نساء سوريات تعرّضن للتعذيب والإهانة في سجون نظام الأسد



منظر خارجي لما يُسمى سجن التوبة في مدينة دوما، الغوطة الشرقية، ضواحي دمشق، سورية، 20 نيسان/ أبريل 2018. (صورة: يوسف بدوي، وكالة حماية البيئة)

تستذكر منى محمد كل التفاصيل الدقيقة: الرائحة الكريهة في الزنازين، والألم، وجلاّديها. وكما تقول الفتاة البالغة من العمر 30 عامًا: “غطى رأسي بكيسٍ بلاستيكيّ أسود، ثم علقني إلى السقف، ورأسي نحو الأسفل”. ما تزال الذاكرة تطاردها، وتستذكر كيف أن الحارس قال لها إنه سيتركها معلقةً من السقف إلى أن “ترمي كل أفكارها الشريرة في هذا الكيس”.

كانت منى معلمة موسيقى، قبل اعتقالها عام 2012 لمشاركتها في الاحتجاجات ضد الرئيس بشار الأسد في دير الزور. أُطلق سراحها، لكنها اعتُقلت مرةً أخرى واقتيدت إلى الفرع 215 سيئ السمعة التابع للمخابرات العسكرية السورية في دمشق، وهو الفرع الذي يُطلق عليه المعتقلون “فرع جهنم”؛ لأن التعذيب فيه حدثٌ يومي.

وتتابع تذكرها: ذات يوم، ظهر جلادها يستعرض بمسدس صاعق، و”قال، يا منى، أين قلبك؟ أشرتُ إلى قلبي، وهذا هو المكان الذي ضربني فيه”.

لعدّة أشهر، سُجنت منى في حبسٍ انفرادي، أو حُشرت جنبًا إلى جنب مع معتقلين آخرين. وتستذكر منى قائلةً: “في أحد الأيام، استجوبوا طفلةً عمرها 16 عامًا، سمعت صراخها، كان صراخًا عاليًا جدًا، أعتقد أنهم قتلوها”. وتتابع منى: إن العديد من النساء تعرضن للاعتداء الجنسي، مضيفةً أنها أيضًا واجهت خطر الاغتصاب، ما لم تعترف.

منى محمد، هربت إلى تركيا عام 2016 (صورة ج. هان، دويتش فيلله)

كانت أحوال النظافة في السجن مرعبة، كما تقول منى، موضحةً أنه لم يكن مسموحًا للمعتقلين الذهاب إلى المراحيض أو الحمامات البتة. كان هناك أطفالٌ أيضًا. وتضيف: “أتذكر امرأة وابنتها، كانت زنزانتها صغيرة جدًا ومظلمة، وكانت الفتاة تبكي طوال الوقت، ومرة بعد الأخرى، حاولَت أن تختلس النظر من تحت الباب، آملةً بقليل من ضوء النهار”.

في نهاية المطاف، مُنحت منى العفو، وأُطلق سراحها. في عام 2016، تمكنت من الفرار إلى تركيا، حيث ما زالت تعيش إلى اليوم، في غازي عنتاب، وهي مدينة أصبحت ملاذًا لنصف مليون سوري.

لا أحد يعرف بالضبط عدد المعتقلات في سورية. حيث يُقدّر فضل عبد الغني العدد بأنه “أكثر من 7000″، وهو رئيس منظمة غير حكومية توثق انتهاكات حقوق الإنسان في الحرب السورية.

تظهر إحصاءات عبد الغني عن الجماعات المسلحة أن معظمها متورطٌ بحالات عنفٍ ضد النساء، بينما تترأس الحكومة السورية تلك القائمة. ويقول إن النساء مستهدفات بشكلٍ متعمد، لأنهنَّ لعبنَّ دورًا مهمًا في المعارضة ضد الأسد. ويرى عبد الغني أن النظام يمارس التعذيب والاعتداء الجنسي على النساء كاستراتيجية حرب. “حطم النساء، بالتالي ستحطم العائلة، ومعها المعارضة في المجتمع”. هذا هو الهدف.

في عام 2017، أفادت منظمة العفو الدولية أن أكثر من 17,000 شخص ماتوا منذ عام 2011 نتيجة التعذيب، وسوء المعاملة والظروف الكارثية في السجون التي تديرها أجهزة الاستخبارات والحكومة السورية. ووفقًا لمنظمة حقوق الإنسان، فقد أُعدم ما يصل إلى 13,000 شخص في سجن صيدنايا سيئ السمعة، الواقع شمال دمشق، والتي تقول إن “الهجوم المنهجي الواسع النطاق من قبل الحكومة على المدنيين” يرقى إلى “جرائم ضد الإنسانية”.

رفض الرئيس السوري هذا التقرير، الذي يستند إلى تصريحاتٍ أدلى بها معتقلون سابقون، على أنها “أخبار مزيفة”.

منى تريد من العالم أن يعرف ما يجري في السجون السورية. الإذلال جزءٌ من التعذيب أيضًا، كما تقول، مشيرةً إلى حادثةٍ حيث سأل فيها أحد الحراس رجلًا عن مهنته، فردَّ الرجل إنه طبيب، عندها أمره الحارس أن يقفز على ساقٍ واحدة، ويقول: “أنا أرنب، في البداية كان الطبيب يتكلم بهدوءٍ شديد، لذا قاموا بضربه، ثم سمعناه كلّنا يصيح: أنا أرنب، أنا أرنب”.

دوّنَت منى قصتها، وهي تُجمّع أيضًا قصص ضحايا آخرين. لقد بدأت بمجموعة دعمٍ للنساء السوريات، “مشروع العلاج”.

تقول منى: “بعض النساء يرفضن التحدث عما حدث لهن في السجن، وبينما تنهار أخريات، ولا يمكنهنَّ التوقف عن البكاء، عندما يتحدثن عن ذلك، أحاول أن أُريهم أنهنّ قويات، وأن الأشياء الفظيعة التي حدثت لهنّ ليست خطأهنَّ، وأقول لهنَّ، ابدؤوا حياةً جديدة”.

تعيش منى حياة جديدة في تركيا، لكنها تأمل في أن تساعد، في يومٍ من الأيام، في تقديم جلاديها في سورية إلى العدالة.

اسم المقالة الجديدة Syrian women tortured and humiliated in Assad regime prisons الكاتب جوليا هان، Julia Hahn مكان النشر وتاريخه يو إس أيه توداي، USATODAY، 1/5 رابط المقالة https://www.usatoday.com/story/news/world/2018/05/01/syrian-women-tortured-and-humiliated-assad-regime-prisons/567909002/?utm_source=google&utm_medium=amp&utm_campaign=speakable عدد الكلمات 628 ترجمة وحدة الترجمة والتعريب


جيرون


المصدر
جيرون