القسم “الأميركي” من سورية: هل سيشكل المسلحون خلافة جديدة



هل سيتمكن الإرهابيون من إحياء داعش؟

بقلم: ميخائيل خودارينوك

إن تغاضي الولايات المتحدة الأميركية قد يؤدي إلى مخاطر جدية، في إحياء “الدولة الإسلامية” على الضفة اليسرى لنهر الفرات في سورية، فقد قالت ممثلة وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إنها تعتقد أنّ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عن الانسحاب السريع من سورية، قد يؤدّي إلى مخاطر جدية، تتمثل بانتعاش (داعش) في المنطقة، وظهورها من جديد. قامت صحيفة (غازيتا رو) بتحليل الوضع بالمنطقة.

أدلت ماريا زاخاروفا لوكالة (ريا نوفوستي) ما جاء في بيان الخارجية الروسية: “لفت انتباهنا صمت الإدارة الأميركية على عدة آلاف من المسلحين الإرهابيين الذين تم احتجازهم من قبل التحالف والأكراد وقوات سورية الديمقراطية”. ووفقًا لها فإنها ترى أن من غير المقنع استحالة التنسيق مع البلدان التي يخرج منها مسلحو “الدولة الإسلامية”، من حيث الإجراءات اللازمة ومعايير المساعدة القانونية.

قالت زاخاروفا: “يبدو أن الفراغ القانوني يتمّ خلقه عمدًا، وهو مصمم لإخفاء الغرض الحقيقي، وهو عدم تحميل المسلحين المسؤولية”. وأكدت أن الحديث يدور حول ثلاثة آلاف مسلح من أوروبا والدول العربية ورابطة الدول المستقلة. و “أن التدابير الوقائية تقتصر على تقييد حريتهم بالحركة وحسب، وفي الوقت نفسه يتم يوميًا تقديم ثلاث وجبات من الطعام لهم، إضافة إلى الخدمات الطبية من أجل الحفاظ على صحتهم وعلى لياقتهم البدنية”.

قديم كقدم العالم

“الخلافة ليست فكرة جديدة، وهي موجودة منذ فترة طويلة، وهي هاجس الإسلاميين من مختلف المشارب”. وبرأي الباحث في معهد الدراسات الشرقية فلاديمير ساجين، فإن الأصوليين يحلمون ببناء دولة إسلامية عظيمة، تبدأ أراضيها من الهند وتنتهي في المغرب شمال أفريقيا. وهذا المشروع لم يتحقق منه شيء في النهاية.

يؤكد فلاديمير ساجين أن هذه “الدولة الإسلامية” أصبحت الآن مهزومة وشبه معدومة. ومع ذلك بقي بعض مؤيدي إقامة الخلافة. ولم يتم القضاء عليهم جميعًا جسديًا، ففروا إلى أماكن مختلفة، وقسم منهم انتقل إلى أفغانستان لزعزعة استقرار الوضع في ذلك البلد الذي لا يخلو من المخاطر”.

برأي المستشرق الروسي البارز، إن الموضوع يتعلق بأماكن محددة، حيث يمكن إنشاء جيوب إسلامية في بعض الدول الإسلامية التي لديها أصوليون منذ بضع سنوات، أما تشكيل دولة إسلامية، فيكاد يكون ضربًا من المستحيل.

اليوم، تتمركز في المنطقة قوى دول مختلفة، لديهم أفكار مختلفة وأهداف مختلفة، ولكن جميعهم تقريبًا يعارض إحياء “الدولة الإسلامية”، في أي شكل من أشكالها.

وأضاف المستشرق: “لن يسمح أحد، لا الأكراد ولا السوريون ولا العراقيون ولا الأميركيون ولا الأتراك ولا نحن ولا السعوديون، بإقامة مثل هذه الدولة أو ما يشبه هذه الدولة بحدها الأدنى. وتابع: كان هناك الكثير من مؤيدي الخلافة الإسلامية العظيمة في آن واحد. ومع ذلك، أعتبر أن فرصة إحياء الخلافة حتى في حدودها الدنيا صفر، وأكرر مرة أخرى. وأشدد على احتمال إمكانية وجود جيوب صغيرة، ولكن ليس كما كانت موجودة لدى الأصوليين منذ عدة سنوات.

من غير المرجح في الوقت الحاضر إعادة تأسيس الخلافة، بهذا الشكل أو بغيره، على جزء من أراضي سورية أو العراق. وتشارك ساجين الرأيَ مستشارةُ ومديرة المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية: يلينا سوبونينا.

ترى سوبينينا اليوم أنه ما تزال هناك مظاهر نشطة للجماعات الإرهابية، وبخاصة في الشمال السوري، وإلى الشرق من نهر الفرات. وهذه المناطق لا تخضع لسيطرة الحكومة السورية.

وقد نجد مجموعات مبعثرة من خلايا “الدولة الإسلامية” الميتة، وعدد من جماعات “تنظيم القاعدة” تشن هجمات مباغتة. وعلى مقربة منهم بعض الجماعات الأصولية كجبهة النصرة وجيش الإسلام.

تضيف سوبينينا: ليس باستطاعتي القول إن هذه المجموعات قادرة أو بإمكانها إقامة الخلافة على جزء من الأراضي السورية. ووفقًا لمحدثنا ساجين، فإن إعادة بناء دولة إسلامية -كهدف للجماعات الإرهابية- هي مهمة برنامجية، فمثل هذه الأهداف تضعها الجماعات الأصولية الإسلامية، وتختبأ وراء الشعارات الدينية. وترتبط بتقدير سوبونينا من جانب بالنيّات، ومن جانب آخر بالإمكانات الفعلية.

الإرهابيون في سورية مبعثرون، وعانوا من خسائر فادحة بالقوات والسلاح، وفي المقام الأول من جراء ضربات سلاح الجو الروسي، وعلاوة على ذلك يعانون من توترات وتناقضات خطيرة فيما بينهم لدرجة الاقتتال. وتوقف عمليًا تدفق السلاح اللازم والمقاتلين المتطوعين، ففي شرق الفرات هناك أعداء لا يمكن التوفيق بينهم. فالتشكيلات الكردية العاملة في شرق الفرات تعتبر تشكيلات داعش عدوًا لا يهادن. ولن تسمح لها بإعادة انتشار الجيوب الإسلامية على الأراضي الخاضعة لسيطرتها. أما أميركا، فسياستها الراهنة تؤدي إلى تمزيق الدولة السورية الواحدة، بما في ذلك انفصال المناطق الشرقية والشمالية الشرقية عن دمشق الرسمية، ولذلك -برأي سوبونينا- علينا أن نتحدث عن خطر تمزيق وتقطيع أوصال سورية، عوضًا عن الحديث عن إحياء الدولة الإسلامية، بهذا الشكل أو بآخر.

عنوان المادة الأصلي «Американская» часть Сирии: создадут ли боевики новый халифат الكاتب المصدر المصدر: صحيفة غازيتا رو 16/5/2018 الرابط https://www.gazeta.ru/army/2018/05/16/11753149.shtml

المترجم هادي الدمشقي


هادي الدمشقي


المصدر
جيرون