دليل (داعش) الأساسي الذي لوى الإسلام لإضفاء الشرعية على البربرية



الخبراء يدحضون التبرير الديني للإرهابيين عن قطع الرأس والاختطاف

موكب مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في شوارع محافظة الرقة شمال سورية عام 2014. تصوير: رويترز

الدليل الجهادي وراء الوحشية الذي ترتكز عليه الدولة الإسلامية، الذي تم الكشف عنه لأولّ مرةٍ في تحليلٍ جديد لنصٍ من 579 صفحة، كتبه أبو عبد الله المهاجر، أيديولوجي (داعش).

تحاول النصوص إضفاء الشرعية على الأعمال البربرية للجماعة الجهادية، بما في ذلك تشويه الجثث، والاتجار بالأعضاء البشرية، وقطع الرؤوس، وقتل الأطفال إلى جانب “عمليات الأرض المحروقة”، والهجمات الإرهابية العالمية.

بعد عامين من دراسة الوثيقة وترجمتها وتدوينها؛ أكمل الخبراء في كويليام Quilliam، الجماعة المناهضة للمتطرفين، تقييمًا دقيقًا لنصوص الكتاب الأساسي للمتطرفين، إلى جانب دحضٍ لاهوتي قوي لتفسيره “الملتوي” للتعاليم الإسلامية. النصوص المستخدمة من (داعش) وأنصارها للتأكيد على مجموعة كبيرة من أعمال الرعب، “كتاب الجهاديين المقدس”، أو “مرجعهم”، تقدّم الإطار النظري والقانوني للجماعة الإرهابية العنيفة.

يقول التقرير: “هناك افتقار مذهل إلى الدراسة والاهتمام في ما يتعلق بهذا النص البغيض والخطير، في جميع الدراسات الغربية والعربية تقريبًا، نأمل في أن نكشف ونفككّ هذا النص البسيط، والخبيث والبارع بعمق”.

يُعرف الكتاب باسم فقه الدماء (Fiqh al-Dima)، وهو النص السلفي الجهادي المفتاحي. يحاول تبرير استخدام أسلحة الدمار الشامل، وارتكاب الإبادة الجماعية، وقتل غير المقاتلين، وأخذ الرقيق الجنسي، والرهائن.

تمكن باحثون من كويليام Quilliam من الحصول على نسخة من الدليل على الإنترنت في عام 2015، بعد أن وجد الباحثون أن (فقه الدماء) يُستخدم لتعليم المجندين الجدد في خلافة (داعش) في سورية. في ذلك الوقت، شملت ما تُسمى “خلافة الدولة الإسلامية” مساحات شاسعة من سورية والعراق، ووصل عدد سكانها إلى ثمانية ملايين نسمة. منذ ذلك الحين خسرت المجموعة 98 في المئة من الأراضي في البلدين، وهي الآن محصورةٌ إلى حدٍّ بعيد في شريط من الصحراء الممتدة على الحدود السورية العراقية.

يقدم الدليل إرشادات الجماعة حول “التراجع العسكري”، مع فصلٍ مُخصص لـ “القتال حتى الموت ضد الاستسلام”، والذي يقول إنه ينبغي على الجهاديين اختيار الموت بدلًا من تسليم أنفسهم للعدو.

إلا أن الشيخ صلاح الأنصاري، أحد كبار الباحثين في كويليام Quilliam الذي ترجم الدليل من اللغة العربية، وكتب الدحض، قال إنه لا يوجد أي شرط ديني “للقتال حتى الموت”، وأن التقاليد الإسلامية للحرب شجعّت على المعاملة الإنسانية لأسرى الحرب. وقال الأنصاري: “إن عملنا يفشل/ يكشف زيف/ يسخر بشكل شامل، ويرفض حجج (داعش) الإسلامية الأولية، يظهر جهلهم وتجاهلهم للمعرفة الإسلامية التقليدية، وكذلك القيم الإسلامية والإنسانية الأساسية بما يتعلق بالرحمة والشفقة”.

وتشمل عناوين الفصول العشرين للنص “قطع الرؤوس وضرب العنق والتشويه”، و”خطف الكفار الخونة”، و”كيف تقتل الجواسيس”.

ويكتب مهاجر، كاتب (داعش)، في فصل آخر بعنوان “القتل العشوائي للمقاتلين الكفار”، يبدأ برسالةٍ تحريضية تدعو لضرورة استخدام القوة ضد الكفار: “اقتلهم، وحاربهم بكل الوسائل التي قد تنتزع أرواحهم، وتخرجها من أجسادهم، وتنظف الأرض من رجسهم، وتخلص البشرية من وبائهم بأي وسيلة كانت”. يوثق فصلٌ آخر محاولات تبرير استخدام أسلحة الدمار الشامل. “إن الهدف الأساس الذي نقاتل من أجله -بكل ما أوتينا من قوة- هو الحصول على هذه الأسلحة، أسلحة الدمار الشامل، لأنه لا مفرّ من الالتزام بالقتال ضد هؤلاء المنحرفين عن الإيمان، وإنهاء عدوان هذا الرجس الكريه ضد الإسلام وشعوبه”.

كل موقف يقدمه، نقضه جماعة كويليام بشكل لاهوتي باستخدام القرآن، والتعاليم الإسلامية، بالرجوع إلى الأعمال التي تحظرها أخلاقيات الحرب الإسلامية، والأخلاق الإسلامية. قال الأنصاري: “يُقدّم هذا النص تفاصيل معقدة عن استخدام الجهاد في مجادلته السنيّة التقليدية، ويسيء استخدام هذه الميزات لتوفير غطاء شرعي إسلامي للعمليات الإرهابية”.

من بين عناصره الرئيسة التمييز بين “أرض الإسلام” و”أراضي الكفر”، والفكرة القائلة بجواز محاربة الجهاديين للكفار.

يقول تقرير كويليام: “إن هذا البناء الثنائي بأكمله هو اختراع متأخر للاهوتيين مسلمين عفا عليه الزمن الآن، وبالتالي فإن تبرير التكفير والهجمات العسكرية ضد المدنيين على هذا الأساس أمرٌ سخيف تمامًا”، ومع ذلك، قال الأنصاري إن التاريخ أثبت أن البعض قد تأثر بالنص، حتى الفصلين 11 و12، اللذين يحاولان فرض عقوبة إسلامية على تشويه الأجساد، وبتر أجزاء الجسم، وقطع العنق.

قال الأنصاري: “إن قارئًا حساسًا وسريع التأثر، ولا يمتلك أي معرفة سابقة عن الفقه الإسلامي، يمكن بسهولة أن يغريه هذا الكتاب؛ لأنه مكتوبٌ بطريقة تعطي انطباعًا بأن له قيمة دينية. في حين أن النص يستند إلى قراءات تقليدية إلى حدٍّ ما، إلا أنه لا يتأمل أو يعكس تعقيدات الأحكام الإسلامية المتنوعة والتعددية”.

إن تفسير الجهاديين للجهاد -وهو النص الذي استخدمه تنظيم القاعدة وجماعة بوكو حرام الإسلامية المتشددة في نيجيريا لتبرير وارتكاب الفظائع- لا بدّ أنه أصبح تعاليم أساسية لمسلمي (داعش) من المسلمين الأوروبيين الذين سافروا إلى الخلافة، والبالغ عددهم ستة آلاف، نحو 850 منهم بريطانيون.

ختم الأنصاري: “لا بد من أنهم عُرّفوا بهذا الكتاب، إنه كتابهم المقدس، نصهم الأكثر أهمية”.

اسم المقالة الأصلي The core Isis manual that twisted Islam to legitimise barbarity الكاتب مارك تاونسند، Mark Townsend مكان النشر وتاريخه الغارديان، The guardian، 13/5 رابط المقالة https://www.theguardian.com/world/2018/may/12/isis-jihadist-manual-analysed-rebutted-by-islamic-scholar عدد الكلمات 730 ترجمة أحمد عيشة


أحمد عيشة


المصدر
جيرون