سورية وإيران تتوعدان بالردّ ضدّ دولةٍ غير معروفة



الصورة: Li Rui/ZUMA/ТАСС

ليس هناك أدنى شكّ في حقيقة وقوع الضربة الليلية على مواقع سورية-إيرانية، في حماة وحلب؛ فقد أعلنت عنها دمشق رسميًا، حتى إنّ مراكز رصد الزلازل الغربية رصدت الضربة على أساس أنّها هزّة أرضية. غير أنّ الجهة التي قامت بالضربة، التي يعتقد أنها قتلت عشرات الإيرانيين، ما زالت غير معروفة. ولكنّ الشبهات تحوم حول إسرائيل. وكانت روسيا قد وعدت قبل أيّام بأن الضربات الجديدة على سورية لن تمرّ من دون عقاب.

السلطات في دمشق وطهران هددت بضربةٍ جوابية، تطال من قام بالهجوم الصاروخي على سورية. في حديثٍ سابق لوكالة أنباء (سانا)، قال بشار الأسد، في ختام مباحثاتٍ أجراها مع وفدٍ إيراني برئاسة رئيس لجنة البرلمان للأمن القومي والسياسة الخارجية علاء الدين بورودجيردي: إنّ “العدوان الجديد الذي شنّته بعض الدول الغربية يزيد من تصميم السوريين في الدفاع عن استقلالهم الوطني وعن حقّهم في تقرير مستقبلهم”.

برودجوردي من ناحيته، أضاف أنّ “مؤامرة الولايات المتحدة الأميركية وأذنابها في المنطقة قد باءت بالفشل، بفضل صلابة قوى المقاومة ونتيجة دحر الإرهابيين”.

من جانبٍ آخر، بحسب ما نقلت وكالة أنباء (تاس)، هدّد القائد الأعلى لجمهورية إيران الإسلامية آية الله علي خامنئي بدوره: “الآن، سيكون هناك ردٌّ جوابيّ على كلّ هجوم جديد”. وحذّر آية الله: “العصر الذي كانت فيه تمر الضربات دون عقاب قد ولّى”.

بالمناسبة، لم تعلن أيٌّ من العاصمتين مباشرةً الجهة التي تقف وراء القصف الليلي. موسكو من جانبها لم تعلّق بعد على الهجوم. وتدعي بعض فصائل المتمردين السوريين أنّها هي من قام بالهجوم. غير أنّ صحيفة الأخبار اللبنانية (الناطقة باسم “حزب الله” الشيعي اللبناني والمقربة من طهران) ألقت مسؤولية الهجوم على إسرائيل، مهدّدةً أيضًا “بردٍّ حتميٍّ قريب على هذا الهجوم”.

وقد نشرت صحيفة (فزغلياد) أنّ قطعًا من الجيش السوري قرب مدينة حماة وحلب، تعرضت ليلة الإثنين لضربةٍ صاروخية. من جانبٍ آخر، أكّدت قناة تلفزيون سورية الحكومية تعرّض مواقع الجيش السوري قرب حماة وحلب لهجومٍ صاروخيّ، وأشارت بحسب معلوماتها إلى وقوع “عدوانٍ جديد ضدّ سورية” الساعة 22:30 مساء الأحد. ويوضّح مصدر لوكالة (ريا) أنّه “على الأرجح كان الهجوم بالطائرات”. وقام الصحفي دينّي ماكّي بنشر فيديو عن الهجوم على حسابه في (تويتر).

وتؤكّد وكالة الصحافة الفرنسية أنّ 26 عسكريًا قتلوا نتيجة الهجوم، من ضمنهم مواطنون إيرانيون. ونضيف، أنّه بحسب معطيات NEWSru Israel، فإنّ أحد الأهداف كان قاعدة عسكرية إيرانية في (جبل 47) شمال شرق مدينة حمص، تقع غير بعيدٍ عن قاعدة حميميم الروسية، ولكنّ روسيا لم تبادر إلى استخدام منظومة إس- 400 في التصدي للصواريخ.

وكما يؤكّد telegram- kanal Directorat 4,  وBBC الإسرائيلية، فقد قصفت إسرائيل قواتٍ إيرانية متمركزة ضمن اللواء 47 التابع للقوات الحكومية السورية قرب مدينة حماة، حيث ينتشر فيه وحداتٌ من فيلق حراس الثورة الإسلامية. إضافة إلى ذلك، يحتوي الموقعان اللذان تعرضا للقصف مستودعات ضخمة للأسلحة.

من ناحيةٍ أخرى، تكتب صحيفة (نيويورك تايمز)، استنادًا إلى مصدرٍ مطّلعٍ في “تحالف الأسد”، أنّه تمّ تدمير حوالي 200 صاروخ. وأكّد المصدر نفسه مقتل 16 شخصًا نتيجة الهجوم، بينهم 11 من الجنسية الإيرانية. أمّا قناة (سكاي نيوز) فتحدثت عن مقتل 40 شخصًا وجرح قرابة 60.

ما زالت الأنباء متضاربة بخصوص الجهة التي قامت بالهجوم. فعلى سبيل المثال، تؤكد صحيفة (تشرين) السورية، أنّ القاعدتين تعرضتا لهجومٍ ليس من الطائرات الإسرائيلية، بل من قواتٍ أميركية وبريطانية انطلاقًا من قواعدها في الأردن: بحسب معطيات الصحيفة، أطلقت 9 صواريخ باليستية. غير أن واشنطن نفت هذه الأنباء، حيث قال ممثل البنتاغون الرائد إدريان بينكاين غيلوي: “لا الولايات المتحدة الأميركية، ولا غيرها من دول التحالف شنّت ضرباتٍ على أهداف قرب مدينتي حماة وحلب”.

على كلّ حال، جاءت الضربات قويةً لدرجة جعلت المرصد الأوروبي للزلازل يعتقد أنّ هزةً أرضية بقوة 2.6 درجة على مقياس ريختر، وقعت على بعد 16 كم جنوب شرق مدينة حماة.

بالمناسبة، فيما بعد جاء النفي من طهران. حيث نفى مصدر وكالة (مهر) لدى الحرس الثوري شخصيًا أنباء مقتل 18 من المستشارين الإيرانيين. بعدها بقليل، ووفقًا لما نقلته وكالة أنباء (تاس) استنادًا إلى قناة (الميادين)، أعلن قائد ميليشيا “فاطميون” المدعوم إيرانيًا تعرّض وحداته المتواجدة قرب حلب لهجوم، وأضاف أنّ الموقع العسكري لم يتأذ، ولم يقع ضحايا.

تزامنت الغارات بشكلٍ غريب مع جولة وزير الخارجية الأميركي الجديد مايك بومبيو في الشرق الأوسط. وفي اليوم السابق، وصل الوزير الأميركي إلى الأردن، وصرّح بأنّ الولايات المتحدة الأميركية “قلقة للغاية” من طموحات إيران الهادفة إلى السيطرة على الشرق الأوسط. وبحسب بومبيو، تبقى أولوية واشنطن في سورية القضاء على الإرهابيين، خفض العنف، المساعدات الإنسانية، ودعم التسوية السياسية، تقول وكالة (ريا نوفوستي). وأضاف وزير الخارجية: “استراتيجيتنا في التوصل إلى هذه الأهداف لم تتغيّر”.

تقتبس صحيفة (موسكو فسكي كومسمولتس) عن ممثل وزارة الخارجية الإيراني بارهام قاسمي ردّه على بومبيو، حيث قال إنّ كلام وزير الخارجية الأميركي، بخصوص الدور الإيراني في بعض دول المنطقة، هو كلامٌ فارغ ولا أساس له، لأنّ تواجد الإيرانيين في “الدول المجاورة” مرتبطٌ بمهمات استشارية تقدمها طهران بناءً على طلب السلطات الشرعية في تلك الدول.

قبيل الضربة الليلية، التي يزعم أنّها فعلٌ إسرائيلي، كان الجيش السورية والتشكيلات المرتبطة بإيران قد هاجموا مواقع “قوات سورية الديمقراطية” على الضفة الشرقية من نهر الفرات، بحسب telegram- kanal Directorat 4.

ومن المعروف أنّ الولايات المتحدة الأميركية تدعم “قوات سورية الديمقراطية”، وبحسب المحلل العسكري سيمون بيغوف، فإنّها تعتزم السيطرة على منطقة شرق سورية، حيث النفط.

“هذا ما يخشاه الأميركيون في واقع الأمر، وليس المواد الكيمياوية في الغوطة الشرقية البعيدة. ومن هنا جاءت الضربات الاستطلاعية الإسرائيلية على مطار (تي فور) وصواريخ (توماهوك) الأميركية. إنّهم بحاجةٍ إلى شرق سورية مع ما يحتويه من نفط. وهذا الشرق عندهم، ويبدو أنّهم سيحصلون عليه. وأنا على ثقة أنّ التصعيد سيزداد على هذا الاتجاه. وليس من المستبعد أن يلجأ ترامب مجددًا إلى صواريخ (توماهوك) لشنّ ضرباتٍ موضعية”، كتب بيغوف على قناة (تليغرام) War Gonzo. إذا كان هناك هدفٌ ما، فسيكون بالإمكان إيجاد الذريعة! وبالطبع، فإنّ إسرائيل الحليف الصريح والعريق للولايات المتحدة في المنطقة، تحاول “بثّ الرعب” بين منظمي هجوم الميليشيات الموالية للحكومة السورية على شرق البلاد الغني بالنفط على ضفاف الفرات”.

الأسبوع الماضي، كانت موسكو قد وعدت بعدم السماح بوقوع ضرباتٍ أميركية جديدة على سورية دون عقاب. جاءت تحذيرات موسكو بعد قيام الدول الغربية، في 14 نيسان/ أبريل، في خرقٍ واضح لميثاق الأمم المتحدة، بتوجيه ضرباتٍ واسعة على أراضي الجمهورية العربية السورية. وكان مندوب روسيا لدى منظمة حظر انتشار واستخدام الأسلحة الكيمياوية ألكسندر شولغين قد قال: “شركاؤنا الأميركيون يهددون من جديد باستخدام السلاح ضد سورية ذات السيادة، ولكننا لن نسمح بذلك”.

أمّا إسرائيل نفسها فلم تؤكد ولم تنفِ مسؤوليتها عن الهجمات الليلية. وقد جرت العادة في الدولة اليهودية أن يطلق على مثل هذه الهجمات الجوية صفة “العمل الدفاعي”، وتم تثبيت وقوع هجمات كهذي في 23 نيسان/ أبريل، وقبل أسابيع هوجمت مطارات سورية.

من الناحية الرسمية، سورية وإسرائيل في حالة حربٍ. وتتخذ إسرائيل موقفًا معارضًا لمشروع التسوية السلمية الحالي، معتبرةً أنّه يعطي الضوء الأخضر لإيران لإقامة منصّة انطلاق “الحرب المقدّسة” ضدّ الدولة العبرية. وقد تعزز حلف إسرائيل مع الولايات المتحدة الأميركية، بعد اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقدس عاصمةً للدولة اليهودية.

اسم المقالة الأصلية Сирия и Иран пригрозили контрударом неизвестно какой стране كاتب المقالة  فكتوريا فيدوتوفا مكان وتاريخ النشر صحيفة فزغلياد. 30.04.2018 رابط المقالة https://vz.ru/world/2018/4/30/920542.html ترجمة سمير رمان
سمير رمان


المصدر
جيرون