تعدد اللهجات السورية….ولكل لهجة حكاية
23 فبراير، 2016
في سوريا كل شخص منا يميز غيره من الأشخاص عبر أشياء محددة منها المظهر وملامح جسدية واللهجة والنسبة، ولعل اللهجات السورية المتناغمة هي بطاقة التعريف الأوضح عن ذات الأفراد، وقد قسمت اللهجات السورية إلى أربع أقسام تتبع المناطق السورية وهي (السورية الشمالية المحكية في حلب وما حولها كإدلب، السورية الغربية أو الساحلية المحكية على طول الساحل السوري من أنطاكية إلى اللاذقية و طرطوس إلى طرابلس، السورية الوسطى المحكية في الوسط من حماة و حمص إلى دمشق، السورية الشرقية المحكية في الحسكة وديرالزور إلى الرقة).
نميز الشخص السوري من طريقة لباسه حضارية أو محافظة على اللباس المحتشم أنه من المدينة تلك أو غيرها كالمقارنة بين سكان محافظة إدلب واللاذقية التي تتنوع فيها طرق اللباس نظراً لتعدد الطوائف فيها، ونكتشف الشخص من خلال نسبته (كنيته) لأي محافظة ينتمي، وحتى الملامح الجسدية تبين لنا ذلك مثلاً أصحاب العيون الجميلة وسمات الوجه العربية من فم صغير وسمار يوحوا إلى انتسابهم للجزيرة السورية، أو رجال السويداء الكبار الذين يعرفون من شكل شاربهم.
لكن ربما أهمية تمييز الشخص عبر لهجته بعد اندلاع الثورة زادت أهميته، وأصبحت اللهجة غطاء يخفي خلفه كل شخص نوايا كثيرة من الممكن أن تنقذه أحياناً في ظل التمييز العلني أحياناُ بالمحافظات المتنوعة الطوائف كحال مواطني مدينة حمص، أي أن عددا كبيرا من سكان السنة يلجؤون للتحدث باللهجة العلوية لكي يتجنبوا الإهانات من عناصر الدفاع الوطني وقوات النظام على الحواجز، أما في اللاذقية يعتمد الشباب السنة وخاصة الجامعيين على اللهجة العلوية ليسيروا أمورهم ويبعدوا الشبهات عنهم بما أن محافظة اللاذقية أكبر حاضنة شعبية لنظام الأسد ومعقل رأس النظام بشار، هذا غير أن الشخص المعارض لنظام الأسد لمجرد توارد اللهجة الحلبية ( أَبوي، إش عبتقول) مع ضم وتضخيم الأحرف أو الساحلية الطويلة اللفظ “الممطوطة” ( آمان، شحاري) لمسمعه ينأى عن المتكلم لأنه يدرك أنه من الفئة الموالية بشدة لحكم بشار الأسد، بينما في حال دوت في أذنه كلمات بشكل مفخم ( دغري، يابي )، يعرف أنه هناك مجال للنقاش بأمور السياسة لأن الذي أمامه من العاصمة دمشق، وحينما يسمع أيا كان ( أشو لك عين عمك، ياياب عهل الصواب) يجدوا نفسهم في بر الأمان لمقابلتهم أحد سكان مدينة إدلب التي تناهض النظام من زمن الأب لعهد ابنه، أما عن ( شنو، شكون، هسع) تسيير المخاوف في نفوس أفراد الشعب السوري فربما كانوا المتكلمين من أبناء العشائر البدوية الأصول المؤيدة للنظام، ولعل الأكراد نبرة صوتهم بلهجتم الغير عربية بمعظمها تؤدي بالرغبة للسكوت لأنهم فئة متذبذبة الأراء.
ليس فقط أفراد الدولة الواحدة يكشفون بعضهم عن طريق لهجتهم، لأن سكان الدول الأخرى يدركون ويفرقون أيضاً بين الأشخاص أثناء تكلمهم وبيان لهجتهم، إلا أنه في مناطق من بعض الدول العربية استغل بعض أفرادها اللهجة السورية بعد مرور سنين من الحرب السورية وبدؤوا يتسولون على أنهم لاجئين سوريين.
بث موقع ناظور سيتي فيديو مصور عن طفلين من مدينة الناظور المغربية يتسولون من المصلين بعد خروجهم من المساجد، تحت ظرف أنهم سوريين هاربين من حرب بلادهم وهم بحاجة للمال من أجل العيش.
في المقابل يتردد صدى اللهجة السورية كرمز محلي لسوريا بشكل كبير خارج سوريا بعد لجوء ملايين السوريين منها، خاصة في الدول الأوربية التي يحاول كل شخص فيها تعليم أبن المنطقة الأجنبية التي يقطنها هناك لهجة بلده السورية، فقد نشرت على اليوتيوب مقاطع فيديو عدة يظهر فيها سوريون يدربون الأجانب على اللهجة السورية.
لعل المميز المعبر عن الصورة الواقعية لكل فرد سوري غير لهجته الكلامية الأصيلة، يرافقه فارق آخر ألا وهو الصمود الأسطوري للشعب السوري السمة الشائعة والمعروفة بين كل دول العالم العربية والغربية بعد أن ذاق في الحرب كل أشكال المعاناة من حكم الأسد ببلده سوريا، ولا يزال يتغنى ويتباهى بكل فخر سوري قديم.
المركز الصحفي السوري – محار الحسن
المركز الصحفي السوري