سوريون وفلسطينيون: تدمير مخيم اليرموك قتل لشاهد على النكبة



أصدر مجموعة من المثقفين والفنانين والإعلاميين السوريين والفلسطينيين، اليوم (الثلاثاء) نداءً للتضامن مع ما يتعرض له مخيم اليرموك قرب العاصمة السورية دمشق من قصف وتدمير، تحت أي حجة كانت، وطالبوا فيه القيادات الفلسطينية برفع صوتها عاليًا ضد سياسات النظام السوري، الذي وصفوه بأنه “تاجر بقضية فلسطين ونكّل بحركته الوطنية”.

وفي بيانهم، قالوا إن النظام السوري “يقوم هذه الأيام، بطيرانه وصواريخه، وبمعونة الطيران الروسي، بشن هجمات وحشية على مخيم اليرموك، عاصمة اللاجئين الفلسطينيين، والذي يخضع لحصار وحشي منذ أكثر من خمسة أعوام، بهدف تدميره بيتًا بيتًا، بشكل مبرمج، وبإصرار واضح، بحيث يصبح غير صالح للعيش، علما أنها ليست المرة الأولى التي يشتغل فيها هذا النظام على تدمير مخيمات شعبنا، وتقديم خدمة لإسرائيل، بقتل الشاهد على نكبة شعبنا (1948)، وتصفية حق العودة، ومفاقمة معاناة اللاجئين وتشريدهم في أصقاع الدنيا”.

واستعرضوا ما قام به النظام السوري قبل الثورة، حيث “أسهم في تدمير مخيمي تل الزعتر وضبيه في بيروت، على يد الكتائب بعد الدخول السوري إلى لبنان (1976)، إبان مواجهته للحركة الوطنية اللبنانية والثورة الفلسطينية، ودفع وسهل لحركة (أمل) الطائفية، والموالية له، هجومها على مخيمات صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة في بيروت، التي تعرضت لحصار وحشي وتدمير مبرمج في الأعوام 1985 – 1988، وأنه هو وراء صناعة حركة (فتح الإسلام)، التي أقامت إمارة لها في مخيم نهر البارد، والذي جرى تدميره وتشريد سكانه (2007)، إذ بعد التدمير اختفى زعيم هذه الحركة شاكر العبسي، الذي كان أخرج من سجون النظام، وهو ما حصل مع عديد من قادة الفصائل العسكرية المتطرفة في سورية، هذا دون أن ننسى صنيعته الداعية الجهادي أبو القعقاع زعيم حركة (غرباء الشام)، في حلب، بعد الغزو الأمريكي للعراق، أو تحميله الوزير السابق ميشال سماحة للمتفجرات في سيارته، في مخطط لإجراء تفجيرات في لبنان وإشعال الفتنة في لبنان، هذا غير الاغتيالات التي طاولت كمال جنبلاط وجورج حاوي وسمير قصير وحسين مروة على سبيل المثال. وفي الإطار ذاته لا يسعنا إلا أن نعتبر أن تشريد اللاجئين الفلسطينيين في العراق على يد الميلشيات الطائفية العراقية الموالية لإيران، حليفة النظام السوري، يصب في ذات الاتجاه” وفق النداء.

كذلك قالوا إن النظام السوري “سلّم الجولان (1967)، وهو أكثر من عمل على العبث بقضية فلسطين وتوظيفها لخدمة أغراضه، والهيمنة على شعبه، ومصادرة حقوقه وحرياته، وأنه أكثر من اشتغل للسيطرة على منظمة التحرير وإنشاء فصائل موالية له، للتلاعب بالوضع الفلسطيني، الأمر الذي دفع الزعيم الراحل أبو عمار لرفع شعار القرار الفلسطيني المستقل، حتى أن هذا النظام حال بينه وبين إلقاء كلمة له، وهو محاصر في رام الله، في مؤتمر القمة في بيروت (2002)”.

والآن، يتابع النداء “يدمر النظام مخيم اليرموك، لكن هذه المرة بحجة (داعش)، علمًا أن المنطقة ساقطة عسكريًا منذ سنوات، وتخضع لحصار مطبق منذ أواخر 2012، فمن الذي أدخل (داعش) إلى المخيم المحاصر؟ ومن الذي يؤمن له التموين والسلاح والذخيرة والمال؟ ولماذا لم تقصف قوافل (داعش) التي كانت تتحرك بين باديتي العراق والشام بحرية ولا ببرميل واحد؟ ولماذا يجب تدمير المخيم من أجل بضع عشرات أو مئات الدواعش الذين اختفوا فجأة؟”.

وأشاروا إلى أن مخيم اليرموك “مثله مثل أي منطقة سورية، وأن الفلسطينيين مثلهم مثل السوريين، عانوا من النظام، ومن ظلمه، وصلفه وجبروته، إلا أننا نؤكد هنا أن ما يجري إزاء مخيم اليرموك عاصمة اللاجئين، والشاهد على النكبة، هو أمر يستدعي فضح ادعاءات هذا النظام المجرم، لأنه في قصفه الوحشي يقوم بتصفية حق العودة، خدمة لإسرائيل، الاستعمارية والاستيطانية والعنصرية، ولأننا من ذلك نؤكد أن قضية الحرية لا تتجزأ، وأن حرية الشعب السوري تخدم حرية شعبنا، كما أن حرية شعبنا تخدم حرية الشعب السوري، ولأن الضحايا يتعاطفون مع الضحايا، ولأنه لا توجد جريمة تبرر   أخرى، ولا مجرم يغطي على أخر، فجرائم النظام لا تغطي على جرائم إسرائيل بحق شعبنا وجرائم إسرائيل لا تغطي على جرائم النظام بحق شعبه”.

وأعربوا عن أسفهم لـ “كثير من الذين لا يرون الحقيقة، ولا ينظرون إلا إلى الشعارات، ويظنون أن سورية مجرد موقع استراتيجي، ولا يرون أنهم يطوبون سورية للنظام، ولشعاره المشين (سورية الأسد إلى الأبد)، ولا يرون أن لا قيمة لسورية ولا لموقعها بدون شعبها، الذي شرد النظام الملايين منه وقتل مئات الألوف منه، ودمر عمرانه ببراميله المتفجرة وصواريخه الارتجاجية والفراغية. هؤلاء، مع كل ما ذكرناه، لا يرون أن (داعش) هي مجرد ذريعة، بقدر ماهي صنيعة، فـ (داعش) هذه قاتلت السوريين ونكلت بالمعارضة، أكثر بكثير مما قاتلت النظام، ناهيك عن علامات الريبة عن نشوئها وتدعيم قوتها منذ سيطرت على الموصل واستيلائها على أسلحة أربعة فرق من الجيش العراقي وأموال طائلة من البنك المركزي في الموصل (2014)”.

وأضافوا “في الحقيقة، ومنذ اندلاع الثورة السورية، آذار/ مارس (2011)، وهي مازالت في طورها الشعبي – السلمي، حاول النظام السوري إنكار مطالب الشعب السوري، بادعاء أن ثمة جماعات إرهابية ومؤامرة خارجية على سورية، وكان أول اتهام وجهه إلى الفلسطينيين في مخيمي اللاذقية ودرعا، كما جاء على لسان بثينة شعبان وقتها، وغيرها من المسؤولين، وكان برز وقتها كلام رامي مخلوف، ابن خال رئيس النظام، الذي وجه كلامه إلى إسرائيل، مستجديًا الحفاظ على نظام الأسد، بقوله إن عدم الاستقرار في سورية يعني عدم الاستقرار في إسرائيل”.

وأدانوا “كل القوى التي تقف مع النظام السوري، وتغطي على جرائمه ضد شعبه، وضد شعبنا، وضمنها جريمة تدمير مخيم اليرموك، تحت أي حجة كانت، كما إننا نطالب القيادات الفلسطينية برفع صوتها عاليًا، والتحدث بجرأة وصراحة، ولو لمرة واحدة ضد سياسات هذا النظام، الذي تاجر بقضية فلسطين ونكل بحركته الوطنية، ومطالبته بوقف تدمير المخيم والإفراج عن المعقلين في سجونه، وتمكين أهلنا من العودة إلى بيوتهم سيما بعد أن اختفت كل الذرائع التي هاجم من أجلها المخيم”.

ومن الموقعين على النداء: أحمد برقاوي، ميشيل كيلو، خضر زكريا، سميرة المسالمة، أسعد غانم، يوسف سلامة، ماجد عبد الهادي، حازم نهار، مصطفى الولي، ماجد كيالي، معن البياري، رائد جبر، ميداس عزيزي، حسين الهاروني، عماد رشدان، نبيل السهلي، عبد الله تركماني، موفق نيربية، محمود الحمزة، زكريا الصقال، عبد الباسط سيدا، عبد الحكيم قطيفان، باسل العودات وتيسير خلف والعشرات غيرهم.


جيرون


المصدر
جيرون