معركة اجتثاث (داعش) في سورية تكتسب زخمًا جديدًا، لكن تهديداتها باقية



قوات سورية الديمقراطية التي يقودها الأكراد في شرق سورية هذا الشهر. كان إعلان الميليشيا عن هجوم بري جديد في 1 أيار/ مايو، نقطة تحول في معركة القضاء على آخر جيوب الدولة الإسلامية (داعش). ديليل سليمان/ وكالة الصحافة الفرنسية- صور جيتي

إن الهجوم البري المدعوم من الولايات المتحدة، للقضاء على آخر جيوب مقاتلي الدولة الإسلامية (داعش) في شرق سورية، أعيد انطلاقه خلال الشهر الماضي في محاولة لضرب قدرة المسلحين على شنّ هجمات حرب عصابات.

أُعيد تنشيط المهمة ضد (داعش)، بعد عودة كبار القادة الأكراد، وزيادة القوات الخاصة الفرنسية، ووصول مقاتلات البحرية وبعض عمليات التجسس السرية للمخبرين العراقيين. لكن قد لا يكون أمام الحملة أكثر من ستة أشهر لاصطياد المئات من المقاتلين، وهو ليس وقتًا كافيًا لإنهاء التهديد الذي يتحرك بسرعة وبسرية.

وما يزال الزخم الجديد معرضًا للخطر بسبب تهديد الرئيس ترامب مرةً أخرى، بسحب نحو ألفي جندي أميركي من سورية، منهم مئات من المستشارين في العمليات الخاصة والكوماندوس.

لقد خدمت قوة من الحلفاء الأكراد والعرب في شرق سورية، بكونها أكثر حلفاء الولايات المتحدة فاعلية في المعركة ضد الدولة الإسلامية (داعش)، لكن موجة من الهجمات التركية في الشتاء الماضي ضد أكراد آخرين، في شمال غرب سورية، دفعت المقاتلين الأكراد إلى عدم المشاركة في الهجوم الذي تقوده الولايات المتحدة بالقرب من الحدود العراقية.

سمح غيابهم للعديد من متشددي (داعش) الباقين، بالفرار واستعادة قطعٍ من الأراضي، وتجديد هجمات من المخابئ في جميع أنحاء البلاد. مسؤولون في إدارة ترامب قالوا إن ماتيس، وزير الدفاع، وكبار القادة الأميركيين مُنحوا الآن ستة أشهر على الأقل للقضاء على (داعش) في شرق سورية.

قال سيث جونز، مدير مشروع التهديدات العابرة للحدود في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن: “الدولة الإسلامية (داعش) تحولّت الآن إلى عمليات حرب العصابات، مما يزيد من احتمال استمرارها في العمل في شرق سورية وغرب العراق لسنوات”.

منذ سقوط الرقة، التي أعلنتها الدولة الإسلامية (داعش) عاصمة لها، في أواخر العام الماضي، اعتمدت طائرات الحلفاء بشكل أساسي على الميليشيات الكردية السورية لقتال المتمردين المتبقين، وإخراجهم من مخابئهم ومواقع قتالهم المحصنة، أو تحديد مواقعهم، بحيث حدد أهداف قاذفات التحالف.

لكن هؤلاء المقاتلين وقادتهم بدؤوا مغادرة شرق سورية، في أواخر كانون الثاني/ يناير، للدفاع عن الأكراد الآخرين ضد الهجمات التركية.

كانت قوات سورية الديمقراطية التي يقودها الأكراد القوة الأساسية في إخراج الدولة الإسلامية (داعش) من الرقة، ومطاردة المتمردين الفارين جنوبًا على طول وادي الفرات باتجاه الحدود العراقية، ومن دونهم، قاتلت الميليشيات العربية السورية المتبقية والأقل قدرة لكبح المئات من المقاتلين المتبقين في جيبين رئيسين.

وقال النائب دون بيكون (جمهوري، نبراسكا) وجنرال متقاعد من القوات الجوية خدم في العراق، في جلسة الاستماع الأخيرة للجنة الأمن القومي في مجلس النواب: “حتى لو فككنا هذين المزرعتين، يبقى هناك تهديد: يمكنهم إعادة تشكيل أنفسهم في أي لحظة”.

بدأت هذه الأزمة في التحول، بعد أن أعلنت قوات سورية الديمقراطية عن هجوم بري جديد في 1 أيار/ مايو، أُطلق عليه عملية “الطراد”.

الدمار في الرقة، سورية، عاصمة الدولة الإسلامية المعلنة من طرفها. انحصر تنظيم الدولة الإسلامية في جيبين رئيسين في شرق سورية. عبود حمام/ رويترز

وقال مسؤولون عسكريون إن الميليشيات السورية الحليفة بدعم من القوة الجوية التي تقودها الولايات المتحدة أبعدت في الأسابيع الثلاثة الماضية مقاتلي (داعش) قرب الحدود العراقية السورية، كما أن الطائرات الحربية الأميركية هاجمت مخابئ تابعة للدولة الإسلامية (داعش)، ومراكز قيادة، وقتلت عملاء، ودمرت مباني ومعدات، وسدّت طرق الإمداد.

في ذلك الأثناء، أعلنت القوات التي يقودها الأكراد في شمال سورية يوم الخميس، 24 أيار/ مايو، اعتقال الجهادي الفرنسي أدريان غيهال، المعروف بأنه الذي ادعى هجمات 2016 في فرنسا نفذها تنظيم (داعش).

كان القتال شرسًا في منطقة طولها 15 ميلًا من وادي الفرات. وقال شيركو حسكة، وهو قائد كردي بارز ومسؤول عن العملية البرية، في مقابلة على (واتساب): “لقد استخدمت (داعش) المدنيين كدروع بشرية، حيث تمنعهم من المغادرة، لذا كان من الصعب علينا أن نستدعي غارات جوية للتحالف”.

كان توقيت الحملة المتجددة يتوقف على عدة عوامل، منها شعور متزايد بالإلحاح بأن المعركة قد غاصت في وقت عصيب في ساحة المعركة نتيجة غضب السيد ترامب تجاه التدخلات العسكرية الأميركية في سورية.

عاد العديد من القادة الأكراد، الذين يقومون بقيادة وتنسيق المعركة، من المعركة الفاشلة ضد الأتراك في الشمال الغربي. قادة الجو الأميركيون، بمساعدة من مقاتلات الحاملة هاري ترومان في شرق البحر الأبيض المتوسط، كثفوا الهجمات ضد أهداف الدولة الإسلامية (داعش)، من ثلاثة هجمات فقط في الأسبوع المنتهي في 5 نيسان/ أبريل، إلى 44 في الأسبوع المنتهي في 24 أيار/ مايو.

كما نفذت الطائرات الحربية العراقية عدّة ضربات عبر الحدود ضد أهداف الدولة الإسلامية (داعش) في سورية، في الأسابيع القليلة الماضية. في الوقت نفسه، تسللّ جواسيس عراقيون إلى خلايا “الدولة الإسلامية” المقاتلة في سورية، كما قال مسؤول عراقي رفيع المستوى، وعادوا بمعلوماتٍ إلى القوات العراقية التي كثفت من دفاعاتها وتنسيقها مع الميليشيات السورية على امتداد 30 ميلًا من الحدود العراقية السورية.

“أغلقوا الحدود مع سورية من خلال حراس حدود مدربين تدريبًا عاليًا جدًا؛ ما منع إرهابيي (داعش) من الفرار من ساحات المعارك”، كما قال العميد روبرتو فانتشي من إيطاليا، وهو نائب قائد التحالف العسكري في العراق وسورية، للصحفيين في البنتاغون الأسبوع الماضي.

في شهادة أمام مجلس الشيوخ في الشهر الماضي، تحدث السيد ماتيس عن هجوم وشيك يشترك فيه الأكراد السوريون، والعرب، والعراقيون وحلفاء غربيون آخرون. وأخبر السيد ماتيس لجنة القوات المسلحة في 26 نيسان/ أبريل: “سترون محاولة أعيد تنشيطها، سترون زيادة العمليات على الجانب العراقي من الحدود، الفرنسيون دعمونا بقوات خاصة في سورية، في الأسبوعين الأخيرين”.

يقول مسؤولو الاستخبارات الأميركية والغربية، ومكافحة الإرهاب: إن هزيمة الدولة الإسلامية (داعش) على الأرض في سورية والعراق، وحرب الظل المتنامية ضد فروع الجماعة من غرب أفريقيا إلى أفغانستان، أخفقت في خنق قدرتها على حشد قوة عالمية فعالة، التي تتابعها من خلال وسائل التواصل الاجتماعية.

“إن لرسائل (داعش) عبر الإنترنت مواضيع متعددة، وإذا كانت الخسائر في ساحة المعركة تجبر الجماعة على الابتعاد عن الرسائل التي تؤكد على الاحتفاظ بالأراضي، فإنها يمكن أن تدور حول ادعائها بأنها الضحية”، على حد تعبير جوشوا غيلتزر، وهو مدير سابق في قسم مكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي في إدارة أوباما، في شهادته أمام الكونغرس الأسبوع الماضي.

تأتي هذه التكتيكات المتغيرة في وقتٍ تمكّنت فيه الدولة الإسلامية (داعش) من استعادة بعض الأراضي، خاصة غرب الفرات، في المنطقة التي يسيطر عليها الجيش السوري، ورعاته العسكريون الروس. وكما قال محللون أميركيون وآخرون غربيون: إن مقاتلي الدولة الإسلامية (داعش) شنّوا مزيدًا من الهجمات على الجانب الغربي من الفرات ضد قوات متحالفة مع حكومة بشار الأسد.

في نهاية الأسبوع الماضي، قُتل على الأقل أربعة جنود روس يعملون مع قوات الجيش السوري، وأُصيب خمسة آخرون في هجومٍ ليلي نفذه مقاتلو الدولة الإسلامية (داعش) شرق محافظة دير الزور.

“لا نزال نشعر بالقلق من أن النظام السوري إما غير راغبٍ أو غير قادرٍ على التعامل مع هذا التهديد”، كما قال اللواء فيليكس جِيدني، وهو نائبٌ آخر لقائد عمليات التحالف في العراق وسورية، لإذاعة (بي بي سي) في الأسبوع الماضي.

حتى إذا تمّ القبض على آخر مقاتلي الميليشيا أو قتلوا، فإن المسؤولين والمحللين الأميركيين اعترفوا بأن خطةً لضمان الأمن والاستقرار في المنطقة لا تزال بعيدة المنال.

وكما قال السيد جونز، من مركز الدراسات الاستراتيجية: “ما هي مقاربة الولايات المتحدة السياسية في شرق سورية، ومنها ما يتعلق بوادي الفرات الأوسط؟ ومن سيحكم هذه المناطق؟ هذه الأسئلة حاسمة لأن الحملات الناجحة لمكافحة الإرهاب، وحملات مكافحة التمرد تتطلب دائمًا حكوماتٍ قوية وكفؤة، فالدول الضعيفة والفاشلة ليست وصفةً للنجاح”.

اسم المقالة الأصلي Battle to Stamp Out ISIS in Syria Gains New Momentum, but Threats Remain الكاتب إيريك شميت، Erıc Schmıtt مكان النشر وتاريخه نيو يورك تايمز، The New York Tımes، 30/5 رابط المقالة https://www.nytimes.com/2018/05/30/world/middleeast/isis-syria-battle-kurds-united-states.html?rref=collection%2Fsectioncollection%2Fmiddleeast عدد الكلمات 1165 ترجمة أحمد عيشة


أحمد عيشة


المصدر
جيرون