on
يُضربون ليلاً ونهاراً ويجبرون على العمل الشاق.. مهاجرون محتجزون بليبيا يتحدثون عن معاناتهم
السورية نت - رغداء زيدان
مهاجر إريتري شاب، قرر أن يترك بلاده سعياً وراء الحلم الأوروبي بالنعيم والمستقبل الأفضل. وصل المهاجر الشاب إلى ليبيا، المحطة الأخيرة له قبل أن يركب غمار البحر سعياً وراء حلمه.
ولكن في ليبيا تبددت الأحلام، اعتقل الشاب الإريتري وتعرض للضرب والتعذيب. تم ابتزاز أهله ليرسلوا الأموال لمحتجزيه. هو الآن في مركز احتجاز في مدينة تاجوراء، استطاع بمساعدة من أصدقائه أن ينقل روايته إلى العالم.
اسمي صالح محمود، أنا من إريتريا. درست في جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا. بعد التخرج لم يكن أمامي إلا أن أهاجر لأبحث عن مستقبل أفضل.
الهجرة كانت الطريق الوحيد أمامي لأحقق حلمي. لن أدخل في تفاصيل طريق الهجرة من إريتريا، سأبدأ من اللحظة التي وصلت بها إلى ليبيا، كان ذلك في شهر ديسمبر/كانون الأول 2016.
في أغاديز في النيجر، اتفقت مع مهربين على مبلغ 2500 دولار أمريكي مقابل أن يؤمنوا عبوري الحدود الليبية ومنها إلى البحر.
وصلنا مدينة الكفرة ومنها إلى مدينة الجابية (القريبة من الحدود التونسية). حينها، توقفت القافلة وطلب منا المهربون 3000 دولار إضافية عن كل فرد، وإلا لن يكملوا بنا الرحلة إلى مدينة بني وليد.
أنا لم أملك المال، كنت قد بعت منزلي في إريتريا لأجمع المال للرحلة.
المهربون اتصلوا بأهلي، الذين قاموا بدورهم بأقصى ما يستطيعون ليؤمنوا الأموال ويحافظوا على حياتي.
بعد أن وصلتهم الأموال، أكمل المهربون الرحلة بنا إلى بني وليد.
في بني وليد طالبونا بمبالغ إضافية مع أننا كنا اتفقنا في الجابية على أن الأموال التي دفعناها ستغطي تكاليف باقي رحلتنا. رفض المهربون وقالوا لنا أنه إذا كنا نريد ركوب القوارب علينا أن ندفع مبلغ 2000 دولار أمريكي عن كل فرد.
من لم يستطع الدفع تم احتجازه. أنا كنت من ضمن هؤلاء. كانوا يضربونا ليلاً نهاراً. شهدت على موت العديد من الأشخاص، منهم من كنت أعرفهم.
بعد فترة اتصلت بوالدتي، كان وضعي سيئاً جداً، بكت كثيراً إذ لم يكن بيدها حيلة لمساعدتي، فنحن بعنا كل شيء نملكه حتى يتسنى لي القيام بهذه الرحلة.
المهربون هددوني، إما الدفع أو الموت، وكانوا يضربوني ويشتموني وهم يتكلمون مع أهلي على الهاتف. الضرب والتعذيب لم يتوقف، كانوا يوقظوني من النوم بعد منتصف الليل ويرشوني بالمياه الباردة.
بقينا على هذه الحالة لمدة تقل عن السنة، إلى أن تمكن أهلي في أكتوبر/تشرين الأول 2017 من إرسال الأموال للمهربين. مباشرة وضعوني مع آخرين على متن قارب أبحر بنا باتجاه الشواطئ الأوروبية.
بعد ساعات قليلة لحقت بنا زوارق البحرية الليبية. أجبرونا على الصعود إلى سفنهم وأعادونا إلى ليبيا.
أنا الآن محتجز في سجن تاجوراء. أحد المهاجرين السودانيين معنا تمكن من تهريب هاتف نستخدمه جميعاً لنتواصل مع الخارج.
الملابس التي نلبسها الآن هي نفسها التي كنا نرتديها عندما تم الإمساك بنا في البحر. كل يوم يطعموننا المعكرونة.
القصة لم تنته هنا، كل ما ذكرت تفصيل تنتابني مشاعر الحزن والبكاء. لا أعلم لماذا يعاملوننا بهذه الطريقة.
المهربون يبيعوننا واحداً تلو الآخر لأشخاص آخرين، اختفت أخبار أغلب من نعرفهم ممن تم بيعهم، إلا أننا نعرف أنهم يعملون في السخرة. حتى نحن في مركز الاحتجاز، يخرجوننا يومياً مساء لنعمل في حقول مجاورة، أنا موجود في هذا المركز منذ 5 أشهر وحتى الآن لم يدفعوا لي قرشاً واحداً عن الأعمال الشاقة التي أقوم بها.
مؤخرا أرسل لي أحد الأصدقاء صورة لمجموعة من المهاجرين يفترشون الأرض في منطقة صحراوية تقع بين مدينتي الجابية وبني وليد. وضع هؤلاء المهاجرين سيء للغاية، ومازال الكثير منهم يفدون إلى ليبيا طمعاً بعبور المتوسط نحو أوروبا.
عدة منظمات تأتي لزيارتنا بين الحين والآخر، إلا أنهم لم يدخلوا إلى داخل المركز ولا مرة، يجتمعون بنا لبعض الوقت في الباحة الرئيسية. فعلياً لا يقومون بالكثير لمساعدتنا.
منذ أن تمت إعادتنا من البحر ووضعنا في هذا المركز لم أتصل بأهلي في إريتريا.
بالأمس جلبوا المزيد من المهاجرين إلى المركز، 345 شخصاً تم إنقاذهم في البحر. الاكتظاظ في المركز أصبح لا يحتمل، والموارد الأساسية (ماء وطعام) لا تكفي الجميع.
اقرأ أيضا: مهاتير محمد رجل ماليزيا القوي .. يعود من جديد
المصدر