النساء اللاجئات بين العوائق ودعم القانون!


محمد

جندرشهاداتمقالات بارزة النساء اللاجئات بين العوائق ودعم القانون!

لم تكن الحرب وحدها سبباً في هروب النساء من أوطانهنّ، إنّما هربن أيضاً من العنف الأسري والاجتماعي، من العنف الجنسي أوالزواج القسري وزواج القاصر. لكلٍّ منهنّ أحلامها الشخصية والخاصة، ولكن أغلبهن أجمعن على الرغبة في كرامة العيش والحرية.

19 مايو 2018

(لوحة للفنان تمام عزام، مأخوذة من الصفحة الشخصية للفنان على الفيسبوك، وتنشر بموجب الاستخدام العادل والحقوق محفوظة للفنان) كفاح علي ديب

فنانة تشكيلية وكاتبة من مواليد 1982. تقيم حاليا في برلين. حازت على جائزة الشارقة للإبداع العربي (أدب الطفل) عن مجموعتها "نزهة السلحفاة (2012)، تكتب وتنشر في عدد من الصحف العربية والألمانية. تعمل مديرة تحرير موقع (handbookgermany)، وسبق لها أن نشطت في صفوف هيئة التنسيق الوطنية للتغيير الديمقراطي واعتقلت عدة مرات بسبب نشاطها السياسي.

(ينشر هذا المقال بالتعاون مع شبكة الصحفيات السوريات، ضمن مشروع إنتاج محتوى نسوي سوري)

كثيراً ما انتهى الطريق إلى أوروبا بسالكيه إلى الموت! لكن من يأبه! طالما أن الناجين والناجيات من الموت ستطأ أقدامهم/ن أرض أوروبا، وسينعمون وينعمن برفاه العيش في بلدان أقل ما يمكن أن توصف الحياة فيها بـ "الحرة والديمقراطية والكريمة".

في أواخر عام 2015 وصلتُ إلى ألمانيا، لاجئة. لاجئة، أبتغي ديمقراطيتها، حريتها، وكرامة الإنسان فيها. وكمثيلاتي من اللاجئات/ين كان عليّ أن أمكث لفترة في مركز استقبال أوّلي (هايم). هناك، تعرفت على كثير من اللاجئين واللاجئات.

شابات في مقتبل العمر هربن حاملات أحلامهن وطموحاتهن بالتحصيل العلمي والتحرّر. زوجات وأمّهات تركن أزواجهن وراءهن، ريثما يحصلن على حق اللجوء، فيلتمّ شمل العائلة من جديد. زوجات معتقلين ومغيبين قسراً ومخطوفين عند مختلف أطراف الصراع في سورية، لذن بالفرار وجئن إلى ألمانيا على أمل أن تُسمع أصواتهن المطالبة بكشف مصير أبنائهن وأزواجهن في المجتمع الدولي، أرامل حملن خيباتهن، ومن نجا من أطفالهن وعبرن البحر، آملات بمستقبل مشرق لأبنائهن وبناتهن.

لم تكن الحرب وحدها سبباً في هروب النساء من أوطانهنّ، إنّما هربن أيضاً من العنف الأسري والاجتماعي، من العنف الجنسي أوالزواج القسري وزواج القاصر. لكلٍّ منهنّ أحلامها الشخصية والخاصة، ولكن أغلبهن أجمعن على الرغبة في كرامة العيش والحرية.

بعد أشهر عدّة، حصلتُ على حقّ الإقامة، وبدأت خطواتي الأولى في الاستقرار، ابتداء من إيجاد سكن وليس انتهاء بالعمل الوظيفي. في تلك المرحلة تعرفت، وما أزال، على مزيد من اللاجئات، بعضهن كن قد وصلن إلى ألمانيا عبر طرق التهريب ذاتها، وقد باتت معروفة، والأخريات وصلن عن طريق إجراءات لمّ الشمل، جميعهنّ كنّ يهجسن بمسألة كرامة العيش والحرية، بالدرجة الأولى، فهل تحقّقت لتلك النساء كرامة العيش والحرية؟

عبر تجربتي الشخصية، أستطيع القول إنّ الدول الأوروبية بشكل عام، وألمانيا بشكل خاص، تضمن مساحة واسعة من الحرية مدعومة بالقانون، ما يتيح للنساء الراغبات بالبحث عن مستقبلهن التعليمي والمهني والاجتماعي، مساحة واسعة للعمل والطموح، بعيداً عن التابوات التي نشأن عليها في مجتمعات المنطقة العربية. وقد عرفنا، وسمعنا بنجاحات حققتها نساء عديدات في مجالات مختلفة علمية ومهنية، ربما لم يكن بعضها متاحاً لهنّ في بلدانهن.

بالمقابل، لا تزال كثيرات من النساء تخضعن للسلطة الذكورية، ولقوانين اجتماعية، حملها اللاجئون الذكور معهم وباتوا أكثر تعصباً لها، في بعض الحالات، وبالتالي باتت النساء أكثر عرضة لمختلف أنواع العنف، في مراكز الاستقبال الأوليّة، حيث يعيش اللاجئون مع عائلاتهم في جو تنعدم فيه الخصوصيّة، ويتعرضون فيه لمختلف أنواع الضغط النفسي والاقتصادي والاجتماعي. وخارج مراكز اللجوء في مجتمعات ضيّقة تكوّنت على هامش المجتمع الألماني، فبقيت منغلقة على نفسها.

 أكثر ما يمكن أن يساند النساء لنيل حريتهن المستحقة هو معرفتهن لحقوقهن ودفاعهن عنها بالقانون الذي يحمي الجميع

   ورغم قناعة بعضهن ورغبتهن في الاستقلال والاعتماد على النفس، وبالتالي الخلاص من كل ما يتعرضن له من عنف السيطرة الذكورية، إلا أن ثمناً كبيراً عليهنّ دفعه، من الجدّ والعمل الدؤوب لنيل كرامة عيشهن وحريّتهن المنشودتين، خاصة، بوجود عوائق عديدة أمامهنّ، مثل تعلّم اللغة وإيجاد عمل وسكن مستقل.

وفي كثير من الحالات يصبح الصمت ملاذ النساء الوحيد! فهن يخشين من الحكم الأخلاقي الذي سيطلق عليهن في هذه المجتمعات المغلقة، ومن فقدان الحماية المتمثلة بالزوج، الأب، أو الأخ، لتبدو الصورة في النهاية لا تختلف كثيراً عن تلك المألوفة في بلداننا العربية.

لذلك فإن أكثر ما يمكن أن يساند النساء لنيل حريتهن المستحقة هو معرفتهن لحقوقهن ودفاعهن عنها بالقانون الذي يحمي الجميع، فكيف يدعم القانون الألماني النساء في ألمانيا؟

وفقا لدراسة استقصائية، فإن امرأة من بين أربع نساء في ألمانيا تعرضت للعنف المنزلي مرة واحدة على الأقل في حياتها.

ووفقاً لإعلان الأمم المتحدة الخاص بالقضاء على العنف ضد المرأة، يشمل العنف ضد المرأة أي إجراء يتسبب في أذى أو ضرر جسدي أو جنسي أو نفسي على امرأة لمجرد جنسها. وينطبق الأمر ذاته على خطر أعمال العنف والإكراه والحرمان التعسفي من الحرية، أي حبس امرأة في مكان خاص (بما في ذلك منزل الزوجية) أو عام ضد إرادتها.

لذلك اتخذت ألمانيا إجراءات عديدة لحماية النساء، وفي عام 2002 صدر قانون الحماية من العنف. بموجب هذا القانون يمكن للشرطة اتخاذ إجراءات فورية لحماية النساء المتضررات، حتى قبل صدور حكم قضائي. كإجبار الزوج أو الجاني أياً كان على مغادرة المنزل، وكتابة تعهد بعدم التعرض للضحية أو الاقتراب منها أو التحدّث إليها.

يعدّ القانون الألماني أن أيّ زواج مدني أو ديني، أحد الشريكين فيه هو دون سن 18 عاماً (زواج للأطفال) غير قانوني. ووفقا للإحصاءات ، يوجد حالياً 1475 حالة زواج أطفال في ألمانيا. في (1152) من الحالات، يكون الزوج القاصر من الإناث، لذا فإن الفتيات الصغيرات بشكل أساسي هن ضحايا زواج الأطفال.

كما أن القانون الألماني يعدّ المضايقات الجنسية أو الإكراه على الجنس، حتى بين الزوجين، والذي يشير إلى "الأفعال الجنسية المرتكبة عن طريق العنف أو التهديد بالعنف وضد إرادة الضحية" أو الاغتصاب من بين الجرائم الجنائية، والأفعال التي تصنف كتحرش جنسي هي: التعرض للمس ضد الإرادة، التعرض للتحديق، سوء المعاملة لفظياً، الإجبار على الجِماع، الإجبار على مشاهدة الآخرين يمارسون الجنس، إهانة بسبب نوع الجنس، إطلاق صفات أو أسماء غير لائقة وبذيئة.

ويمكن أن يحدث التحرش الجنسي في الأماكن العامّة، في المنزل أو العمل، من قبل شخص غريب أو قريب أو صديق أو زميل أو رئيس...

إضافة إلى ما سبق فإن القانون الألماني واضح ودقيق في دعم حصة المرأة في التمثيل السياسي والأعمال، ويسعى للمساواة بالأجر وحظر العمل دون أجر، ويعطي المرأة حق الإجهاض، ويحظر ختان الإناث، والبغاء والاتجار بالنساء، وغير ذلك.

وفي هذه الحالات كلّها يمكن للضحايا تقديم شكوى مباشرة إلى الشرطة، أو الاتصال بمراكز الإرشاد التي توفّرها الدولة، وبذلك ستحصل هذه الضحايا على الحماية والدعم والخصوصية. 

شارك المقالة مقالات متعلقة الوسوم: العنف اللجوء السوري المرأة السورية .rtl .entry-content{ text-align: justify; }

(ينشر هذا المقال بالتعاون مع شبكة الصحفيات السوريات، ضمن مشروع إنتاج محتوى نسوي سوري)

كثيراً ما انتهى الطريق إلى أوروبا بسالكيه إلى الموت! لكن من يأبه! طالما أن الناجين والناجيات من الموت ستطأ أقدامهم/ن أرض أوروبا، وسينعمون وينعمن برفاه العيش في بلدان أقل ما يمكن أن توصف الحياة فيها بـ "الحرة والديمقراطية والكريمة".

في أواخر عام 2015 وصلتُ إلى ألمانيا، لاجئة. لاجئة، أبتغي ديمقراطيتها، حريتها، وكرامة الإنسان فيها. وكمثيلاتي من اللاجئات/ين كان عليّ أن أمكث لفترة في مركز استقبال أوّلي (هايم). هناك، تعرفت على كثير من اللاجئين واللاجئات.

شابات في مقتبل العمر هربن حاملات أحلامهن وطموحاتهن بالتحصيل العلمي والتحرّر. زوجات وأمّهات تركن أزواجهن وراءهن، ريثما يحصلن على حق اللجوء، فيلتمّ شمل العائلة من جديد. زوجات معتقلين ومغيبين قسراً ومخطوفين عند مختلف أطراف الصراع في سورية، لذن بالفرار وجئن إلى ألمانيا على أمل أن تُسمع أصواتهن المطالبة بكشف مصير أبنائهن وأزواجهن في المجتمع الدولي، أرامل حملن خيباتهن، ومن نجا من أطفالهن وعبرن البحر، آملات بمستقبل مشرق لأبنائهن وبناتهن.

لم تكن الحرب وحدها سبباً في هروب النساء من أوطانهنّ، إنّما هربن أيضاً من العنف الأسري والاجتماعي، من العنف الجنسي أوالزواج القسري وزواج القاصر. لكلٍّ منهنّ أحلامها الشخصية والخاصة، ولكن أغلبهن أجمعن على الرغبة في كرامة العيش والحرية.

بعد أشهر عدّة، حصلتُ على حقّ الإقامة، وبدأت خطواتي الأولى في الاستقرار، ابتداء من إيجاد سكن وليس انتهاء بالعمل الوظيفي. في تلك المرحلة تعرفت، وما أزال، على مزيد من اللاجئات، بعضهن كن قد وصلن إلى ألمانيا عبر طرق التهريب ذاتها، وقد باتت معروفة، والأخريات وصلن عن طريق إجراءات لمّ الشمل، جميعهنّ كنّ يهجسن بمسألة كرامة العيش والحرية، بالدرجة الأولى، فهل تحقّقت لتلك النساء كرامة العيش والحرية؟

عبر تجربتي الشخصية، أستطيع القول إنّ الدول الأوروبية بشكل عام، وألمانيا بشكل خاص، تضمن مساحة واسعة من الحرية مدعومة بالقانون، ما يتيح للنساء الراغبات بالبحث عن مستقبلهن التعليمي والمهني والاجتماعي، مساحة واسعة للعمل والطموح، بعيداً عن التابوات التي نشأن عليها في مجتمعات المنطقة العربية. وقد عرفنا، وسمعنا بنجاحات حققتها نساء عديدات في مجالات مختلفة علمية ومهنية، ربما لم يكن بعضها متاحاً لهنّ في بلدانهن.

بالمقابل، لا تزال كثيرات من النساء تخضعن للسلطة الذكورية، ولقوانين اجتماعية، حملها اللاجئون الذكور معهم وباتوا أكثر تعصباً لها، في بعض الحالات، وبالتالي باتت النساء أكثر عرضة لمختلف أنواع العنف، في مراكز الاستقبال الأوليّة، حيث يعيش اللاجئون مع عائلاتهم في جو تنعدم فيه الخصوصيّة، ويتعرضون فيه لمختلف أنواع الضغط النفسي والاقتصادي والاجتماعي. وخارج مراكز اللجوء في مجتمعات ضيّقة تكوّنت على هامش المجتمع الألماني، فبقيت منغلقة على نفسها.

 أكثر ما يمكن أن يساند النساء لنيل حريتهن المستحقة هو معرفتهن لحقوقهن ودفاعهن عنها بالقانون الذي يحمي الجميع

   ورغم قناعة بعضهن ورغبتهن في الاستقلال والاعتماد على النفس، وبالتالي الخلاص من كل ما يتعرضن له من عنف السيطرة الذكورية، إلا أن ثمناً كبيراً عليهنّ دفعه، من الجدّ والعمل الدؤوب لنيل كرامة عيشهن وحريّتهن المنشودتين، خاصة، بوجود عوائق عديدة أمامهنّ، مثل تعلّم اللغة وإيجاد عمل وسكن مستقل.

وفي كثير من الحالات يصبح الصمت ملاذ النساء الوحيد! فهن يخشين من الحكم الأخلاقي الذي سيطلق عليهن في هذه المجتمعات المغلقة، ومن فقدان الحماية المتمثلة بالزوج، الأب، أو الأخ، لتبدو الصورة في النهاية لا تختلف كثيراً عن تلك المألوفة في بلداننا العربية.

لذلك فإن أكثر ما يمكن أن يساند النساء لنيل حريتهن المستحقة هو معرفتهن لحقوقهن ودفاعهن عنها بالقانون الذي يحمي الجميع، فكيف يدعم القانون الألماني النساء في ألمانيا؟

وفقا لدراسة استقصائية، فإن امرأة من بين أربع نساء في ألمانيا تعرضت للعنف المنزلي مرة واحدة على الأقل في حياتها.

ووفقاً لإعلان الأمم المتحدة الخاص بالقضاء على العنف ضد المرأة، يشمل العنف ضد المرأة أي إجراء يتسبب في أذى أو ضرر جسدي أو جنسي أو نفسي على امرأة لمجرد جنسها. وينطبق الأمر ذاته على خطر أعمال العنف والإكراه والحرمان التعسفي من الحرية، أي حبس امرأة في مكان خاص (بما في ذلك منزل الزوجية) أو عام ضد إرادتها.

لذلك اتخذت ألمانيا إجراءات عديدة لحماية النساء، وفي عام 2002 صدر قانون الحماية من العنف. بموجب هذا القانون يمكن للشرطة اتخاذ إجراءات فورية لحماية النساء المتضررات، حتى قبل صدور حكم قضائي. كإجبار الزوج أو الجاني أياً كان على مغادرة المنزل، وكتابة تعهد بعدم التعرض للضحية أو الاقتراب منها أو التحدّث إليها.

يعدّ القانون الألماني أن أيّ زواج مدني أو ديني، أحد الشريكين فيه هو دون سن 18 عاماً (زواج للأطفال) غير قانوني. ووفقا للإحصاءات ، يوجد حالياً 1475 حالة زواج أطفال في ألمانيا. في (1152) من الحالات، يكون الزوج القاصر من الإناث، لذا فإن الفتيات الصغيرات بشكل أساسي هن ضحايا زواج الأطفال.

كما أن القانون الألماني يعدّ المضايقات الجنسية أو الإكراه على الجنس، حتى بين الزوجين، والذي يشير إلى "الأفعال الجنسية المرتكبة عن طريق العنف أو التهديد بالعنف وضد إرادة الضحية" أو الاغتصاب من بين الجرائم الجنائية، والأفعال التي تصنف كتحرش جنسي هي: التعرض للمس ضد الإرادة، التعرض للتحديق، سوء المعاملة لفظياً، الإجبار على الجِماع، الإجبار على مشاهدة الآخرين يمارسون الجنس، إهانة بسبب نوع الجنس، إطلاق صفات أو أسماء غير لائقة وبذيئة.

ويمكن أن يحدث التحرش الجنسي في الأماكن العامّة، في المنزل أو العمل، من قبل شخص غريب أو قريب أو صديق أو زميل أو رئيس...

إضافة إلى ما سبق فإن القانون الألماني واضح ودقيق في دعم حصة المرأة في التمثيل السياسي والأعمال، ويسعى للمساواة بالأجر وحظر العمل دون أجر، ويعطي المرأة حق الإجهاض، ويحظر ختان الإناث، والبغاء والاتجار بالنساء، وغير ذلك.

وفي هذه الحالات كلّها يمكن للضحايا تقديم شكوى مباشرة إلى الشرطة، أو الاتصال بمراكز الإرشاد التي توفّرها الدولة، وبذلك ستحصل هذه الضحايا على الحماية والدعم والخصوصية. 




المصدر