وسام النيل.. سرَ الجسر وإسرائي
11 أبريل، 2016
كتب المحلل الإسرائيلي، سمدار بيري، في صحيفة “يديعوت” أنه لا توجد إشارة شرف وممالأة لسلمان، ملك السعودية، لا تجد تعبيرا لها في زيارته إلى مصر. فالرئيس السيسي يقف في المطار، الأبسطة الحمراء، الفرق الموسيقية، العناقات، الابتسامات، ووسائل الإعلام المشجعة.
أهلا وسهلا بك في زيارتك التاريخية إلى دولتك الثانية، أعلن الرئيس المصري الذي تطوع للمرافقة الثابتة لأيام المناسبة الخمسة.
وعلى الفور نال الملك سلمان الوسام الأعلى “وسام النيل” المرصع بالذهب الصافي ذي المربعات الثلاثة: الأول لمن يحمي مصر، والثاني لمن يحرص على رفاهها، والثالث على من يمنح أهلها السعادة. ولم ينله قبله إلا قلة فقط: الكاتب والحاصل على جائزة نوبل نجيب محفوظ، زعيم جنوب إفريقيا نلسون مانديلا، الرئيس الراحل أنور السادات، اليزابيت ملكة بريطانيا وسلطان عُمان الذي كان الزعيم العربي الوحيد الذي أيد مصر حين وقعت على اتفاق السلام مع إسرائيل.
وأوضح الكاتب الإسرائيلي أن علاقات الرياض – القاهرة شهدت ارتفاعات وانخفاضات منذ الإطاحة بمبارك قبل خمس سنوات. وقد عرضت عليه السعودية اللجوء السياسي الذي كان سيعفيه من الاعتقال، التحقيق والمحاكمة. وتلقى الرئيس السيسي بعد أن أطاح بالإخوان المسلمين حقنة أكسجين اقتصادية بحجم مليارات لاستقرار كرسيه. ومن المهم للسعودية الحفاظ على حليفتها. ومع ذلك، فالخلافات لم تختف: الرياض تضغط لإسقاط بشار من دمشق، مصر تتنازع مع اردوغان في تركيا وعندما أقامت السعودية تحالفا عربيا ضد إيران، أعلن السيسي بأنه يؤيده، ولكنه لن يرسل قوات عسكرية.
تأتي زيارة الملك السعودي إلى القاهرة وهي في لحظة ضعف. فمستشارو الرئيس اوباما يوصونه بـ”إعادة التفكير” في العلاقات مع مصر، بسبب الانتهاك المستمر لحقوق المواطن و”غياب التصميم” على إقامة الديمقراطية. وفكت روسيا ارتباطها في أعقاب قضية الطائرة التي تفجرت في سيناء. ايطاليا، الحليف الاقتصادي الهام لمصر، أعادت سفيرها من القاهرة بسبب القتل الشنيع للطالب الايطالي.
الملك سلمان، الذي وصل مع حاشية ضخمة وجاء لإنقاذ السيسي من الوضع الصعب، يقترح 17 خطة للتعاون لضخ ثلاثة إلى أربعة مليار دولار في مشاريع إعمار سيناء. وتتحدث الخطة الطموحة عن ازدهار الصحراء، بناء مصانع، جامعة أولى في الطور تسمى على اسم السعودي وتشغيل عشرات ألاف العاطلين عن العمل. وسيتعين على السيسي من جهته أن يضمن أن لا تخرب منظمات “الإرهاب” على الخطط، كما كتب.
ولكن ذروة الزيارة، وفقا للمحلل الإسرائيلي، أعلنت فور هبوط الطائرة. فقد عاد الملك السعودي الى المبادرة التي كانت قبل 27 سنة وأعلن عن إقامة جسر بري يربط بين مصر والسعودية، وهو ربط أول بين إفريقيا وآسيا. وليس صدفة أنهما يبقيان في السر نقاط الانطلاق، في مكان ما في جنوب شرم الشيخ وفي طابوق في الصحراء السعودية. جسر بطول 15كم (20 دقيقة سفر) لنقل ملايين الحجاج إلى الأماكن المقدسة في السعودية، تسيير ناقلات النفط، استيراد وتصدير البضائع المعفية من الجمارك.
في عصر ملوك السعودية السابقين، نجحت إسرائيل، التي خافت من أن يشوش ربط بري بين الخليج ومصر عبور القوات والعتاد العسكري، في إحباط إقامة الجسر. فبحيلة سياسية نجحت في إقناع مبارك بتجميد الخطط بدعوى أنها ستمس بالسياحة إلى سيناء. ولكن الشهادات التي انكشفت في نهاية الأسبوع تعرض صورة بشعة للشواطئ، الفنادق ومواقع الترفيه الفارغة من المستجمين.
مصر، كما كتب، مثل السعودية، ستربح من الجسر وفقط. أما في هذه الأثناء فيسكنون عندنا. ليتساءل المحلل الإسرائيلي في الأخير: هل بفضل العلاقات من تحت الطاولة مع القاهرة والرياض، اطلعت إسرائيل على سر الجسر؟