حزام “جهادي” على الحدود



تركيا تصنع “أفغانستان” على حدودها بيديها… فكل الجماعات الجهادية التي كانت تقاتل في سورية نظام الأسد المدعوم من روسيا منذ خمس سنوات، تتجمع واحدة تلو الأخرى على حدود تركيا.

نتيجة الاتفاق الذي تمّ بين الرئيس أردوغان والزعيم الروسي بوتين؛ تمّ بداية جلب جهاديي حلب، إلى إدلب. ثم تمّ نقل عناصر (جبهة النصرة) -التي تصنف كمنظمة إرهابية على مستوى العالم- عبر حافلات إلى الحدود التركية، في أعقاب إحكام جيش الأسد سيطرته على منطقة عرسال على الحدود اللبنانية.

وفي آخر المطاف؛ جرى نقل جهاديي الغوطة الشرقية الواقعة في ريف دمشق، إلى جرابلس والباب التي فرضت تركيا السيطرة عليهما، عبر عملية (درع الفرات). لا صوت يصدر عن هؤلاء الجهاديين الآن، ولكن ما سيفعلونه في المرحلة المقبلة هو مجهول وغامض.

روسيا وضعت عينها، منذ الآن، على عفرين التي سيطرت عليها القوات المسلحة التركية TSK، بالتعاون والتنسيق مع (الجيش السوري الحر)، فتصريح وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف الذي تضمن وجوب إعادة عفرين إلى نظام الأسد، هو الطلب الأول من قبل موسكو، الذي تمّ تفاديه حاليًا، ولكن له ما بعده قطعًا.

حسنًا! ماذا سيفعل هؤلاء الجهاديون الذين احتشدوا على الحدود التركية؟ هل سيتركون للروس؟ أم سيتم دعم هذه الجماعات من أجل إطاحة نظام الأسد؟ هل يمكن أن يكون هناك تعاون جديد بين تركيا والولايات المتحدة الأميركية، بشأن هؤلاء الجهاديين؟

إذا ما تركت حكومة العدالة والتنمية هذا “الحزام الجهادي” المتواجد على الحدود، إلى وجدان وضمير الثنائي الأسدي-الروسي؛ فسيكون تأثير ذلك على تركيا كبيرًا. فكّروا في ما جرى في الغوطة الشرقية، في الآونة الأخيرة، والعمليات التي نفذتها روسيا وقوات الأسد، دونما تمييز، بين مدني أو طفل أو امرأة. فلو حدث ما يشبه ذلك على الحدود التركية؛ فإلى أين سيلجأ الفارّون؟ وأما الاحتمال الثاني فهو حشد الجهاديين ثانية، واستخدامهم لإطاحة نظام الأسد.

في هذه الحالة، ستذهب حكومة العدالة والتنمية إلى التعاون مع الولايات المتحدة التي لا تتردد في هذه الأيام بإطلاق الخطابات المجلجلة ضدها، في كل فرصة ومناسبة. وكان هذا التعاون قد جرى في السنين الأولى للحرب في سورية، تذكروا مشروع (درّب-جهّز) الذي تبنته تركيا والولايات المتحدة، لتدريب الجهاديين على الأراضي التركية، تحت اسم “المعارضة السورية”، وإرسالهم إلى سورية بهدف إسقاط نظام الأسد والقضاء على (داعش). غير أن قسمًا كبيرًا من هؤلاء انضم فيما بعد إلى (داعش)، كما أن قسمًا منهم اختلط بالفصائل والجماعات الأخرى التي تشكلت في سورية، بمالٍ سعودي-أميركي، وتدريب عسكري تركي. المجموعة نفسها تحتشد الآن على الحدود التركية مرة أخرى.

أضف إلى ذلك، طرح كل من الرئيس أردوغان وأعضاء العدالة والتنمية تصريحاتهم الهجومية حول أميركا جانبًا، ووقوفهم في صفها في الهجوم الصاروخي الأخير الذي نفذته الولايات المتحدة الأميركية على سورية، بإمضاء مشترك على مشروع قرار بين الأمم المتحدة وأميركا.

ولم تكن خطوة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف المتعلقة بالمطالبة بإعادة عفرين إلى الأسد، مزاحًا. ويدرك الروس الذين حصلوا على مناقصة من حكومة العدالة والتنمية، بمقدار 20 مليار دولار لإنشاء مفاعل نووي، لا تتعدى قيمته -بحسب المعايير العالمية- 6 مليار دولار فقط، أن تركيا بدأت تقف بالمقابل في صف الولايات المتحدة الأميركية.

الصراع بين القوى الكبرى أكبر من حجم لوبي “الخرسانة والبناء” الذي عندنا، والذي يأمل التنصل من هذا الصراع، عبر مناقصة بعشرين مليار دولار، أو بشراء بضع من الطائرات.

أتفكرون في المشكلة التي خلقها لجوء أربعة ملايين سوري إلى البلاد فرارًا من الحرب؟ انتظروا لتروا أن هؤلاء الجهاديين الذين تجمعوا على الحدود سيكونون سببًا لمشكلات تفوق وجود الملايين من السوريين الذين يعيشون بيننا الآن في تركيا.

نتائج القصف على سورية

الهجوم الذي أطلق الرئيس الأميركي ترامب إشاراته عبر (تويتر)، قد تحقق. فالثلاثي (الأميركي-البريطاني-الفرنسي) الذي سوّى العراق بالأرض، بذريعة أن صدام ينتج أسلحة كيمياوية، ومن ثم اعتذر قائلًا: “نأسف لذلك، لأنه تبين عدم وجود سلاح كيمياوي”، قصف بعض المنشآت التابعة لنظام الأسد.

ولكن لماذا قام هذا التحالف الثلاثي بضرب سورية؟

الأميركيون قصفوا سورية، بسبب تنفيذ جيش الأسد المدعوم من روسيا، هجومًا استخدم فيه السلاح الكيمياوي في منطقة دوما التابعة لريف دمشق المحاصر. دوما كانت تحت سيطرة الفصيل الجهادي المسمى “جيش الإسلام” الذي كانت تؤيده تركيا بشكل كبير، للقتال ضد الأسد، وكان على وشك السقوط.

كان مؤسس “جيش الإسلام” زهران علوش، الذي تم اغتياله من قبل روسيا لاحقًا، يعرف “بعلوش الكيمياوي”، بسبب استخدامه هذا السلاح في منطقة الشيخ مقصود، في ذلك الحين. وبنتيجة ادعاء جهاديي علوش الكيمياوي أنفسهم، بأن “الأسد استخدم السلاح الكيمياوي”؛ تحركت أميركا وبريطانيا وفرنسا.

هل استُخدم السلاح الكيمياوي هناك بالفعل؟

لا يوجد أي دليل على ذلك. فإذا كان الهجوم قد حدث بالفعل؛ فإن الدلائل الأخرى تكون قد انمحت واندثرت أصلًا، نتيجة القصف الصاروخي الذي نفذه ثلاثي التحالف… عمل نظيف يعني!

ما المواقع التي تمّ قصفها في الهجوم الصاروخي؟

بحسب تصريحات واشنطن وحلفائها، فقد قُصفت منشآت السلاح الكيمياوي، ومنظومة الدفاعات الجوية للأسد. الغريب في الأمر أنهم يقصفون المنشآت الكيمياوية المدعى بإنتاجها السلاح الكيمياوي، ولكن لا يوجد في الأجواء أي آثار لتسرب الغاز.

ما الذي خرج به الهجوم سياسيًا؟

تم تنفيذ تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي أطلقها في تغريداته، بمجرد أن استيقظ في الصباح، ورد إليه اعتباره وأنقذت كرامته.

التحالف الأميركي-البريطاني-الفرنسي الذي دمّر العراق في ذلك الحين، تمّ تأسيسه مجددًا برفقة حراسهما: المملكة العربية السعودية و(إسرائيل).

حكومة حزب العدالة والتنمية في تركيا التي لم تنفك عن مهاجمة الولايات المتحدة في كل فرصة، وإطلاق التهديدات على أوروبا، وقفت إلى جانب الهجوم على سورية وأيّدته. حزب العدالة والتنمية صرّح بأنه مسرور من قصف الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، أراضي بلد مسلم في ليلة الإسراء والمعراج. وكان أكبر الفرحين بهذا الهجوم هم الجهاديين الذين تجمعوا على حدود تركيا، وتجددت أحلام هؤلاء الجهاديين بإطاحة الأسد وإقامة دولة في سورية تحكمها الشريعة، مرة أخرى.

التحالف الثلاثي الذي قصف الأسد، لم يجرؤ على المساس بالقواعد الروسية أو مقار الفصائل الإيرانية، لدرجة أنه تم إبلاغ روسيا بالعملية قبيل البدء بها. وكذلك لم يحدث دمار كبير يستحق الذكر، في مواقع الأسد وجبهته أيضًا. وقد تبيّن أن أغلب المواقع التي تمّ استهدافها إما أنها قد أفرغت، أو كانت منشآت فاقدة الصلاحية.

وبالنتيجة، فإن كل ما يجري ينقلب على هذا الشعب السوري المسكين الذي يعيش تحت هذه القنابل.

Sınırda “Cihatçı” kuşağı العنوان الأصلي للمقالة Zeynep Gürcanlı الكاتب: زينب غورجانلي Sözcü gazetesi: 16.04.2018 المصدر وتاريخ النشر https://www.sozcu.com.tr/2018/yazarlar/zeynep-gurcanli/sinirda-cihatci-kusagi-2352230/amp/ رابط المقالة علي كمخ المترجم 809 عدد كلمات النص الأصلي


علي كمخ


المصدر
جيرون