أسباب تراجع موسكو عن صفقة إس 300 للأسد!



أبرز إنجازات رئيس وزراء “إسرائيل” بنيامين نتنياهو، أنه حقق تراجعًا روسيًا في طريق تزويد النظام السوري بمنظومة صواريخ (إس-300)، خلال زيارته الأخيرة لموسكو. وحسب وصف فلاديمير كوجين، مساعد الرئيس فلاديمير بوتين للشؤون العسكرية، فإن الصواريخ “ليست ضرورية” لدمشق.

سبق زيارة نتنياهو صخب كثير من تصريحات روسية وإسرائيلية، عن صواريخ موسكو التي تباهى الروس في تهديداتهم، بأنها ستكون بيد النظام السوري لدرء الضربات الغربية، ثم تعرضت الصفقة والصواريخ لتهديدات إسرائيلية مباشرة، بأنها ستكون عرضة للتدمير؛ إذا ما نفذت موسكو الصفقة بتزويد النظام منظومة الصواريخ. كان هناك أخذ وردّ بين تل أبيب وموسكو، والنظام السوري، لكن الأمر استقر على أن لا حصة لدمشق من صواريخ موسكو.

إذا راجعنا مجملَ المواقف المتعلقة بصفقة الصواريخ، وصولًا إلى تبني موسكو موقف تل أبيب ومخاوفها؛ فسيتضح أن قيمة النظام ووزنه، بالنسبة إلى موسكو، لا تتعدى الحالة الاستعمالية للحفاظ على مصالحها، وعلى وظيفة النظام في ترتيب وحفظ الأمن الإسرائيلي.

لا يمكن لموسكو أن تزوّد بالصواريخ أي طرفٍ -سواء أكان عربيًا أم غير عربي- موقفه غير واضح بالنسبة إلى “إسرائيل”، وعلى الرغم من أن موقف النظام أكثر من واضح، فإن موسكو أخذت على محمل الجد خشية “إسرائيل” من الدور الإيراني وعصاباتها في سورية، وتراجعت عن تنفيذ الصفقة نزولًا عند رغبة تل أبيب، ويتضح من السجال الذي ساد بُعيد الضربات الغربية للنظام، عن منظومة الصواريخ الروسية، أنه لا يتعدى أكثر من توجيه رسائل اطمئنان لوظيفة النظام في دمشق.

تفسير وتحليل تصريحات مستشار بوتين العسكري، بأن صفقة الصواريخ غير ضرورية لدمشق، يأتي بعد أيام قليلة من تدمير الاحتلال خمسين موقعًا عسكريًا للنظام السوري وقواعد إيران العسكرية. بالمعنى النظري؛ النظام بحاجة إلى منظومة صواريخ تردع العدوان، وبالمعنى الحقيقي الذي يدركه الروس وغيرهم والإسرائيليون؛ حاجة النظام محصورة في القوة المستوردة التي تعينه على تحطيم المجتمع السوري، وتحفظ له كرسي الحكم، مقابل وظائف عدة.

قبل اندلاع الثورة السورية، ومن عمر العلاقة الروسية وقبلها السوفيتية، لم يكن في وارد موسكو أو النظام التزود بسلاح يغيّر المعادلة القائمة: كرسي الحكم مقابل تأمين الهدوء والأمن للاحتلال، وقد صاغ الروس تلك المعادلة منذ زمن بعيد، بالاتفاق مع القوى الدولية الأخرى. منظومة الصواريخ الروسية ليست وليدة السنوات الماضية، فعمرها 30 عامًا، لم يكن في ذهن موسكو تقديم عون للأسدين لمواجهة الاحتلال أو إزالته.

كل السلاح ومخزونه واستخدامه، هو لبقاء النظام ووظيفته، وكل حديث مناقض لذلك من معسكر النظام الذي بشر بعنتريات صواريخ إس 300 و400، بات محل تندر وسخرية، بعد كل جولة عدوان يقوم بها الاحتلال على الأراضي السورية، حتى باتت أرقام غاراته غير محصورة.

أخيرًا، حتى لو أمتلك النظام صواريخ إس 300 أو 800، بالعقلية والمنهج والسلوك، وبتركيبته القائمة؛ فإنه غير مبرمج إلا لمواجهة الشعب السوري، وتلك صنعته التي أتقنها، على مدار خمسة عقود في تعميم الظلم والفساد والقهر، وصولًا إلى الفاشية التي تسمح للمحتل بالتمادي والتهكم.

مع كل الخدمات التي قدّمها النظام لبوتين، ما يزال الاحتلال الإسرائيلي أقرب بالنسبة إلى موسكو، ونتنياهو بالنسبة إلى بوتين في مرتبة أهم وأعلى شأنًا من الأسد الصغير، على ما تكشفه وقائع التاريخ القريب والحاضر الذي يفضح أسباب ميل بوتين لنتنياهو، للإبقاء على وظيفة قاتلٍ جبانٍ في قصر المهاجرين، يُطيل عمر الاحتلال بطغيانه.


جيرون


المصدر
جيرون