على بعد خطوة من الحرب النووية: ضربة للشرق الأوسط



كشفت وزارة الدفاع الروسية تفاصيل الضربة الصاروخية لإسرائيل في سورية

شنت إسرائيل عدة هجمات بالصواريخ والطيران على أهداف عسكرية إيرانية داخل الأراضي السورية. ومن المحتمل أن تقوم طهران بالرد على الهجمات الإسرائيلية؛ الأمر الذي قد يؤدي بدوره إلى صراع واسع النطاق في الشرق الأوسط. كما يقول المعلق العسكري ميخائيل خودارينوك لصحيفة (غازيتا رو).

شنّت طائرات تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي في الصباح الباكر، من يوم 10 أيار/ مايو، سلسلةً من الغارات على مواقع إيرانية تضم تشكيلات “القدس” في سورية، وهي وحدات عسكرية ذات مهام خاصة تابعة لفيلق الحرس الثوري الاسلامي، وهي عبارة عن تشكيل سياسي عسكري خاص بجمهورية إيران الإسلامية. وتشارك هذه التشكيلات بفاعلية بالقتال إلى جانب القوات المسلحة السورية، في الصراع داخل الأراضي السورية.

رد تشكيل “القدس” المتواجد في الجانب السوري من مرتفعات الجولان، بإطلاق نحو 20 صاروخًا على إسرائيل.

شملت الهجمات الصاروخية الإسرائيلية والغارات الجوية مرافق الاستخبارات الإيرانية ونقاط التفتيش، ومراكز المراقبة في المنطقة العازلة، ومراكز القيادة، ومعسكرات الجيش شمال دمشق، ووحدات الدعم اللوجستية، ومستودعات الموارد المادية لتشكيلات “القدس” في مطار دمشق الدولي. إضافة إلى ذلك ضربت القوات الجوية الإسرائيلية منصات إطلاق الصواريخ الإيرانية التي أُطلقت منها الصواريخ (أرض-أرض) باتجاه الأراضي الإسرائيلية.

ووفقًا لمعطيات مركز المراقبة للجيش الروسي، استخدمت إسرائيل 28 طائرة من طراز إف 15 وإف 16، أطلقت 60 صاروخ (جو-أرض)، على مناطق مختلفة في سورية. كما تم إطلاق أكثر من 10 صواريخ تكتيكية (أرض-أرض).

وفي وقت لاحق، صرّحت وزارة الدفاع الروسية بأن إسرائيل قامت بمهاجمة التشكيلات المسلحة الإيرانية، وكذلك مواقع المضادات الجوية للجيش السوري في منطقة دمشق وجنوب سورية. و”في سياق صد الهجوم الإسرائيلي بالدفاع الجوي السوري، تم إسقاط أكثر من نصف الصواريخ”.

صرحت وزارة الدفاع الإسرائيلية بأن قواتها الجوية لم تتكبد خسائر أثناء الهجوم، وعادت جميع طائراتها القتالية إلى المطارات التي غادرتها. كما أن إسرائيل أعلمت روسيا مسبقًا بالضربات الصاروخية والجوية. علمًا أن هناك آلية تنسيق بينهما، في حال وقوع اشتباكات في سورية، منذ عام 2015.

آفاق الصراع أقرب من أي وقت مضى.

ذكرت إسرائيل أن تل أبيب لا تنوي تصعيد الصراع مع إيران، ولكن في طهران الحقيقة غير ذلك، وهي ليست من الرأي نفسه.

من المحتمل أن تستمر الضربات الصاروخية المتبادلة بين الطرفين في المستقبل القريب جدًا، ويمكن للوضع أن يخرج عن نطاق السيطرة، ويؤدي إلى صراع واسع النطاق في الشرق الأوسط، يشمل جميع أنواع السلاح والقوات المسلحة بين الأطراف المتنازعة. وقد قال الأكاديمي والسياسي الروسي ألكسي أرباتوف لصحيفة (غازيتا رو): إن تبادل الضربات بين إيران وإسرائيل يجري على أراضي دولة ثالثة. وهذه ليست المرة الأولى إلا أن تصعيد العمليات العدائية واضح وظاهر للعيان.

وفقًا للسياسي الروسي، “بمقدور إسرائيل أن تضرب إيران بنهاية المطاف، وبخاصة مواقع بنيتها التحتية النووية والتي هي أكثر من عشرين موقعًا. ولكن ليس بمقدور إسرائيل ضرب كامل نظام الدفاع الجوي الإيراني ومرافقه العسكرية. أما بالنسبة إلى المنشآت النووية، فيمكن لإسرائيل أن تضربها، لقلّة عددها.

يحذر الأكاديمي أرباتوف: “في هذه الحالة، سيتم إطلاق العنان للحرب الكبرى الرابعة، في منطقة الشرق الأوسط التي ستخلق وضعًا جديدًا في المنطقة، وقد حذرت منه مرارًا من قبل”.

فإذا اندمجت كافة أطراف الصراع في كل واحد، سورية وإيران واليمن ولبنان وبالطبع إسرائيل؛ فسيظهر حتمًا وضع جديد لم يسبق له مثيل في منطقة الشرق الأوسط، من شأنه أن يغرق المنطقة بأكملها بحرب قد يُستخدم فيها السلاح النووي والصناعة النووية.

يرى أرباتوف أن الوضع سيزداد سوءًا وصعوبة، “نظرًا إلى وجود موسكو العسكري في هذه المنطقة”، كما يرى أن “وجود علاقة وثيقة بين روسيا وبعض المتحاربين قد يؤدي إلى اشتباك مباشر لروسيا مع الولايات المتحدة الأميركية، وهو الأمر الذي تمّ تجنبه مرتين بالفعل حتى الآن، ولكنه ينمو بشكل كبير”.

الولايات المتحدة الأميركية وراء التصادم الإسرائيلي الإيراني

إن الوضع السياسي والعسكري في الشرق الأوسط سيتضرر كثيرًا؛ من جراء انسحاب أميركا من الخطة الشاملة للعمل المشترك لضمان الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني. في هذه الحالة ستستأنف طهران -بلا شك- برنامجها النووي العسكري (وهنا سؤال: هل توقفت فعلًا إيران، من حيث المبدأ، عن تصنيع السلاح النووي؟ لا جواب بعد).

ولذلك من غير المستبعد أن يتم تبادل في الضربات النووية في المستقبل القريب بين إسرائيل وطهران، وهذا الاحتمال لم يتم التخلص منه إطلاقًا. فالوسائط الضرورية موجودة لدى طهران (الصواريخ التكتيكية والتكتيكية العملياتية أرض أرض)، ومن الناحية الفنية لا تجد صعوبة في تزويد وحداتها القتالية بذلك. وما يحفز طهران على امتلاك السلاح النووي الخاص بها هو امتلاك إسرائيل لهذا السلاح.

يظهر سؤال يطرح نفسه: مَن المسؤول ومن ساهم في تطور الأحداث في هذا الوقت بالذات؟ الجواب واضح: الولايات المتحدة الأميركية وأقرب حلفائها. هذه الدول هي من قامت مؤخرًا بأكبر قدر ممكن من الانتهاكات المحتملة لمعاهدة عدم انتشار السلاح النووي وانتشار أسلحة الدمار الشامل في جميع أنحاء العالم.

إن الهزيمة التاريخية الأخيرة للعراق وليبيا، وإعدام زعيمي هاتين الدولتين، قد أقنعت قادة العديد من دول في الشرق الأوسط، وكذلك الدول في آسيا والشرق الأقصى، بأن السبيل الوحيد الممكن للحفاظ على سيادة الدولة والأمن القومي هو امتلاك أسلحة الدمار الشامل.

تتفوّق الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها على أي أعداء محتملين (أو حتى عبر تحالفاتهم) من خلال الأسلحة التقليدية، وليس هناك فرصة للدول الصغيرة بقدراتها العسكرية في الوقوف بوجه واشنطن، في حالة النزاع.

إن سلاح الجو للبنتاغون وحده قادر على هزيمة القوات المسلحة لأي دولة، في أقل من أسبوعين، دون أدنى فرصة للنجاح من قبل الأخيرة.

أخيرًا، من أكثر الأمثلة إقناعًا بهذا الصدد كوريا الشمالية وزعيمها كيم جونغ أون. فقد أظهر بوضوح أن امتلاك الأسلحة النووية وتصميمه على استخدامها هو أكثر الطرق فاعلية للحفاظ على سيادة الدولة والاستقلال الوطني. ولذلك وافقت الولايات المتحدة على المفاوضات، ولا تريد التورط في نزاع مسلح مع عواقب غير واضحة بالنسبة إليهم.

إن مثال كوريا بالنسبة إلى إيران -بلا أدنى شك- هو الأكثر إقناعًا لقادة إيران، وبخاصة أن واشنطن قد هددت مرارًا وتكرارًا بالقصف والحرب على طهران حتى النهاية.

في حال استخدام أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط؛ ستكون عواقبه وخيمة جدًا على القوات الروسية المحدودة والمتمركزة في سورية. حتى لو كانت هذه القوات ليست من طرفي النزاع، فإن موظفي التجمع الروسي سيتعرضون للعوامل المدمرة من جراء استخدام أسلحة الدمار الشامل.

ولذلك فإن المهمة الملحة لجميع الجهات المؤثرة في هذه المنطقة هي منع حدوث تصعيد محتمل للنزاع المسلح بين إسرائيل وإيران، والعودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة لضمان الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني.

بحدوث غير ذلك؛ يمكن أن تأخذ التطورات في الشرق الأوسط طابعًا لا يمكن السيطرة عليه مطلقًا.

العنوان الأصلي В шаге от ядерной войны: удар по Ближнему Востоку الكاتب ميخائيل خودارينوك المصدر صحيفة “غازيتا رو ” 10/5/2018 الرابط https://www.gazeta.ru/army/2018/05/10/11746237.shtml المترجم هادي الدمشقي


هادي الدمشقي


المصدر
جيرون