أُنجزت أول مهمة: داعش خارج اليرموك



بين نفي وتأكيد للخبر، دخلت الحافلات لتنقل عناصر تنظيم (داعش) الإرهابي من مخيم اليرموك، بعيدًا من الإعلام، وسط تكتّم عن الوجهة التي ستسلكها الحافلات، بين الجنوب أو البادية كما يشاع. المهم أن آخر فصول المهمة تمّت على ما يرام، كما خُطط لها بتفصيل دقيق، بعد التدمير الشامل الذي أتى على معظم المناطق في مخيم اليرموك والحجر الأسود، أي ما عُرف بمناطق وجيوب سيطرة (داعش) بالمنطقتين، وخروج الدواعش مع عائلاتهم بالشكل الذي نشهده كل مرة، بعد تدمير واسع، ومن دون مشاهدة حالات اعتقال أو قتل لقيادات من هذا التنظيم، أو بث اعترافات كالتي برع النظام في إخراجها، تعطي انطباعًا مؤكدًا بأهمية الرواية المتنقلة أو المقيمة للتنظيم في الثورة السورية، بالأسباب والأهداف المرجوة.

أما وقد وقع الدمار، فوق رؤوس من تبقى من المدنيين العالقين في مخيم اليرموك، فإن السؤال هو: لماذا تُرك تنظيم (داعش) تحت خيار انتقاء طريقة خروجه مع عائلاته بحافلات، بينما من تبقى من المدنيين تركوا لخيار الموت تحت الركام، وقد حُملوا مسؤولية خيارهم؟! المفترض أن يتم “سحق التنظيم”، وفق رواية النظام وهدفه العسكري والأمني من افتعال معركة “تحرير المخيم”، لا القيام بعملية تدمير واسع للمنطقة، كان الهدف من ورائها منع عودة السكان إلى مناطقهم، وهو أمرٌ حدث في كل المناطق التي كان التنظيم يخوض فيها معاركه مع قوى المعارضة والسكان المحليين، ومن ثمّ يتم تسليمها للنظام فيما بعد حطامًا.

تناول إعلام النظام، منذ شهر، أي منذ بدء عملية تدمير اليرموك، تسويق رواية دكّ معاقل تنظيم الدولة في الحجر الأسود، وبث صورًا لما قال إنها مقارّ قيادة، وأنفاق استخدمها مقاتلو التنظيم في تحركاتهم. في رواية إعلام النظام أن التنظيم هُزم نهائيًا أي لا حاجة إلى ترتيب عملية انتقال المهزوم بالطريقة التي أُخرج بها، أقلّ ما يمكن أن يُتخذ ضده هو اعتقال كل مجموعاته، وتقديم روايتهم واعترافاتهم للشعب السوري، هذا نظريًا، أما من حيث المعلومة، واليقين الذي يعرفه كل السوريين، فإن وظيفة وواجبات تنظيم (داعش) الإرهابي هي تقديم الدعم والإسناد لرواية النظام، وترتيب إخراجها بما يليق وأكاذيبه، فإذا كان الخصم مهزومًا ومقتولًا؛ فإن أمر استسلامه تحصيل حاصل، أما رؤية اتفاق مع “عدو” بهذا الشكل، فهذا يؤكد على أهمية الحفاظ على الوظيفة التي يتقاسمها مع النظام.

وظيفة لم تكن فقط غادرة في ظهر السوريين، بل مساهمة في تدمير ثورتهم، هذا ما أنجزه وجود تنظيم (داعش) الإرهابي في اليرموك بجهوزية، ليكون ذريعة للتدمير، كما حصل مع أغلب المناطق التي تنقّل فيها من غير حافلات النظام لكن بأوامره، حيث أنجز مهمات كثيرة في تنقلاته، وقد قدّم وجوده المعنوي والمادي خدمات كبيرة ومهمة للنظام.

يُقال إن عناصر تتبع لفرع الأمن العسكري “المنطقة”، كانت تتمركز في مفرق حجيرة منذ خمسة أعوام، انتقلت إلى الحجر الأسود للانضمام إلى تنظيم (داعش)، وبعض قياداتهم ممن دخل مؤخرًا، قبل بدء المعارك، من معبر بردى إلى الحجر والمخيم، هم من خرجوا بالأمس في حافلات شارع الثلاثين، إما إلى البادية السورية أو الجنوب.

هناك مهمات تنتظر الإنجاز، خصوصًا في المناطق الجديدة التي ينتقل إليها عناصر وقادة (داعش)؛ بعد مهلة قصيرة في حي الزاهرة، يتم تزويد القيادات بشحنة من المعلومات والأوامر الواجب تنفيذها لاحقًا، فهناك ملفات كثيرة ومعقدة في الجنوب السوري والشمال، تبقى رواية (داعش) وسلوكها هي الأمر الأسهل للنظام وحلفائه، لتنفيذ سيناريوهات مشابهة لليرموك الذي كان مطابقًا لما قبله من مناطق خضعت لتدمير وتهجير كبيرين، يهدفان بالدرجة الأولى إلى تحطيم أي بارقة أمل للسكان بالعودة لبيئة طبيعية أو شبه طبيعية.

في اليرموك، لا عودة مجددًا لرواية اللاجئين ومعاناتهم، وهذا حاصل مع كل مناطق التهجير السورية، وهو هدف المهمة التي ينجزها النظام مع (داعش)، فالنظام بحاجة إلى وأد هذه الرواية، من خلال قتل الشواهد والشهود، وتدمير الحواضر، وهي أبرز المهمات التي أُنجزت، وسيبقى رهان قوي وقائم للنظام في المناطق التي ستصل إليها دواعشه أو خلاياه التي تنتظر الأوامر بالتحرك.


جيرون


المصدر
جيرون