طيران النظام وروسيا يكثف قصف الحجر الأسود ومخيم اليرموك



كثف الطيران الحربي السوري والروسي، في صباح اليوم الخامس، قصفه مخيم اليرموك والحجر الأسود والتضامن والقدم جنوب دمشق، تزامنًا مع حشد المزيد من قواته البرية والفصائل الفلسطينية الموالية له، على إثر اشتداد المعارك على أكثر من محور في المنطقة الجنوبية، حيث جرت اشتباكات عنيفة على المحاور القتالية كافة، بين قوات النظام والفصائل الفلسطينية الموالية له من جهة، وتنظيم (داعش) الإرهابي و(هيئة تحرير الشام/ النصرة) من جهة أخرى؛ ما أدى إلى مزيد من الدمار والخراب في المخيم والمناطق المجاورة له.

أسفرت المعارك، حتى ليلة الإثنين، عن سقوط عدد من القتلى والجرحى بين الطرفين، حيث بلغ حصيلة اللاجئين الفلسطينيين الذين قضوا في اليوم الرابع 11 مدنيًا فلسطينيًا، فيما نعَت الفصائل الفلسطينية الموالية للأسد وقيادة جيش التحرير 13 عنصرًا، قضوا في معارك اليرموك، وبحسب مصادر فلسطينية مطلعة، تجري حاليًا محاولات لاستعادة جثامينهم من مناطق الاشتباكات.

ذكرت (مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية)، اليوم الإثنين، في بيانٍ وصلت صحيفة (جيرون) نسخة منه: أن الطيران الحربي السوري والروسي شنّ يوم أمس الأحد أكثر من 80 غارة جوية، استهدفت أحياء مخيم اليرموك والحجر الأسود وحي التضامن جنوب دمشق، وأكثر من 100 طلعة جوية في سماء المنطقة.

وأضافت المجموعة الحقوقية، ومقرها لندن، أن مراسلها في جنوب دمشق أكد إلقاء الطيران المروحي أكثر من 30 برميلًا متفجرًا على أحياء اليرموك والحجر الأسود، وسجل سقوط أكثر من 45 صاروخًا أرض – أرض من نوع (فيل)، وتساقط مئات القذائف الصاروخية والهاون، بالتزامن مع تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع.

وأشارت إلى أن قوات النظام وجيش التحرير الفلسطيني قصفت الأبنية بخراطيم كاسحة (UR-77) شديدة التأثير، علمًا أنها صُنِعت لتفجير الألغام المزروعة في الطرقات، ووفقًا لشهود عيان، فقد تسبب القصف في دمار كبير وواسع في الأحياء السكنية، وحرائق بمنازل المدنيين. وأعلنت قوات النظام السوري والفصائل الفلسطينية الموالية له، أمس الأحد، أنها تمكنت من أسر الفلسطيني “وسيم غنيم”، وهو أحد عناصر تنظيم (داعش) على محور يلدا – حي الزين، علمًا أن “غنيم” بايع تنظيم (داعش) قبل 6 أشهر، وكان قبلها يقاتل إلى جانب “تحرير الشام”.

قال الناشط الفلسطيني عبد الله الخطيب، وهو في بلدة يلدا على صفحته في “فيسبوك” أمس الأحد: “إن النظام يقصف المخيم بصواريخ عنقودية، وإن حجم الدمار الذي طال المخيم يتجاوز 70 بالمئة من عمرانه”. وأضاف أن “قوات النظام لم تحرز حتى يوم الأحد أي تقدم عسكري على مناطق سيطرة (داعش). بالمقابل قام الطيران السوري باستهداف مواقع الجيش الحر في بلدة يلدا. وصد مقاتلو (الجيش الحر) محاولة اقتحام للنظام من الجهة الشمالية لبساتين يلدا “زليخة”، وتصدى أيضًا لمحاولة اقتحام قامت بها (داعش) على يلدا، في حين استطاع النظام إحراز تقدم على الجبهة الجنوبية لبلدة يلدا. كما استهدف الطيران الحربي المشفى الياباني بخمس غارات جوية، حتى ساعة كتابة هذا التقرير”.

تابع الخطيب: “إن النظام السوري يسعى لخلط الأوراق، بين مناطق (داعش) ومناطق المعارضة المعتدلة (جيش حر)”، مشيرًا إلى أن “قيادة (الجيش الحر) في البلدات الثلاث (يلدا – ببيلا – بيت سحم) وافقت على بنود التسوية النهائية التي تنص على خروج رافضي التسوية نحو الشمال”.

من جانب آخر، بثت (هيئة تحرير الشام)، أمس الأحد، شريطًا مصورًا قالت فيه إنها تمكنت من إعطاب 4 دبابات لقوات النظام على شارع الـ 30، وأضافت أنها قتلت عددًا من أفراد المجموعات الموالية وقوات النظام.

في السياق، دارت اشتباكات عنيفة بين تنظيم (داعش) وقوات النظام، على جبهة مخيم اليرموك وحي التضامن ومنطقة القدم والحجر الأسود. وفي بساتين يلدا، بعد قصف عنيف، دارت اشتباكات عنيفة بين مجموعات المعارضة المسلحة وقوات النظام والمجموعات الموالية له، أسفرت عن تراجع قوات المعارضة وسيطرة قوات النظام على قطاع الشامات الذي كان تحت سيطرة “جيش الإسلام”، ووصول قوات النظام إلى حي الزين الواقع جنوب مخيم اليرموك، بين بساتين يلدا والحجر الأسود.

تفاقم معاناة الأهالي المحاصرين بالمخيم

الوضع الطبي، بحسب مراسل (مجموعة العمل) من داخل المخيم، هو تحت الصفر؛ فجميع مشافي اليرموك متوقفة عن العمل بعد خروج مشفى فلسطين التابع للهلال الأحمر الفلسطيني عن الخدمة، بسبب استهدافه من الطيران الحربي التابع للنظام، يوم الجمعة الماضي.

ووجه أهالي مخيم اليرموك المحاصر نداءً إنسانيًا إلى الهيئات والمنظمات العربية والعالمية ومنظمة التحرير الفلسطينية، لإنقاذ المدنيين تحت الأنقاض، ونقل الضحايا وإسعاف الجرحى.

وقال ناشطون فلسطينيون: إن “الجثث والأشلاء مطروحة في شوارع المخيم، والجرحى المصابون لا يمكن تحديد أعدادهم، وكنا عاجزين عن إسعافهم نتيجة القصف الكثيف والمستمر، وانقطاع وسائل الاتصال، والغياب الفعلي للخدمة الطبية”.

وفاقمت العملية العسكرية التي تشنّها قوات النظام على المخيم والمنطقة الجنوبية من معاناة الأهالي المحاصرين داخله، والذين يعانون من عدم توفر المواد الغذائية والأدوية والمستلزمات الطبية، نتيجة الحصار الذي يفرضه النظام على المخيم، منذ منتصف عام 2013، إضافة إلى إغلاق حاجز العروبة الشريان والمتنفس الوحيد لسكان اليرموك، من قبل قوات المعارضة السورية، وكذلك إغلاق حاجز القدم.

أكّد الناشط الإغاثي الدكتور معاوية محمد أمس (الأحد)، لشبكة (بوابة اللاجئين الفلسطينيين) أن “مشفى فلسطين خارج الخدمة تمامًا، حيث تعرض قسم الإسعاف فيه لقصف صاروخي بصواريخ أرض-أرض، وقد استهدفت طوابقه العليا بغارات الطيران، فأصيب عدد من العاملين فيه بجروح، وقُتل (جمال حميد) سائق سيارة الإسعاف”. واصفًا الوضع الإنساني بـ “الكارثي، نظرًا إلى تركز القصف بشتى أنواع الأسلحة، على مناطق مكتظة بالمدنيين”.

وكشفت صورٌ، تداولها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، حجم الدمار الكبير الذي حلّ بالأبنيّة السكنيّة والممتلكات، وقد وصل إلى نسب قاربت 80 بالمئة، في مناطق غرب اليرموك (مشروع الوسيم، جادات عين غزال، حارة فرن أبو فؤاد).

ردّات فعل فلسطينية ودولية

دانت (هيئة علماء فلسطين في الخارج)، بأشد العبارات، استمرار قصف الطيران السوري والروسي لمخيم اليرموك والأحياء الجنوبية من مدينة دمشق، مؤكدة أن ما يجري من قصف همجي للمخيم هو عمل إجرامي يمارسه النظام السوري ومعه روسيا وإيران، مستغربة الصمت الرسمي الفلسطيني إزاء هذه الجريمة المروعة، مطالبة الجميع بالتحرك العاجل لوقف هذه المجزرة وحماية آلاف المدنيين الذين يتعرضون للإبادة في اليرموك والمناطق المحيطة به، محذرة الجميع من مغبة خذلانهم أبناء شعبهم، وتركهم في مواجهة الموت والدمار وحدهم.

إلى ذلك، دعت (حملة الوفاء الأوروبية) جميعَ الأطراف العسكرية، إلى الوقف الفوري للأعمال القتالية في مخيم اليرموك ومحيطه في جنوب العاصمة السورية دمشق، وطالبت الحملة، في بيان أصدرته يوم الأحد، بهدنةٍ إنسانيةٍ وبفتح ممرات آمنة لإخراج المدنيين من أهالي المخيم، وتقديم العلاج للمصابين من المدنيين ودفن الضحايا، وتسهيل مهمة “الحملة” في تقديم الدعم الغذائي والدوائي للمدنيين في مخيم اليرموك، مبدية استعدادها للبدء بتقديم المساعدات الإغاثية العاجلة لأهالي مخيم اليرموك.

بدورها طالبت (الجمعية التركية للتضامن مع فلسطين/ فيدار) القوى الدولية والإقليمية، بالضغط على الجهات الفاعلة في الأزمة السورية لوقف نزيف الدم في مخيم اليرموك وكافة الاراضي السورية.

من جهة أخرى، دانت 16 منظمة حقوقية وإنسانية، في بيان مشترك، وصلت إلى صحيفة (جيرون) نسخة منه، بأشـــد العبارات، الأعمالَ القتالية المشتعلة في جنوب دمشق، ومنها مخيم اليرموك، وطالبت الأطراف المتصارعة بالتوقف الفوري عن تدمير المنطقة وتحييد المدنيين فيها. ونادى البيان إلى التوصل إلى أي حل آخر، باستثناء الحل العسكري، يضمن سلامة السكان المدنيين، والممتلكات العامة والخاصة والبنية التحتية.

وطالب البيان السلطةَ الفلسطينية ومنظمة التحرير وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأوروبي، بالضغط على الجهات الفاعلة في الأزمة السورية لوقف نزيف الدم، للقيام بمسؤولياتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين في مخيم اليرموك، والتواصل الفاعل مع كل الأطراف المتصارعة في سورية لحماية المخيمات الفلسطينية من أي عملية تستهدف تدميرها، واحترام الوجود الفلسطيني في سورية. ويعيش داخل مخيم اليرموك ثلاثة آلاف فلسطيني مدني على الأقل ويشكلون نحو 700 عائلة. وكان النظام السوري والفصائل الفلسطينية الموالية له قد فرضوا حصارًا تامًا على مخيم اليرموك، منذ يوم 18/7/2013 حتى الآن.


غسان ناصر


المصدر
جيرون