فزغلياد: صواريخ إس-300 قد تصبح هدفًا لـ (إسرائيل)



الصورة: فاليري شاريفولين/ وكالة تاس

صرّح وزير الخارجية سيرغي لافروف، بأن بإمكان روسيا الآن تزويد سورية بمنظومة صواريخ إس- 300؛ فقد أعفتنا الضربة الأميركية من تعهداتنا أمام “الشركاء الغربيين”. غير أن بإمكان (إسرائيل) ضرب هذه المنظومات، بشرط أن تطال الضربات السوريين فقط، وأن يكون الروس بعيدين من موقع هذه الضربات. فهل احتمالات هذا السيناريو كبيرة؟

أعلن وزير الخارجية سيرغي لافروف، يوم الجمعة، أنه لم يعد هناك أمام موسكو أي عوائق أخلاقية تحول دون تزويد سورية بأنظمة الدفاع الجوي إس- 300 (فافوريت). وأشار: “كانت لدينا التزاماتٌ أخلاقية، بناءً على طلب من شركاءٍ معروفين، كنا قد وعدنا قبل عشر سنين بألا نقوم بذلك. وقد أخذنا حينذاك مبرراتهم بالحسبان، بأن امتلاك سورية لهذه المنظومات قد يزعزع الوضع، على الرغم من أنها دفاعية بحتة. ولخص الوزير الموقف قائلًا: “الآن، لم يعد لدينا هذا الالتزام الأخلاقي”.

أما ديمتري بيسكوف، المتحدث الإعلامي باسم الرئيس، فلم يعلّق على مسألة تزويد سورية بهذه الأنظمة، وقال: “اقرؤوا تصريح الرئيس الذي أدلى به بعد مرور ساعاتٍ على الهجوم العدواني على سورية.. اقرؤوا النص بعناية”. ونذكر أن لافروف وصف، بداية الأسبوع، الهجوم على سورية بـ “العمل العدواني المشين من جانب الولايات المتحدة الأميركية، فرنسا وبريطانيا”، وأعلن حينئذ أن روسيا ستنظر بخيارات متنوعة، لتأمين أمن الدولة السورية، منها تزويدها بمنظومات صواريخ إس- 300. كما لم يستبعد رئيس أركان إدارة العمليات الجنرال سيرغي رودسكوي أن تُراجع روسيا موقفها من مسألة بيع سورية منظومات الصواريخ هذه.

سارعت (بلومبرغ) لتكتب أن احتمال ظهور إس- 300 في سورية، يثير قلق (إسرائيل). فمثل هذه المعدات تدمر العلاقات “الهشة” بين الدولتين، وكذلك القنوات المفتوحة بينهما. فالآن، تتمتع (إسرائيل) بحرية المناورة في الأجواء، بفضل “الضوء الأخضر الروسي غير المعلن”، الذي يمنحها “التفوق الجوي”.

أما مدير مركز دراسة بلدان الشرق الأوسط وآسيا الوسطى سيمون باغداراسوف، فيتوقع برودةً في الحوار مع (إسرائيل) في حال إنجاز الصفقة. وقال الخبير لصحيفة (فزغلياد): “بلا شك، ستسيء الصفقة إلى العلاقات مع (إسرائيل). فهذه المنظومات ستتيح لسورية، على سبيل المثال، إسقاط الطائرات الإسرائيلية فوق لبنان في منطقة البقاع، وعلى أراضي بعض الدول المجاورة”.

أضاف بارداسوف: “لا توجد، ولا يمكن أن توجد، خياراتٌ ذكية تتيح تزويد سورية بالصواريخ، والإبقاء في الوقت نفسه على علاقاتٍ طبيعيةٍ مع (إسرائيل). فبالنسبة إلى (إسرائيل) ستكون مشكلةً كبيرة، لأن هيمنتها في الجو ستتقلص”. من جانب آخر، صرح للصحيفة عضو لجنة مجلس التصدير، زميل اللجنة الصناعية-العسكرية لدى حكومة روسيا الاتحادية العقيد المتقاعد فيكتور موراخوفسكي، بإن وجود إس-300 لدى سورية سيقلص بشكلٍ كبير إمكانية (إسرائيل) على شن الضربات على الأراضي السورية من دون ردع. والجنرال واثقٌ من أنه “في الآونة الأخيرة، تقوم (إسرائيل) بتوجيه الضربات من الأجواء اللبنانية، مستخدمةً صواريخ مجنحة بعيدة المدى”.

أشار جيميري بيني، محرر قسم الشرق الأوسط وأفريقيا لدى مجلة Jane’s Defence Weekly إلى أن لدى سورية الآن بعض الأنظمة المقبولة التي تعمل ضمن أقطار قريبة متوسطة. وإذا ما استكملت دفاعاتها بصواريخ إس- 300؛ “فسيكون بمقدور السوريين إنشاء مظلةٍ دفاعية واسعة متعددة الطبقات من وسائل الدفاع الجوي”.

وحول هذا الموضوع، يرى العديد من الخبراء الإسرائيليين أن الخيار الوحيد للرد على توريد مثل هذه المنظومات هو “محاولة تدميرها بشكلٍ فوري”. وكما صرح رئيس معهد دراسة الأمن القومي في جامعة تل أبيب، الجنرال المتقاعد آموس يادلين: “لدينا خطط مناسبة لإزالة هذا الخطر. وبعد أن يتم التخلص من الخطر، سيعود كل شيءٍ إلى نصابه”. ويقترح جيميري بيني، أنه للقضاء على إس- 300؛ يمكن لـ (إسرائيل) استخدام المقاتلات من الجيل الخامس F-35 ووسائل الحرب الإلكترونية.

يشير موراخوفسكي إلى أنه “لا يوجد وسائل دفاعٍ جوية لا تطال، كما لا توجد طائراتٌ لا تطال أيضًا”. وفي الوقت نفسه، يؤكد أن تحذيرات (إسرائيل) بتدمير إس- 300 قبل نشرها في سورية، لا تمت إلى الواقع بشيء.

على كل حال، تفرك وسائل الإعلام الأميركية أيديها مبكرًا، بانتظار نشوب نزاعٍ عسكري روسي- إسرائيلي. وتعتبر أوساط الخبراء الإسرائيليين من المسلّمات أنه يجب عند القيام بضربات كهذي ألا يتأذى العسكريون الروس. والمقصود بذلك أن تحاول القوات الجوية الإسرائيلية تدمير المنظومات، بعد انتقالها بالكامل إلى أيدي السوريين.

إضافة إلى ذلك، يشكك مدير الاستخبارات الإسرائيلية (ناتيف) السابق يعقوب كيدمي بفرضية تدهور العلاقات الروسية-الإسرائيلية. وحول رأيه بهذا الخصوص، قال لصحيفة (فزغلياد): “من الواضح، أنه لن يكون مريحًا لـ (إسرائيل) أن يتلقى الجيش السوري وسائل دفاعٍ جوي متطورة وحديثة. ولكنني لا أعتقد أن هذا الأمر سيكون سببًا في توتر حاد في العلاقات بين البلدين”. ويلاحظ الجنرال الإسرائيلي أنه “في نهاية المطاف، نظام العلاقات الدولية السائد لا يرضي دائمًا وبشكلٍ تام رغبات الدول، لأن لكل منها مصالحها القومية الخاصة”. فهل تعتقدون أن ذلك الأمر يروق للإسرائيليين؟ بالطبع لا. ولكن روسيا ستقوم بتنفيذ الصفقة. لم يكن الإسرائيليون راضين عن تزويد الولايات المتحدة مصر بطائرات (إف-16) ودبابات (أبرامز)، وبناء خطوطٍ لإنتاج الدبابات. وماذا بشأن طائرات (إف-15) وطائرات الاستطلاع للمملكة العربية السعودية؟ لم يعجب كل هذا (إسرائيل) وعارضته؛ ولكن الولايات المتحدة الأميركية قدّمت لنا ما يعوض. وبالطبع، علاقاتنا بروسيا مختلفة”.

كما أكد كيدمي أيضًا أن ظهور إس- 300 في سورية لن يؤثر كثيرًا في ميزان القوى، لأن “سورية دولةٌ ضعيفة لدرجةٍ لا بأس بها. والمنظومات ستعقد، ولكنها لن تعوق هجمات الطائرات الإسرائيلية، إذا اضطرت إلى تنفيذ مهمات فوق الأراضي السورية. فصواريخ إس-300 ليست بالمشكلة الكبيرة. أما لو كان الحديث يدور عن منظومات إس-400، بالتعاون مع عناصر دفاعٍ جوي أُخرى؛ فعندئذ نعم ستكون مشكلة”.

من الجدير بالذكر، أن منظومة إس-300 وحتى إس-400 الأحدث هي موجودةٌ بالفعل على الأراضي السورية، ولكنها روسية التابعية، وتقتصر وظيفتها على حماية القواعد الروسية في حميميم وطرطوس.

أما القوات السورية فلديها منظوماتٌ أقل تطورًا، كانت سورية قد حصلت عليها قبل بدء الحرب الأهلية. ويتعلق الأمر بشكلٍ خاص بنماذج سوفيتية تعود إلى 30 عامًا خلت إس-125، إس-200،” بوك-إم 2″، “كفادرات”، “أوسا” و”ستريلا”. عدا ذلك، لدى السوريين منظومات أكثر تطورًا من طراز “بانتسير-إس” التي أظهرت، بحسب وزارة الدفاع الروسية، دقة 100 بالمئة، في أثناء صد الهجوم الأخير للتحالف الغربي. ونذكّر أن بيان الوزارة أشار إلى إسقاط وسائط الدفاع الجوي السورية 71 صاروخًا من أصل 103، أطلقها تحالف الولايات المتحدة الأميركية، فرنسا وبريطانيا.

صرح لصحيفة (فزغلياد) نائب قائد قوات الدفاع الجوي الروسية السابق لمسائل أنظمة الدفاع الجوي الموحدة، الجنرال آيتش بيجييف بأن وسائل الدفاع الجوية السورية أصبحت متقادمة. فبمقدور المنظومات السوفيتية إس-200، إس- 75 أو إس-125 استهداف هدفٍ واحد فقط، أما منظومة إس-300 فبإمكانها استهداف 6 أهدافٍ دفعةً واحدة. وأوضح الجنرال أن “كتيبة واحدة من منظومة إس- 300 تعادل 6 كتائب من مختلف أنواع المنظومات القديمة. ومن حيث الفعالية والتوقعات الرياضية، فإنها تعادل لواءً كاملًا من التسعينيات”.

كما أشار بيجييف إلى أن إس-300 يمكن أن تعزز القدرات الدفاعية لسورية، في حال تكرار الهجمات الصاروخية الأميركية. وأكد: “تستطيع صواريخ إس- 300 التصدي لأي هدفٍ جوي وفضائي، بغض النظر عن السرعة التي يطير بها. وليس هناك في الوقت الراهن هدفٌ معادٍ لا تستطيع هذه الصواريخ التعامل معه”. وفي الوقت نفسه، إس-300 هي منظومةٌ متحركة، ولهذا تستطيع في سورية أن تدعم أي “مسرح عملياتٍ حربية”، خلال فترةٍ زمنية قصيرة. ويشير الخبير إلى أن فترة تجهيز إس- 300 للأعمال القتالية لا تتعدى ست دقائق: إطلاق الصاروخ، تدمير الهدف، مغادرة الموقع، الاختفاء في الجبال. وهذا كل شيء!”.

من ناحيةٍ أُخرى، أكد بيجييف، أن منظومة إس- 300 لا تستطيع تغطية كامل الأجواء السورية، لأن ذلك يتطلب نشر منظومات على كامل طول وعرض الأراضي السورية على مسافةٍ لا تتجاوز 50-60 كم بين المنظومة والأخرى. وبحسب كلامه، يبنى الدفاع الجوي مع الأخذ بالحسبان حماية الأهداف الحيوية: محطات الكهرباء، مراكز القيادة، المراكز الإدارية- الصناعية، الموانئ، المطارات والمناطق الصناعية.

إضافة إلى ذلك، وللحصول على أعلى مردود في صد الهجمات الصاروخية الأميركية وحليفاتها؛ تحتاج سورية إلى إنشاء منظومة دفاعٍ جوي مختلطة بمشاركة إس- 300 والطيران الحربي ووسائل الحرب الإلكترونية. ومن المعروف أن الدفاع الفعلي يبنى على أساس المعادلة التالية: يجب أن تكون وسائط الدفاع أكبر من وسائل الهجوم بنسبة 1.3-1.7 مرة، يقول الخبير.

يعتقد فيكتور موراخوفسكي أن التوريدات المثالية يجب أن تكون بحدود 3-4 بطارية (في كل منها 12 منصة) من صواريخ إس- 300. وهذه الكمية تكفي للدفاع عن الأهداف الحيوية على مساحة البلاد، ولكنها مع ذلك لن تكون كافية لصد هجومٍ أميركي واسع باستخدام حاملات الطائرات ومئات الصواريخ المجنحة.

وخلص المتحدث إلى أن “الاعتقاد السوري، بصد هجومٍ صاروخي جوي أميركي واسع، هو أمر غير جدي. فكل الميزانية السورية لن تكفي لتحقيق هذا الغرض”.

عدا ذلك، أكد الخبير أن استخدام إس- 300 وحدها ضد الصواريخ المجنحة هو “أمرٌ ليس كما يجب”. فبالنسبة إلى هذه الصواريخ تعدّ الصواريخ المجنحة هدفًا سهلًا. فصواريخ إس-300 مخصصةٌ لتدمير الأهداف الصعبة القادرة على المناورة كالطائرات التكتيكية والاستراتيجية، والطائرات التي يتم اكتشافها من مسافاتٍ بعيدة، ووسائل التشويش. أما بالنسبة إلى الصواريخ المجنحة، فإن منظومة “بانتسير” و”بوك” تتعامل معها بشكلٍ ممتاز. وأضاف موراخوفسكي، أنه في حال الضرورة، يمكن أن تعمل إس-300 على تدمير الأهداف التي تحلق بسرعةٍ بطيئة وعلى ارتفاعاتٍ منخفضة، كالطائرات المسيرة والصواريخ المجنحة.

وفي الوقت نفسه، يرى الخبير أن “احتمال تزويد سورية بصواريخ إس-300 عالٍ جدًا”. وأضاف: يجب الاعتراف بأن الغرب تجاوز حدودًا معينة بتجاهله الاتفاقات، حتى الاتفاقات غير المعلنة. وقد سبق لهم أن أكدوا أنهم لن يقوموا بإجراءاتٍ يمكن أن تعرض للخطر بعض الأهداف والمواقع، ولكنهم خرقوا بوقاحة ودون إنذار هذه الاتفاقات؛ فما الذي نخجل منه الآن!”.

اسم المقالة الأصلي С-300 в Сирии могут стать целью для Израиля كاتب المقالة أندريه ريزنيكوف- الكسي نيشاييف مكان وتاريخ النشر صحيفة فزغلياد. 21 نيسان 2018 رابط المقالة https://vz.ru/politics/2018/4/21/877604.html

ترجمة سمير رمان


سمير رمان


المصدر
جيرون