مواطنو الحسكة تحت عبء ضرائب “قسد”



نقلت وكالة (فرانس برس)، في تقرير لها أمس الثلاثاء، تذمرًا في صفوف المدنيين، في منطقة الجزيرة السورية الخاضعة لسيطرة ميليشيات (قوات سورية الديمقراطية)، من الضغوط المالية التي يعانونها، بسبب الضرائب التي تفرضها كل من (قسد) والنظام.

ذكرت الوكالة أن “التجار يدفعون ضريبة مزدوجة على الدخل: الأولى للنظام السوري وهي قديمة، والثانية جديدة فرضتها (الإدارة الذاتية) التابعة لـ (قسد)، وهو ما يزيد الضغوط المالية على المدنيين الذين يعانون أصلًا ظروفًا معيشية صعبة”.

تنقل الوكالة عدة شهادات ميدانية من تجار وأصحاب محال، في مدينة القامشلي، حيث يؤكد الجميع أن “دفع ضريبتين يثقل الكاهل، وخاصة في ظل حركة السوق الراكدة والأرباح القليلة”.

تسيطر ميليشيات (قسد) على معظم مدن وبلدات محافظة الحسكة والطرق الرئيسية في المحافظة والمعابر الحدودية مع العراق وتركيا، وذلك على خلفية تسليم قوات النظام عشرات المواقع في المحافظة لهذه الميليشيات مع اتساع رقعة الثورة السورية عام 2012، لكن النظام احتفظ بالمربع الأمني والحكومي في مدينة القامشلي، وبدأ يدير خلاله عمليات فرض ضرائب إتاوات كبيرة على السكان.

بدأت (قسد) التي يشكّل (حزب الاتحاد الديمقراطي) الكردي عمودها الأساس، فرض عشرات الضرائب على المدنيين في الجزيرة، شملت الزراعة والتجارة والمحال التجارية والأسواق وكافة مرافق الحياة، كما أنها اتفقت مع النظام على استثمار النفط في حقول (رميلان، وقرتشوك، الجبسة)؛ ما يؤمن لها أرباحًا مالية كبيرة، إضافة إلى أموال الضرائب.

تنقل (فرانس برس) عن تجار في مدينة القامشلي أنهم يدفعون “ما بين 17 ألف إلى 25 ألف ليرة سورية سنويًا للنظام”، كما يدفعون لـ “إدارة قسد الذاتية” مبالغ “تراوح بين 39 ألف و50 ألف أو أكثر، حسب الشريحة التي تحددها الإدارة”.

تنقل الوكالة عن الرئيس المشترك لهيئة المالية في ما تسمى “الإدارة الذاتية” خالد محمود أن “الإدارة الذاتية تريد تطوير الخدمات، وبالتالي هي بحاجة إلى موارد إضافية في الموازنة، ومن هنا جرى اعتماد النظام الضريبي التصاعدي”.

يضيف محمود: “الإدارة الذاتية جمعت نحو 379 مليون ليرة سورية، بين شهري تشرين الأول/ أكتوبر 2017، ونيسان/ أبريل 2018، أي ما يساوي أكثر من 800 ألف دولار خلال ستة أشهر”.

تبلغ نسبة تحصيل الضرائب 59 في المئة منذ بدء تطبيقها، وفق الأرقام الرسمية، ولكن ذلك يعود لاستخدام القوة والتهديد بالمصادرة، وهذا ما يجعل التجار والمدنيين يسارعون إلى دفع الضرائب كي لا يخسروا أملاكهم.

تنقل الوكالة عن العاملين في (الإدارة الذاتية) أن “الضريبة تتزايد تدريجيًا، وتبلغ أقل من واحد بالمئة لمن يقل دخله السنوي عن مليون و200 ألف ليرة، وهي الشريحة الأولى، وواحد في المئة للشريحة الثانية التي تراوح بين مليون ومئتين ألف ليرة ومليوني ليرة، لتصل إلى سبعة في المئة للشريحة الرابعة التي تنتج ما بين خمسة وسبعة مليون ليرة”.

على الرغم من ملايين الليرات التي تجمعها (قسد) من المدنيين، فإن سكان الجزيرة السورية يعانون ضائقة اقتصادية كبيرة، بسبب إغلاق المعابر الحدودية مع كل من العراق وتركيا، وعدم نجاح الموسم الزراعي هذه السنة في المنطقة، بسبب الجفاف في بعض المناطق، أو السيول الجارفة التي قضت على ما تبقى من محاصيل الأسبوع الماضي.

يتعرض التجار وأصحاب المحال لظلم كبير في تقدير ضرائبهم المستحقة من قبل موظفي (الإدارة الذاتية)، ولكن المفارقة التي تنقلها الوكالة أن “على كل معترض أن يدفع خمسة آلاف ليرة (نحو 12 دولارًا) لتقديم شكوى”.

يبقى المدنيون السوريون ضحية استغلال وجشع سلطات الأمر الواقع في الجزيرة السورية المتمثلة بميليشيات (قسد)، وسط تفاهم علني لهذه السلطات مع نظام الأسد المشغول بقتل السوريين وسرقة أموالهم في مكان آخر من سورية، وحدود هذا التفاهم تتلاقى على التضييق على السوريين وإثقال كاهلهم، أينما كانوا.


سامر الأحمد


المصدر
جيرون