سبيكتر توفوستي: رجاء الصمت



بقلم المؤرخ الروسي أندريه زوبوف

كان يوم أمس، إلى حد كبير، قد وضع العالم أمام بديل مخيف. فقد أعلن ترامب على الملأ أن على روسيا أن تستعد لهجوم صاروخي على سورية، ومثل الصبي، استمتع بوصف جودة صواريخه. من الواضح أنه بعد ذلك لا يستطيع التراجع. فانضمت بريطانيا إلى التحالف الأميركي الفرنسي مساء أمس؛ وبذلك تمت استعادة التحالف ضد هتلر بعد 75 عامًا، مع فارق أن هتلر مختلف اليوم، ولم يتم استدعاء التحالف بالكامل، واقتصر الأمر على المكون الليبرالي.

لا شك أن هذا تحالف قوي للغاية، وهو من أكثر الدول تطورًا في العالم. وتقف خلفه كتلة (الناتو) برمتها (ربما أيضا تركيا)، وحلفاء آخرون (اليابان وأستراليا ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية). أي الوقوف ضد ثلثي الاقتصاد العالمي. أما روسيا وعلى تراجع فحصتها 2 بالمئة. إن كل قوة تكنولوجيا الأسلحة الحديثة بإمكانها مقاومة القذائف الروسية القديمة. والدبابات والطائرات التي تمّ تحديثها بشكل طفيف، والتي صنعت أيام الاتحاد السوفيتي، تتخلف عن الصناعة الغربية، بما لا يقل عن جيل ونصف.

ولكن من بين هذه التكنولوجيا المتقادمة، هناك أسلحة نووية فعالة، على الرغم من أن الصواريخ الروسية غالبًا ما تنفجر عند إطلاقها أو تسير بشكل خاطئ إلى المكان غير المقصود.

يوم أمس، كان هناك خبر بأن الطائرات التابعة للقوات الجوية للأسد والأركان العامة، بما في ذلك الأسد، انتقلوا إلى قاعدة حميميم بطرطوس. ويبدو أنه يجري نقل كل شيء ذي قيمة لدى الجيش السوري والقوات الإيرانية، بما في ذلك الأسلحة الكيميائية، على وجه السرعة، ووضعه تحت حماية العلم الروسي.

والآن، أصبح من الغباء استهداف المطارات الفارغة ومؤسسات الدولة في دمشق، بأحدث الصواريخ “الذكية”، وسيُقتَل المجندون حراس المنشآت والمواطنون العادون. وإذا كان التحالف -بعد كل هذه التصريحات- سيقوم بمثل هذه الضربة؛ فإن العالم كله سوف يضحك عليهم، وفي مقدمتهم مجلس الدوما الروسي، برئاسة جيرينوفسكي وسلوتسكي: “تمخض الجبل فولد فأرًا”، سيتضح للجميع أن الغرب خائف من الانخراط بجدية مع بوتين، ومستعد لتحمل ألاعيبه مستقبلًا، ومكتف بالعقوبات الاقتصادية.

إذا وقعت الضربة على القواعد الروسية في سورية؛ فإن هذا سينهي بالتأكيد وجود الأسد والوجود الروسي، لكنه سيضع العالم على شفا حرب نووية. فقد وعد بوتين في رسالته في آذار/ مارس أن الخطر على روسيا وحلفائها يمكن أن يجعل روسيا أول من يستخدم الأسلحة النووية: “لماذا يجب أن يكون لدينا عالم لا توجد فيه روسيا؟”. أتذكرون؟

هناك شيء آخر، لنفترض أن 95 بالمئة ما هي إلا أكذوبة. وأن بوتين قد هضم دمار القاعدة السورية الروسية “مطار الشعيرات”، قبل عام، بواسطة (توماهوك) الأميركي، وتدمير (فاغنر) “المرتزقة الروس”، على ضفة نهر الفرات، في شباط/ فبراير من هذا العام. فبوتين يعرف مدى ضعف روسيا بالضبط. والرجل الذي كان يخشى الخروج إلى الناس في (كيميروفو)، “حيث شب حريق في مجمع، ذهب ضحيته المئات معظمهم من الأطفال”، والصلاة فقط في تلك المعابد، حيث يتم تمثيل الشعب من قبل ضباط الأمن المتخفين، لن يعرض حياته لمثل هذا الخطر المدمر. لكن هذه 95 في المئة، فماذا عن الخمسة بالمئة، إذا ما فعلت فعلها؟ بوتين وترامب كلاهما لا يتمتع باستقرار نفسي! ماذا نتوقع منهما؟

إذا كان بوتين قد أكل هزيمة القواعد الروسية في سورية بصواريخ التحالف وهضمها؛ فإن نجمه سوف ينهار، وسيؤكد الغرب قوته في العالم، خاصة، ويعيد الصداقة مع العالم العربي، السني غالبًا. أما إذا لم يبلعها بوتين، ورد بصواريخ عابرة للقارات، فهذا يعني حتمًا، بكل المؤشرات، الفناء الكامل عن جد، كما قال الشاعر ذات مرة.

من سيقدم المشورة إلى التحالف المناهض لهتلر، وأي طريق عليه الاختيار، فلسنا في كانون الأول/ ديسمبر 1941، ولكننا في نيسان/ أبريل 2018؟

العنوان الأصلي “Оракулы молчат” – Андрей Зубов الكاتب Andrei Zubov المصدر سبيكتر توفوستي الرابط https://spektrnews.in.ua/news/orakuly-molchat—andrey-zubov/60968 المترجم هادي الدمشقي


هادي الدمشقي


المصدر
جيرون