‘ماكين: الفطرة السليمة لن تنهي الصراع في سوريا واتفاقية وقف اطلاق النار تكافئ العدوان بدلا من معاقبته’
18 فبراير، 2016
قال السيناتور الأمريكي جون ماكين، إن “الفطرة السليمة وحدها لن تنهي الصراع في سوريا، بل هناك حاجة للضغط، فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليس حريصا على أن يكون شريكا لنا، بل يريد أن يدعم نظام الأسد، ويريد أن يعيد مكانة روسيا كونها قوة عظمى في الشرق الأوسط، ويريد أن يستخدم سوريا لتجربة أسلحته المتطورة في حرب حية”.
وأضاف السيناتور الأمريكي في حديثه أمام مؤتمر ميونخ نشره موقع “وور أون ذي روكس”، إن “بوتين يريد تحويل اللاذقية إلى قاعدة عسكرية روسية متقدمة؛ ليزيد من مساحة مجال السيطرة الروسية – كـ ليننغراد أو قرم جديد – ويقويها، ويريد مفاقمة مشكلة اللاجئين، واستخدامها سلاحا لكسر التحالف عبر الأطلسي، وأن يقوض المشروع الأوروبي. والشيء الوحيد الذي تغير بالنسبة لبوتين هو أنه كلما أكل أكثر انفتحت شهيته أكثر”.
وعن اتفاق وقف اطلاق النار قال ماكين، “إنه يتمنى أن يشارك زملاءه الذين يرون اتفاقية وقف إطلاق النار في سوريا أنها اختراق لشعورهم، لكنه لا يراها كذلك” مضيفاً: “إن شكوكي قائمة ببساطة على طبيعة طموحات العدو وواقع القوة والالتزام في العالم اليوم”.
وتابع ماكين: “لنكن واضحين حول ما تفعله هذه الاتفاقية؛ إنها تسمح بالاعتداء على حلب لمدة أسبوع آخر، وتطلب من المعارضة وقف القتال، لكنها تسمح لروسيا بالاستمرار في قصف (الإرهابيين)، الذين تصر روسيا على أنهم الجميع، بمن فيهم المدنيون، وتلزم الاتفاقية القوات الأمريكية والروسية ليس فقط بألا تتقاتلا، بل بأن تنسقا معا، الأمر الذي رفضته واشنطن إلى الآن، وإن خرقت روسيا والأسد هذه الاتفاقية، فماذا يترتب على ذلك؟ لا أرى شيئا”.
واستطرد ماكين قائلاً: “عندما انضمت روسيا إلى إيران، وذهبتا إلى الحرب معا في سوريا، قال البعض إن بوتين تورط في المستنقع السوري، وإنه سيضطر قريبا للجري وراء حل سلمي، وبدلا من ذلك فقد قامت روسيا بقصف المدنيين وقوى المعارضة المعتدلة لأشهر طويلة دون حساب، وصرحت قيادات الاستخبارات الأمريكية بأن التدخل الروسي ثبت وضع الأسد، وساعده للعودة إلى الهجوم. والآن وفي الوقت الذي نجلس نحن فيه هنا يقوم السوريون والإيرانيون وحزب الله وروسيا يتشديد حصارهم على حلب”.
ويضيف ماكين: “لم تكن صدفة أن وافق بوتين على وقف الأعمال العدائية، وقد رأينا هذه التمثيلية في أوكرانيا: روسيا تضغط بالواقع العسكري وتخلق حقائق جديدة على الأرض، وتستخدم السماح بتمرير المساعدات الإنسانية ومنعها ببطاقات تفاوض، وتفاوض للتوصل إلى اتفاق يحفظ لها مكاسبها، ثم تستمر في الحرب. أي أن هذه الدبلوماسية هي لخدمة العدوان العسكري، وتنجح لأننا نسمح لها بالنجاح، والردع الوحيد الذي حققناه هو ردع أنفسنا”.
ويؤكد السيناتور الأمريكي قائلا: “دعوني أقول ثانية: آمل أن أكون مخطئا، وأريد أن أكون مخطئا؛ لأنه إن تبين أن هذه الاتفاقية تكافئ العدوان بدلا من معاقبته، وإن أصبح ينظر إليها كونها إشارة إلى ضعف الغرب وليس إلى قوته، وإن عمقت المفهوم لدى حلفائنا وشركائنا في الشرق الأوسط بأننا لا يوثق بنا وأننا جبناء، فلن يتوقف الأمر عند فشل هذه الاتفاقية، بل إن الحرب في سوريا ستستمر، وسيموت المزيد من الأبرياء، وسيتضاءل النفوذ الغربي وتتضاءل مصداقية الغرب، وسيستمر تدفق اللاجئين إلى الخارج وتدفق الإرهابيين إلى الداخل، وسيهاجم مواطنونا أو يهاجمون مكررا”.
وعن التدخل الايراني في سوريا قال ماكين: ” كذلك الأمر مع النظام الإيراني، فقد قيل لنا إن الاتفاق النووي مع إيران سيقوي المعتدلين ويهمش المتشددين، لكن يبدو أن ما حصل هو العكس، فحتى قبل أن يجف حبر الاتفاقية كانت إيران تصعد من أنشطتها الشريرة في الشرق الأوسط، وتجرب أسلحتها الجديدة، وذلك كله لا لتصبح شريكا مع الغرب، بل لتصبح القوة الإقليمية المسيطرة، التي تخرج النفوذ الأمريكي من الشرق الأوسط، وهو الدور الذي ستضطلع به، مستخدمة مليارات الدولارات بعد رفع العقوبات عنها”.
وقال: “أصدقائي، من الفوائد النادرة لكبر سني هو أنني حظيت بحضور هذا المؤتمر لعدة عقود، وشهدت ولاد فون كليست وغيره من عمالقة تحالفنا عبر الأطلسي يجتمعون عاما بعد عام لمناقشة أعظم التحديات في وقتهم، إنهم آمنوا بأهمية نظام عالمي قائم على القوانين؛ لأنهم يعرفون أهوال الفوضى العالمية، وكانوا يعتقدون بالحفاظ على توازن القوة؛ لأنهم عاشوا انهيارها، فقد آمنوا بالغرب وقوته ونجحوا”.
ويشير السيناتور إلى أن “تلك الرؤية للنظام العالمي – رؤيتنا– هي التي يعتدى عليها اليوم، إنه توازن القوى الذي يتآكل في منطقة آسيا والباسيفيكي، وهنا في أوروبا، وبأوضح شكل في الشرق الأوسط، إن هذا لا يشبه إعصارا أو تسونامي، ولا يحصل لنا نحن فقط، إنه يحصل بسبب القوى الاسترجاعية والحركات الإرهابية، مثل تنظيم الدولة، التي تختبرنا وتهددنا وتهاجمنا، وتأمل في المحصلة بإقصائنا واستبدالنا”.
وتساءل ماكين قائلا: “ألا نرى ماذا يحصل؟ هل نعيره اهتماما؟ ماذا كان سلفنا سيفعلون لو كانوا هنا اليوم؟ هل سيعتقدون أننا ننجح؟ وهل نعتقد نحن أننا ننجح؟”.
الهيئة السورية للإعلام
المركز الصحفي السوري