مؤسسات النفوذ الإيراني في سورية



أصدرت (وحدة الدراسات الاجتماعية) في مركز (حرمون للدراسات المعاصرة) دارسةً للباحثَين: حسام السعد وطلال مصطفى، بعنوان (مؤسسات النفوذ الإيراني في سورية والأساليب المتبعة في التشيّع).

جاءت الدراسة -بحسب الباحثين- استكمالًا لدراسةٍ نشرتها الوحدة سابقًا، بعنوان (محددات الوجود الإيراني في سورية)، وتتوجه الدراسة الحالية إلى التعريف بالمؤسسات الفاعلة التي أدّت أدوارًا مختلفة في عملية التجييش المذهبي والسياسي لمصلحة إيران الشيعية.

تتطرق الدراسة إلى المؤسسات التي “عملت على تكريس النفوذ الإيراني، في المستوى السياسي والثقافي والتعليمي والمذهبي الطائفي، وتوضح الأساليب المختلفة التي تستخدمها إيران ووكلاؤها من المحليين، في عملية التشييع المذهبي والسياسي، وكذلك الشخصيات السورية في مؤسسات الدولة التي كانت لها اليد الطولى في تكريس هذا الوجود”.

تتألف الدراسة من ثلاثة أبواب، يتناول الباب الأول فيها شرحًا عن مؤسسات النفوذ الإيراني في سورية وهي: “(جمعية المرتضى)، برئاسة جميل الأسد، (جمعية البستان الخيرية) أسسها رامي محمد مخلوف، (حزب الله) الشيعي اللبناني”، حيث تستغل إيران هذه المؤسسات لتنظيم نشاطها التبشيري في سورية.

ثم ينتقل الباحثان إلى تعداد أهم المقامات الشيعية في سورية وهي: “مقام السيدة زينب بنت عليّ جنوب دمشق، مقام السيدة رقية بنت الحسين في دمشق، مقام السيدة سكينة بنت عليّ في داريّا، مشهد رأس الحسين في حلب، مقام عمار بن ياسر وأويس القرني في الرقة، مقام حجر بن عدي في عدرا”، إضافة إلى عشرات الحوزات العلمية والحسينيات، ومدارس التعليم الثانوي التي تدعمها إيران، وتشرف عليها بشكل مباشر دون أي رجوع إلى وزارة الأوقاف السورية.

تعرج الدراسة على مؤسسات التعليم العالي الإيرانية التي تمّ افتتاحها في سورية وأهمها: “فرع دمشق للجامعة العالمية للعلوم الإسلامية الشيعية، ومقرها في مقام السيدة رقية، فرع معهد الدراسات الإسلامية باسم كلية الدراسات الإسلامية في مدينة إدلب سابقًا، كلية الدعوة والاجتهاد في مدينة الطبقة سابقًا، معهد رقية للدراسات الإسلامية في دمشق، فرع الجامعة الإيرانية الإسلامية الحرة، إضافة إلى كلية المذاهب الإسلامية في دمشق، التي أعلن عن تأسيسها في نهاية شباط/ فبراير الماضي”.

في الباب الثاني، يقدّم الباحثان تصورًا لأساليب التشيّع في سورية وفق عدة طرق، منها الأساليب الشعبية التي تعتمد فيها إيران على: “إقامة العلاقات الجيدة مع شيوخ العشائر، دعوة حشود من الناس رجالًا ونساء لحضور احتفالات دينية، وإقامة المهرجانات الخطابية”.

الأسلوب الآخر يتمثل في تقديم مبالغ مالية للمتشيعين، وهناك أساليب دينية عبر إقامة حسينيات في القرى، وأساليب ثقافية عبر توزيع كتب ومطبوعات، كما توجد أساليب دعم صحي كإقامة المشافي والمستوصفات، وأساليب دعائية وإعلامية، وتشجيع الشيعة في العراق وأفغانستان على الهجرة إلى سورية، وأخيرًا هناك أسلوب رسمي تشير إليه الدراسة وهو التعاون بين حكومة نظام الأسد والحكومة الإيرانية لتسهيل عمليات التشيّع في سورية.

وتنتقل الدراسة في بابها الثالث إلى استعراض أهم الشخصيات المتشيّعة الفاعلة في الدولة في عهد حكم بشار الأسد، في مختلف المجالات الدينية والعلمية والثقافية والحكومية والأمنية.

تعدّ هذه الدراسة وثيقة مهمة في تثبيت مداخل النفوذ الإيراني في سورية، على المستوى الديني والسياسي والعسكري، حيث يقول الباحثان فيها: “اجتهدت إيران في العقود الماضية في التأسيس لمراقد شيعية عدة في سورية، عدّت أنها مراقد للأئمة المعصومين لديها؛ ما جعل المراقد أحد مراكز الوجود العلمي والديني، ومن ثمّ الاجتماعي والسياسي وحتى العسكري لها”.

وعن هذه المراقد تقول الدراسة: “تحولت المراقد الشيعية في سورية إلى مواقع ليست دينية وسياسية فقط، بل امتدت لتكون مواقع عسكرية بعد ثورة 2011، تسوّغ وجود قوات شيعية غير سورية، بذريعة الدفاع عنها، للحصول على شرعية الدخول ودعم النظام”.

يذكر أن (وحدة الدراسات الاجتماعية) في مركز (حرمون للدراسات المعاصرة) نشرت في آذار/ مارس الماضي دراسة بحثية عن محددات الوجود الإيراني في سورية، تناولت فيها المحددات السياسية والاقتصادية والديموغرافية والعلمية التي تتبعها إيران في سورية. رابط الدراسة: (https://harmoon.org/archives/8432)


سامر الأحمد


المصدر
جيرون