هل تغيير النظام في إيران هو جزء من أجندة ترامب؟



أدلى رودولف جولياني، أحد كبار أعضاء الحزب الجمهوري، والمحامي المعين حديثًا للرئيس ترامب، بتصريحٍ واضحٍ خلال عطلة نهاية الأسبوع. وفي تجمع نظمته مجموعة من الناشطين المعارضين للحكومة الإيرانية، بدا عمدة نيويورك السابق وكأنه يوحي بأن الاتفاق النووي مع إيران محكوم عليه بالفشل، وأن إدارة ترامب توقعت المزيد من الدمار في الشرق الأوسط.

قال جولياني، يوم السبت 5 أيار/ مايو: “لدينا رئيس قوي، رئيس ملتزم بتغيير النظام كما نحن ملتزمون”. وأضاف أن مواجهة إيران “أكثر أهمية من اتفاقٍ إسرائيلي فلسطيني”.

منذ وصوله إلى السلطة، انتقد ترامب الاتفاق الذي تم التوصل إليه عام 2015 بين إيران والقوى العالمية، وظل ينتقد مرارًا ميثاقَ حقبة أوباما على أنه تنازلٌ مخزٍ لدولةٍ مارقة، ويبدو أنه على وشك أن يخرق شروطه، من خلال إعادة فرض عقوباتٍ معينة على إيران، في وقتٍ لاحق من هذا الأسبوع. كما أنه يحاكي وجهات نظر المحافظين الجدد في واشنطن، وبنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني، مصورًا الجمهورية الإسلامية على أنها أكبر خطرٍ يواجه الشرق الأوسط.

لكن إذا كان تغيير النظام على جدول الأعمال؛ فإن ترامب ما يزال حذرًا جدًا بشأن كيفية حدوثه. إن خلع الملالي عن عرشهم ربما يتضمن شنَّ حرب ضد إيران، وهو احتمال يتناقض مع رغبته المعلنة في الانسحاب من سورية، وتخليص الولايات المتحدة من جيلٍ من الصراعات المكلفة في الشرق الأوسط. غرد ترامب على (تويتر) معبرًا عن تضامنه، عندما نزل الإيرانيون إلى الشوارع محتجين في وقتٍ سابق من هذا العام، وذلك ما كان مدى دعمه الملموس.

لكن ليس لدى الصقور الأكثر تقليدية في دائرة ترامب الداخلية مثل هذا التردد. وقد دعا مايك بومبيو، وزير الخارجية الجديد، إلى تغيير النظام، وإلى القيام بقصف البلاد، كما فعل جون بولتون، مستشار الأمن القومي الجديد.

وقد أيد بولتون، وجولياني، ومجموعة من السياسيين في واشنطن من كلا الحزبين -ومن المحتمل أنهم أخذوا المال- جماعات المواجهة التي ترتبط مباشرة بمجاهدي (خلق)، وهي جماعة مقاومة إيرانية تعمل في المنفى، كان عملاؤها قد تورطوا في مقتل الأميركيين وآلاف الإيرانيين، ونشأ الكثيرون منهم نتيجة التنسيق مع صدام حسين، الديكتاتور العراقي في الثمانينيات أثناء الحرب بين بغداد وطهران.

كانت وزارة الخارجية قد صنفت ذات يومٍ منظمة مجاهدي (خلق) على أنها مجموعة إرهابية -وهي تعدّها أيضًا “طائفة دينية”- قبل أن ترفع حملةُ ضغط متواصلة صفةَ الإرهاب عنها عام 2012. كانت هي وراء الحدث الذي تكلم فيه جولياني في عطلة نهاية هذا الأسبوع، محددًا حلقة أخرى في علاقته الطويلة والدافئة مع هذه المنظمة.

“لقد دفعت منظمة مجاهدي (خلق) بسخاءٍ لجولياني لسنوات –20,000 دولار أو أكثر، وربما أكثر بكثير- من أجل ظهور قصير أمام المجموعة، وللضغط من أجل إزالتها من قائمة وزارة الخارجية للمنظمات الإرهابية الأجنبية، وهو الأمر الذي حدث عام 2012″، كما ذكرت صحيفة (بوليتيكو).

ويشير جاسون رضائيان، وهو مراسل صحيفة (واشنطن بوست) السابق في طهران، والذي اعتقله النظام الإيراني ظلمًا منذ عام ونصف العام، إلى الازدراء الواسع تجاه منظمة مجاهدي (خلق) بين الإيرانيين العاديين، الذين ينظرون إلى المنظمة على أنها مجموعة جبانة وخائنة.

وكتب رضائيان: “خلال السنوات السبع التي عشتها في إيران، أعرب العديد من الناس عن انتقادهم للمؤسسة الحاكمة، معرضين أنفسهم لخطرٍ محتمل كبير، في كل ذلك الوقت، ما قابلتُ البتة أي شخصٍ يعتقد أن منظمة مجاهدي (خلق) ينبغي لها، أو يمكنها، أن تقدم بديلًا قابلًا للتطبيق”.

ومع ذلك، فإن حلفاءها الأميركيين هم الآن في موقعٍ قيادي. وفي حالة انهيار الاتفاق النووي، قد يسعون إلى تعزيز هدفهم النهائي المتمثل في إطاحة الجمهورية الإسلامية.

وكتب رضائيان أيضًا: “بالنسبة إلى أولئك الذين يدّعون أن الاتفاق النووي غير صالح للتطبيق، يبقى تغيير النظام هو الحل الوحيد، بالنسبة إلى مجاهدي (خلق)، وبولتون، إذا كان يجب أن تؤخذ كلماته كما هي؛ فإن الطريق الوحيد لذلك قد يكون الحرب. لقد كانت المجموعة على استعدادٍ منذ فترة طويلة لبذل كل ما في وسعها لرؤية ذلك يحدث، ومن ضمن ذلك تقديم معلوماتٍ استخبارية مزورة عن برنامج إيران النووي”.

يبدو معسكر ترامب نفسه مفتوحًا أيضًا على أي عمل يُلحق الأذى بإيران. خلال عطلة نهاية الأسبوع، زعمت صحيفة (الغارديان) أن مساعدين مرتبطين بترامب استخدموا مؤخرًا شركة استخبارات إسرائيلية لشن حملة “قذرة” ضد مسؤولي إدارة أوباما الذين شاركوا في التوسط في الاتفاق النووي. وقال مصدرٌ للصحيفة البريطانية: “الفكرة هي أن الناس الذين يتصرفون لصالح ترامب سيضعفون مصداقية أولئك الذين كانوا محوريين في تسويق الاتفاق؛ ما يسهّل الانسحاب منه”. يبقى من غير الواضح ماذا حلّ بالبحث الذي أجرته الشركة.

إن تحركات ترامب ضد الاتفاق الإيراني مدفوعة في الأساس برغبته في الخلاص من إرث أوباما، ويتصرف بما يخدم قاعدته السياسية في الداخل. وعلى الرغم من ذلك، يبدو أن مساعديه استثمروا أيديولوجيًا في إنهاء الاتفاق، حتى ولو نبههم عددٌ من النقاد المحليين، والحلفاء الأوروبيين على إعادة النظر في الأمر. حتى في إسرائيل، فإن العديد من الشخصيات البارزة في المؤسسة الأمنية في البلاد تكلموا دفاعًا عن الاتفاق، مجادلين بأن زواله قد يكون لصالح سلطات طهران.

وقال عاموس جلعاد، الجنرال الإسرائيلي المتقاعد لصحيفة (هآرتس): “إن إعلانًا أميركيًا عن انسحاب البلاد من الاتفاق سيسمح لإيران بدقّ إسفينٍ بين القوى العالمية، وسيخفف تدريجيًا من الرقابة الدولية على برنامجها النووي، وإذا تخلى الأميركيون عن الاتفاق؛ فعليهم أن يستعدوا للبدائل، ولا أرى أن هذا يحدث”.

ميّزت تصريحات جولياني حول تغيير النظام، خلال عطلة نهاية الأسبوع، الخطاب الأكثر حدّةً حتى الآن من قبل أحد مساعدي ترامب عن “بديل” محتمل. وهو ما أثار قلق العديد من الآخرين.

وكتب فيليب جوردون، وهو مسؤول سابق في إدارة أوباما: “آمل أن يجد الشعب الإيراني ذات يوم طريقةً للتخلص من الجمهورية الإسلامية، لكني أشكُّ في قدرة أميركا على تسريع مثل هذا المشروع، من دون عواقب غير مقصودة، وأشعر بالقلق من أن بعض ما قد يقترحه الصقور يمكن أن يجعل الأمور أسوأ. إن الاتفاق النووي الإيراني بعيد كل البعد من أن يكون مثاليًا، كما عبرّتُ أنا وآخرون دائمًا، لكننا نعيش في عالمٍ فوضوي ومعقد، وأحيانًا قد نحصل على نتائج غير ما نتمنى”.

اسم المقالة الأصلي Is regime change in Iran part of Trump’s agenda? الكاتب إسهان ثأرور، Ishaan Tharoor مكان النشر وتاريخه واشنطن بوست، The Washington Post، 7/5 رابط المقالة https://www.washingtonpost.com/news/worldviews/wp/2018/05/07/is-regime-change-in-iran-part-of-trumps-agenda/?noredirect=on&utm_term=.9bff3de75fad عدد الكلمات 906 ترجمة أحمد عيشة


أحمد عيشة


المصدر
جيرون