الدول الغنية وإعادة توطين اللاجئين.. الأفعال أبلغ من الكلمات

10 أبريل، 2016

العدالة والكرامة والحق في الحياة وحقوق الإنسان، شعارات طالما صدحت بها حكومات الدول الغربية، وتفاخرت بها الدول الأوروبية باعتبارها مهد الحريات وحقوق الإنسان؛ لكن تبيّن، وعلى ضوء مختلف الأزمات الإنسانية الأخيرة، وخصوصا أزمة اللاجئين السوريين أن الحقيقة الواضحة هي أن تلك البلدان غير مستعدة لتوسيع نطاق التزاماتها السابقة بإعادة التوطين أو فتح مسارات أخرى.

تؤكّد هذه الخلاصة كريستي سيغفريد، الباحثة المتخصصة في شؤون الهجرة، في شبكة الأنباء الإنسانية إيرين، مشيرة إلى أن الدول الغنية تتقاعس عن إعادة توطين اللاجئين السوريين، وفي اختيار الباحثة لكلمة “تقاعس” في وصفها لتعاطي الدول الغنية مع أزمة اللاجئين السوريين تأكيد على تخوف وعدم رغبة في إعادة توطينهم على نحو السريع الذي يروّج له المسؤولون الأوروبيون.

انعكس ذلك جليّا خلال المؤتمر رفيع المستوى الذي عُقد في جنيف في شهر مارس الماضي، وكانت الغاية منه إقناع المجتمع الدولي بزيادة أماكن إعادة توطين اللاجئين السوريين على نحو السرعة، وفتح مسارات قانونية أخرى غير مستغلة من شأنها إنهاء الحاجة إلى القيام برحلات بحرية خطيرة وطويلة، أو رحلات برية صعبة.

لكن، كريستي تقول إن استجابة ممثلي الـ92 دولة الذين حضروا الاجتماع كانت محدودة وبعيدة كل البعد عن تحقيق الهدف الذي حددته مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ولم تكن المفوضية، التي استضافت المؤتمر، تطلب تحقيق معجزات، بل دعت إلى إعادة توطين، أو تأمين أشكال أخرى من دخول 10 بالمئة فقط من 4.8 مليون لاجئ سوري على مدار السنوات الثلاث المقبلة.

بعد خمس سنوات من بدء الأزمة السورية، عرضت 30 دولة 160 ألف مكان فقط لإعادة توطين اللاجئين، في حين أن العدد الإجمالي للاجئين الذين وصلوا بالفعل إلى تلك البلدان هو جزء بسيط من هذا الرقم، 67,108 فقط، وفق منظمة أوكسفام.

ومع تعقّد الأزمة، انبرت معظم الدول تتحدث عن الأموال التي أنفقتها لدعم اللاجئين لكي يظلوا في البلدان المجاورة التي تتحمل ضغوطا تفوق طاقتها، مثل تركيا ولبنان والأردن. وركّزت الدول على الحديث عن الحاجة إلى مزيد من التعاون الدولي وتقاسم الأعباء من أجل التصدي لأزمة اللاجئين، وبدل وضع خطط تؤكّد أن الأفعال أبلغ من الكلمات، وفق سيغفريد.

كندا هي واحدة من ثلاث دول فقط حددتها منظمة أوكسفام بأنها أعادت توطين ما يزيد عن حصتها العادلة من اللاجئين السوريين على أساس حجم اقتصادها. ألمانيا أيضا قبلت أكثر من “حصتها العادلة”، فقد سمحت بدخو 41 ألف سوري من خلال برنامج القبول الإنساني، قبل وصول 430 ألف طالب لجوء سوري إلى البلاد في عام 2015، استقل معظمهم قوارب من تركيا إلى اليونان ثم اتبعوا المسار عبر منطقة غرب البلقان.

وقد لعبت ألمانيا دورا فعالا في الوساطة من أجل التوصل إلى الاتفاق الأخير مع تركيا لاستعادة جميع الوافدين الجدد إلى اليونان، في مقابل المزيد من المساعدات للاجئين السوريين الذين يعيشون في تركيا وزيادة إعادة توطين اللاجئين من تركيا إلى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وقد قوبل الاتفاق بإدانة واسعة من جماعات حقوق الإنسان والمنظمات الإنسانية التي انتقدت “محاولات استخدام إعادة التوطين كورقة مساومة في صفقات سياسية”.

وفي بيان مشترك، وصفت منظمة أوكسفام ومؤسسة إنقاذ الطفولة والمجلس النرويجي للاجئين نتائج مؤتمر الأربعاء، بأنها “مخيبة للآمال للغاية”، مشيرة إلى أن الحكومات أظهرت “قصورا صادما في القيادة السياسية والأخلاقية”.

 

10 أبريل، 2016