بين المعارك واتفاقيات التهجير.. النظام وحلفاؤه يتحركون للسيطرة على جنوب دمشق



السورية نت - مراد الشامي

تتحضر أحياء جنوب دمشق إلى تصعيد عسكري مرتقب، مع بدء نظام بشار الأسد وحلفائه بالحشد عسكرياً للسيطرة على تلك الأحياء، التي يقع بعضها تحت أيادي مقاتلين من تنظيم "الدولة الإسلامية"، وهيئة "تحرير الشام"، في وقت باغت التنظيم جنوداً لقوات الأسد شرق سوريا وقتل العشرات منهم.

ومن المتوقع أن يشهد مخيم اليرموك أولى التحركات العسكرية للنظام في جنوب العاصمة، حيث قالت صحيفة "الوطن" الموالية للنظام، اليوم الخميس، إن الأخير أمهل مقاتلي "تنظيم الدولة" 48 ساعة للموافقة على الخروج من المخيم، وحي الحجر الأسود، وأجزاء من حيي القدم، والتضامن.

وأشارت الصحيفة إلى أنه وفقاً لمعلومات حصلت عليها، فإنه في حال رفض مقاتلو التنظيم الخروج، فإن قوات الأسد والميليشيات المساندة لها، ستشن عملية عسكرية لإنهاء وجود التنظيم في المنطقة واستعادة السيطرة عليها.

ونشرت صفحات موالية للنظام على مواقع التواصل، صوراً لدبابات وعربات عسكرية، مشيرةً أنها تعزيزات عسكرية تتجه نحو جنوب دمشق، تمهيداً للهجوم على الأحياء الخارجة عن سيطرة النظام.

ويسعى النظام بعد بسط سيطرته بشكل كامل على الغوطة الشرقية قرب دمشق، إلى استكمال تأمين محيط العاصمة، ولتحقيق ذلك يتحرك النظام على جبهتين، الأولى الأحياء الجنوبية لدمشق، والثانية في القلمون الشرقي، التي تشهد مفاوضات لتحديد مصير المنطقة.

من جانبه، قال موقع "ربيع ثورة" المتخصص في رصد التطورات بأحياء جنوب دمشق، إن نظام الأسد بدعم روسي، "يستعد لبدء معركة شاملة على أحياء مخيم اليرموك والحجر الأسود، ومنطقتي العسالي والمادنية في حي القدم، والجزء الجنوبي من حي التضامن".

وأشار الموقع إلى أن النظام بعد سيطرته على الغوطة الشرقية، دفع بتعزيزات ضخمة إلى محيط الجنوب الدمشقي، تضمّنت دبابات، وعربات بي ام بي، ورشاشات ثقيلة، وراجمات صواريخ، مضيفاً أن هنالك "حشود كبيرة من العناصر تمركزت على أطراف أحياء مخيم اليرموك والقدم والتضامن وبلدتي سبينة وحجيرة في ريف دمشق الجنوبي". 

القوى المتواجدة في جنوب دمشق

ويسيطر على أحياء جنوب دمشق قوى عدة، يُتوقع أن يخوض النظام عملية عسكرية على بعضها، والتوصل إلى "اتفاق مصالحة" مع أخرى.

وتسيطر فصائل من المعارضة السورية على بلدات، ببيلا، ويلدا، وبيت سحم، ويواصل الروس وممثلين عن نظام الأسد مفاوضاتهم مع تلك الفصائل وأبرزها "جيش الإسلام"، وهيئة "تحرير الشام"، وفصائل "شام الرسول، و"جيش الأبابيل" للتوصل إلى اتفاق شبيه بتلك الاتفاقات التي تم التوصل إليها بريف دمشق، والتي قضت بتسليم السلاح الثقيل، والبقاء لمن يرغب، والتهجير نحو الشمال السوري لمن يرفض البقاء.

ويضع الروس ونظام الأسد أمام فصائل المعارضة خيارين، الأول القبول بالاتفاق، والثاني التهديد بعمل عسكري كبير، وسط استمرار حصار النظام لتلك الأحياء ومنع المساعدات على المدنيين الذين يعيشون فيها.

من جهته يسيطر "تنظيم الدولة" على حي الحجر الأسود، بعدما تمكن من طرد مقاتلي جبهة "فتح الشام" منها، كما يسيطر مقاتلو التنظيم أيضاً على أجزاء واسعة من مخيم اليرموك، وحي التضامن.

ومن الأحياء الشهيرة أيضاً في جنوب دمشق، حي القدم، الذي دخلته قوات النظام في مارس/ آذار الماضي، بعدما توصلت إلى اتفاق مع فصائل المعارضة التي كانت تسيطر عليه، وأسفر ذلك عن تهجير الآلاف من سكان الحي.

إلا أنه وبعد سيطرة النظام على الحي، باغت مقاتلو "تنظيم الدولة" قوات الأسد وقتلوا عشرات منهم، وسيطروا على أجزاء من الحي، ولا زالوا فيها حتى تاريخ اليوم الخميس 19 أبريل/ نيسان 2018.

خوف على المدنيين

وتُشير تقديرات مصادر محلية إلى أنه قرابة 100 ألف مدني يعيشون في أحياء جنوب دمشق، ويُخشى أن يرتكب النظام بعمليته العسكرية المرتقبة مجازر بحقهم على غرار ما جرى في بقية المناطق التي شهدت هجوماً كبيراً قبل سيطرة النظام عليها، حيث يتبع الأخير سياسة "الأرض المحروقة" في التعامل مع المناطق الخارجة عن سيطرته.

كما يُخشى من أن يؤدي هجوم النظام على أحياء جنوب دمشق إلى تهجير عشرات الآلاف قسرياً، وجلب الميليشيات الإيرانية لأحيائهم، استكمالاً لمشروع إيران الهادف إلى إقامة "حزام دمشق"، والذي تهدف من وراءه طهران إلى تعزيز انتشارها العسكري وتقوية نفوذها في محيط العاصمة السورية.

وقال موقع "ربيع ثورة" إن المدنيين القاطنين في مناطق سيطرة "تنظيم الدولة" يخشون من الضريبة الباهظة التي سيدفعونها عند بدء العملية العسكرية، بسبب افتقار مناطقهم للمشافي الميدانية المجهّزة بالمستلزمات الطبية الضرورية في حالات القصف المكثّف.

وأضاف أنه سُجّل نزوح عدد كبير من العائلات خلال الأسبوعين الماضيين إلى بلدات يلدا، وببيلا، وبيت سحم المجاورة.

قتلى بالعشرات

في الموازاة مع ذلك، يواصل مقاتلو "تنظيم الدولة" محاولاتهم لإعادة الانتشار والتوسع في محافظة ديرالزور شرق سوريا، ويشن المقاتلون هجوماً بين الحين والآخر على مواقع للنظام وميليشياته هناك.

واليوم الخميس، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن ما لا يقل عن 25 عنصراً من قوات الأسد الميليشيات الموالية لها قُتلوا على أطراف مدينة الميادين، في هجوم مباغت شنه مقاتلو التنظيم، بعد 6 أشهر على خروج التنظيم من المنطقة.

وقال المرصد إن مقاتلي التنظيم "شنوا هجوماً مفاجئاً الأربعاء تمكنوا بموجبه من الوصول إلى أطراف مدينة الميادين"، لافتاً أيضاً إلى أن 13 عنصراً من التنظيم قُتلوا خلال المواجهات.

ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مصدر عسكري من قوات الاسد في دير الزور، قوله إن "مواقع الجيش تتعرض لقصف متقطع من الضفة الشرقية لنهر الفرات حيث يتمركز عناصر داعش"، لكنه نفى وقوع أي هجمات على مواقع قوات النظام على امتداد الضفة الغربية للنهر.

وشهدت محافظة دير الزور العام الماضي عمليتين عسكريتين منفصلتين، الأولى قادها نظام الأسد بدعم جوي روسي، وتمكن بموجبها من استعادة كامل مدينة دير الزور والضفة الغربية لنهر الفرات، والثانية شنتها ميليشيات قوات "سوريا الديموقراطية" بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، وطردت خلالها مقاتلي التنظيم من مساحات واسعة عند الضفة الشرقية.

وخسر التنظيم العام الماضي غالبية مناطق سيطرته في سوريا والعراق، ولم يعد يتواجد في سوريا سوى في جيوب محدودة بينها في بضع بلدات وقرى في دير الزور، وأحياء في جنوب دمشق، بالإضافة إلى حوض اليرموك جنوب غرب سوريا.

وفي جنوب دمشق، يستعد الجيش السوري لشن عملية عسكرية ضد تنظيم الدولة الاسلامية تمكنه من استعادة كامل العاصمة.

وتقصف قوات النظام، وفق المرصد، منذ أيام بشكل مكثف بالقذائف والصواريخ مواقع الجهاديين في الأحياء الجنوبية، وبينها مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين.

ويسيطر تنظيم الدولة الإسلامية منذ 2015 على الجزء الأكبر من مخيم اليرموك، فضلاً عن أجزاء من حيي الحجر الأسود والتضامن المحاذيين له. كما تمكن الشهر الماضي من السيطرة على حي القدم المجاور، مستغلاً انشغال قوات النظام بمعارك الغوطة الشرقية، التي استعادها كاملة السبت.

اقرأ أيضا: رسائل سياسية من ضرب الأسد بعملية محدودة.. هل ترسم منعطفاً جديداً في سوريا؟




المصدر