيلت"، والذي أورد أنّ الحكومة اليونانية تجلب كثير من طالبي اللجوء على أراضيها، وتقوم بترحيل عدد قليل جداً منهم إلى تركيا، وكذلك تصنف كثير من الأشخاص ضمن الأشخاص الذين هم بحاجة خاصة إلى الحماية.

من جهته رفض، "دافيد إسدراس"، رئيس المنظمة الدولية للهجرة (IOM) في اليونان ، والمسؤولة رسمياً عن مخيمات اللاجئين على الأراضي اليونانية، هذا النقد وقال: "يجب أن يفهم أصدقاؤنا في أوروبا أن كل طلب لجوء هو حالة معزولة وجديرة بالنظر بعناية وفقا لمعايير اتفاقية جنيف".

وأضاف "إسدراس" أنه لا يمكن استبعاد الأشخاص من باكستان أو أفغانستان من اللجوء لمجرد جعل الأمور تمر بشكل أسرع.

كما لا يعتقد رئيس المنظمة الدولية للهجرة (IOM) أن يقوم طالبي اللجوء بإيهام الموظفين بأنهم أشخاص بحاجة إلى الحماية بصورة خاصة من أجل الخروج من المخيمات المكتظة في الجزر اليونانية: " في الوقت الحالي لا يمكن تشخيص الوافدين الجدد الذين يعانون من مشاكل صحية، في أي مكان على اليابسة، ومعظم الذين هم بحاجة خاصة للحماية هم: أمهات عازبات أو أطفال صغار، وهذه الفئات ليست بحاجة إلى التظاهر بالحاجة إلى الحماية بصورة خاصة"

طلبات اللجوء

في مقابل الانتقادات الموجهة للحكومة اليونانية، يرى "إسدراس" أنّ ما هو صحيح هو إمكانية الإسراع في معالجة طلبات اللجوء. عند الحكم الأولى، يمكن أن يُبث في الطلبات ضمن الإطار الزمني المتوخى، لكن عند استخدام طرق الطعن القانونية عند الاستئناف، قد تحدث تأخيرات.

من جهته وعد وزير الهجرة الجديد "ديميتريس فيتساس" من حزب "سيريزا" نهاية مارس/آذار، بتحسن في معالجة طلبات اللجوء: وذلك عن طريق زيادة  لجان التحقيق المكونة من قضاة  للبث في إجراءات اللجوء من 12 إلى 20 لجنة.

ووفقاً لتقديرات النقابات، فإن التأخير في البث في طلبات اللجوء ليس بسبب نقص الموظفين. إذ تم في نهاية عام 2017 طرد أكثر من 100 موظف من هيئة اللجوء اليونانية بسبب انتهاء مدة عقودهم المحددة المدة.

وبعد مرور ثلاثة أشهر فقط ، سُمح للسلطة بتعيين موظفين جدد. الكثير منهم، ينتمون إلى النقابات العمالية، وليسوا على دراية بالعمل في مجال الهجرة واللجوء، ولهذا يتعين عليهم الخضوع في البداية إلى تدريب على العمل المناط بهم.

اقرأ أيضا: استشهاد عشرات المدنيين بدوما جراء هجوم كيمياوي.. وأمريكا تدعو لمحاسبة الأسد




المصدر